تشير كافة التوقُّعات حول العام 2025 إلى أنه استمرار للتوجُّهات الإيجابية التي يمكن أن يقال عنها توقُّعات تصفيات ربع النهائية للقرن الحالي، والتي من الواضح أنَّ اللاعبين الرئيسيين فيه اقتصادياً لم يتغيَّروا، ولكن أصابهم الإجهاد الاقتصادي، حتى بات التوقُّع أن يكون العقد القادم نهاية سيطرة الكثير من القوى الاقتصادية العالمية في مجالات التجارة، والعملات، والقوة الاقتصادية، والمنعة والصمود الاقتصادي.
التوقُّعات الاقتصادية تشير إلى نموٍّ متواضعٍ خلال العام القادم قد لا يتجاوز متوسطه على المستوى العالمي 2.8%، وهو لا يكاد يختلف عن المتوقَّع للعام الحالي، إلا أنه لا يشكِّل تراجعاً عن زخم الانطلاق إلى الأمام حتى نهاية العقد. أمّا على المستوى المناطقي، فإنَّ التوقُّعات تشير إلى نمو يتجاوز 2.5% في الولايات المتحدة، ونحو 1.5% في القارة الأوروبية، أمّا الصين والهند، وهما الاقتصادان اللذان يقودان ما يزيد على 50% من النمو الاقتصادي العالمي، فمن المتوقَّع أن يصل النمو فيهما إلى 4.5% و7% على التوالي.
وتبقى المنطقة العربية بين المناطق الاقتصادية الناشئة وبمعدل نمو اقتصادي قد يتجاوز 4.5%، تقوده بشكل أساس السعودية والإمارات ومصر. بيد أنَّ التطوُّرات في سورية ولبنان وحتى العراق تشير إلى تحوُّل نوعي في النمو الاقتصادي لتلك الدول، خاصة مع التوقُّع بانطلاق مشروعات كبرى لإعادة الإعمار، وتوجُّهات عالمية لرفع العقوبات، وتقديم الدعم، بل والاستثمار المباشر في سورية ولبنان على الأقل. الصورة تبدو إيجابية في المنطقة العربية، ولكنها تحتاج إلى رجاحة، وحصافة عالية من صُنّاع القرار في توجيه الاستثمارات القادمة نحو القطاعات الحيوية الأكثر توليداً للوظائف، والنمو على حدٍّ سواء. وبالرغم من أهمية قطاعات البنية التحتية من طرق ومواصلات ومياه وطاقة، فإنَّ المنطقة بحاجة إلى استثمارات نوعية ريادية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتطوير التقني، وتوظيف البيانات والمعلومات في خدمات القطاعات الاقتصادية المختلفة.
الطاقة الشبابية في المنطقة تسمح بذلك وأكثر، وتتطلَّب استثمارات مالية ريادية، وإجراءات حقيقية من الحكومات لفتح آفاق الاستثمار الحقيقي، وخاصة في دول المنطقة البعيدة عن النفط والغاز والموارد الطبيعية. الأمل أن يكون 2025 عام انطلاقة حقيقية نحو أفق اقتصادي عربي متقدِّم، بالرغم من تحديات المناخ والطاقة والمديونية والبطالة والتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية. بقي القول: إنَّ السياسات النقدية، وخاصة في مجال أسعار الفائدة، ستكون مُحفِّزة للغاية، ومن المتوقَّع أن يشهد العام القادم ما بين انخفاضين وأربعة انخفاضات في أسعار الفائدة، ما يعني تحفيزاً كبيراً للاقتصادات النامية.
البلاد البحرينية