إلى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان
د.أسمهان ماجد الطاهر
29-12-2024 11:12 AM
رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بدأ عمله في القيام بالعديد من الجولات التفقدية، حيث أظهر تفاعلًا إيجابيًا ومؤثرًا في متابعة سير الأعمال من الميدان، مع إصرار على استكمال المساعي التي بدأت ممن سبقه في العمل على تنفيذ برامج الإصلاح السياسي والاقتصادي.
إن إيمانه الراسخ بأن التغيير ليس معجزة، بل نتيجة لتضافر الجهود الجادة، يعكس رغبة حقيقية في إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني.
وفي إطار هذا التوجه الإيجابي، أود أن أقترح على رئيس الوزراء التركيز على ثلاثة محاور أساسية تُعتبر حجر الزاوية في أي خطة إصلاحية شاملة، وهي: مراجعة الأداء في المحاكم، متابعة سير العمل في البنوك، وإعادة هيكلة وتنظيم العمل في شركات التأمين.
في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي يمر بها الأردن، تعد هذه المحاور من الأولويات القصوى التي يجب أن تتعامل معها حكومة الدكتور حسان.
إن تحسين أداء المحاكم، وتعزيز دور البنوك وشركات التأمين، يمكن أن يكون له تأثير بالغ في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي.
يواجه الاقتصاد الأردني تحديات متعددة مثل التضخم، والبطالة، وتذبذب الاستثمارات. ومن هنا تبرز أهمية التركيز على هذه القطاعات الحيوية التي تشكل أسسًا مهمة لنمو الاقتصاد، بحيث يمكن أن يشكل تحسين بيئة العمل في هذه المجالات بداية لتغيير إيجابي واسع.
أولًا: القضاء والمراجعة الدقيقة لأداء المحاكم..
إن إصلاح النظام القضائي يعتبر من أبرز أركان الإصلاح الاقتصادي، فالنظام القضائي الذي يتمتع بالكفاءة والشفافية يساهم بشكل مباشر في تحسين بيئة الأعمال، ويزيد من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
فعندما يتمكن المستثمرون من حماية حقوقهم القانونية بسهولة ويسر، يصبح من الممكن جذب استثمارات أكبر.
كما أن تحسين كفاءة المحاكم يساهم في تقليص البيروقراطية التي قد تؤثر سلبًا على البيئة القانونية في البلاد، وهذه الإجراءات ستساعد في تعزيز الشفافية وتطوير بيئة أكثر استقرارًا من الناحية القانونية، ما يعزز الثقة في الاقتصاد الأردني.
ثانيًا: تعزيز دور البنوك وتحقيق الشمول المالي
فمراجعة عمل البنوك، خصوصًا فيما يتعلق بتوسيع الشمول المالي، تعتبر خطوة أساسية لتحسين الوصول إلى الخدمات المالية لجميع شرائح المجتمع.
من الضروري التركيز على توفير قروض ميسرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى مراجعة القوانين المنظمة للتمويل، بحيث تتماشى مع احتياجات السوق المحلي.
وينبغي أيضًا تشجيع المنافسة بين البنوك المحلية، مما سيسهم في تقليل أسعار الفوائد على القروض، وتقديم خدمات مالية أكثر تنوعًا وملاءمة لاحتياجات المواطنين والمستثمرين، وعلاوة على ذلك، من المهم تعزيز الشفافية في التعاملات المصرفية، وتشجيع الابتكار في المنتجات المالية مثل تقليل تكاليف القروض الرقمية، ما يمكن أن يساهم في تحسين جودة الخدمات المصرفية.
ثالثًا: إصلاح قطاع التأمين، انقطاع التأمين يشكل ركيزة مهمة في ضمان الاستقرار المالي وحماية الأفراد والعائلات، لذا، يجب العمل على تحسين الشفافية في هذا القطاع، وتطوير اللوائح الخاصة به بما يساهم في زيادة الثقة بين الشركات والعملاء.
من المهم أيضًا التركيز على تعزيز التغطية التأمينية وحماية حقوق المساهمين، فضلًا عن زيادة الوعي بفوائد التأمين كأداة لحماية الأفراد ضد المخاطر.
في الوقت نفسه، يمكن تشجيع الابتكار في قطاع التأمين عبر تبني التكنولوجيا الحديثة مثل التأمين الرقمي، مما يسهم في توسيع قاعدة المستفيدين من خدمات التأمين ويقلل من التكاليف التشغيلية.
فمن الأهمية أن يكون هناك تكامل بين الإصلاحات من أجل تعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات.
إن التركيز على تحسين عمل المحاكم والبنوك وشركات التأمين ليس مجرد إجراء تقني بل هو جزء من بناء بيئة أعمال تتسم بالكفاءة والشفافية.
فمن خلال هذه الإصلاحات، يمكن لحكومة الدكتور حسان خلق بيئة مواتية للنمو الاقتصادي المستدام، مما يعزز من فرص جذب الاستثمارات المحلية والدولية.
إن تعزيز الرقابة على هذه القطاعات وتحقيق التنسيق بينها سيؤدي إلى زيادة كفاءة النظام المالي، وفتح آفاق جديدة للاستثمار. كما أن تحسين القضاء سيؤدي إلى تعزيز سيادة القانون، مما يوفر حماية أكبر للمستثمرين ويحفزهم على ضخ المزيد من الاستثمارات في الاقتصاد الوطني.
واخيرا فإن إصلاح هذه القطاعات الحيوية يساهم بشكل مباشر في تحسين الأداء الاقتصادي، وتقليل المخاطر المالية، وزيادة فرص النمو.
إن ربط تنفيذ هذه الإجراءات مع بعضها بحرفية ومهنية، سيساعد في خلق فرص عمل جديدة، وتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد، مما يعود بالفائدة على المواطن الأردني ويعزز من مكانة الأردن كمركز اقتصادي إقليمي. حمى الله الأردن وطنا وملكاً وشعباً.
الرأي