نتنياهو وإسرئيله مجرمو حرب وأكثر
د.حسام العتوم
29-12-2024 07:48 AM
ما بعد السابع من أكتوبر البطولي 2023 ،وبكل ما حمل من انتقادات إقليمية و دولية ليس كما قبله . و إسرائيل التي أسستها منظمات إرهابية مثل ( شتيرن ، و الهاجاناة ، و الأرجون ) ،و سارت على نهجهم ، و لازالت حتى الساعة ، تخشى الأرهاب بكل صنوفه ، واشتاطت رعبا من اختلاط صورته في الجوار السوري ثم تبين لها بأن لا علاقة معاصرة لنظام دمشق الثوري- المدني الجديد بجذور الأرهاب المتحرك في المنطقة ، وحول الملف السوري على شاكلة تنظيم القاعدة و داعش ؛ و بالمناسبة فإن الأرهاب الذي صنعته إسرائيل و أمريكا في ديارنا العربية و الشرق أوسطية ، و أكدته هيلاري كلينتون في كتابها " خيارات صعبة " ، لم يهاجمها يوما وحتى وسط اشتداد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وعلى لبنان ، و استهداف المواطنين الفلسطينيين شيوخا ، و نساء ، و أطفالا قبل استهداف صنوف المقاومة الفلسطينية الباسلة ، وفي مقدمتهم حماس و الجهاد . وهدف إسرائيل المعلن محاربة ( الأرهاب ؟!) الفلسطيني و حزب الله في جنوب لبنان ، وغير المعلن تسجيل أرقام مرعبة من القتل العمد وسط حرب الإبادة لتتماشى وسياسة مؤسسات خارجية هادفة للتخفيف من عدد سكان العالم كما سمعت وسط مؤتمرات دولية ، و تنفيذ مخططاتها العدوانية صوب التجويع و التشريد ، و عينها على مد رقعة الإستيطان اليهودي غير الشرعي مكان أهل الأرض الفلسطينيين و اللبنانيين الأشقاء . ووزير التراث الحالي عميحاي إلياهو في حكومة نتنياهو طالب بداية الحرب على غزة بتاريخ 5 نوفمبر 2023 بقصفها بالسلاح النووي ، الأمر الذي ذكرنا وقتها بقصف أمريكا لليابان المأساوي بالنووي نهاية الحرب الثانية 1945 من دون وجه حق و مبرر ، و يستغرب مجرم الحرب نتنياهو وصف العرب لحربه الظالمة بحرب الإبادة ؟!
لا يكفي وصف نائب الكينيست أحمد الطيبي لنتنياهو بدكتاتور الشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا ، و الأصل أن وصفه بمجرم الحرب الهارب من عقوبات القانون الدولي عبر محكمة الجنايات الكبرى التي لم تعد تمتلك سلطة حقيقية ، وكل فلسطيني و لبناني استشهد نتيجة عدوان إسرائيل غير المبرر سابقا و الان ،و أعدادهم كبيرة جدا أكثر من 45 ألفا ، يبقى في رقبة نتنياهو و الليكود و إسرائيل ،وسوف يعاقبهم الله سبحانه وتعالى رغم هروبهم من القانون الدولي ، و تحججهما بالسابع من أكتوبر مجرد كذبة كبرى انطلت على الغرب قبل الشرق ،و شخصيا التقيت في الخارج بشخصيات يهودية متأثرة بالدعاية ضد الفلسطينيين في موضوع السابع من أكتوبر ، و المعروف للجميع ، بأن العرب كما دول العالم لم يتفهموا كثيرا قضية أكتوبر ، لكن عمقها الإنساني و التاريخي كبير ، وكبير جدا ، و لو استمعت إسرائيل لصوت الأمم المتحدة وقرارها 242 ، لغادرت الأراضي العربية المحتلة لعام 1967 ، ولفتحت الطريق أمام السلام العادل المنشود ،ولما حدث أكتوبر، فلا سلام من دون تحرير المحتل ، ولا استقرار من غير قيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية أكيد.
وفي المقابل ،ومن يتابع تصريحات نتنياهو يفهم منها و بسرعة ، بأن الرجل ، هذا إن كان رجلا و سياسيا حقا ، غير راغب بسلام حقيقي مع العرب وفقا لمبادرة قمة بيروت لعام 2002 التي أطلق عنانها الأمير / الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله ،و الداعية وقتها لتطبيع كامل مع إسرائيل مقابل إنسحاب كامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 ، وذهب إلى الأمام يقتنص فرص القتال مع كل الدول العربية ، مع دولة فلسطين المنشودة ، ومع دولة لبنان ، و يتحرش بمصر و الأردن ، و يتراشق المسيرات و الصواريخ مع اليمن ،وعاث خرابا في العراق ،و حشر أنفه في السودان حتى تقسم، واغتال رموز المقاومة العربية ، اعتقادا منه ، بأن في مثل هكذا توجه يجلب لإسرائيل الطمأنينة و الأمان ، لكن هيهات ؟ . ويقابل هذه المعادلة أيضا توجه شعبي عربي قومي ويساري لاعتبار كل فلسطين عربية ،وكل القدس أيضا ، وهي حقيقة تاريخية لا مفر منها .
وفي تطورات الملف السوري ، وبعد نجاح ثوار سوريا في إسقاط نظام الأسد ، الذي أثبت إهماله لسوريا وجيشها العربي 24 عاما ، وحاصرته أمريكا بعقوبات طويلة المدى على غرار العراق ، وهو الذي ظهر مترهلا ،وبعد كشف الثورة لخبايا سجون سوريا المرعبة وفي مقدمتها سجن " صيدنايا " المؤسس عام 1987 في عهد الراحل حافظ الأسد صاحب مجزرة حماة عام 1982 بحق الأخوان المسلمين ،و الذي عوقب عليها من قبل الثورة السورية بحرق ضريحه في القرداحة مسقط رأسه ، وبعد فتح ملف ماهر الأسد في تجارة المخدرات الواسعة القاتلة ، إرتعبت إسرائيل ، فقصفت المواقع المتقدمة للجيش السوري و مخازن سلاحه تحسبا و احترازا لكي لا تصل إليها صنوف الأرهاب ، و اعتقادا منها في البداية بأن نظام سوريا الثوري الجديد إرهابي أيضا ، ثم ذهبت بإتجاه جمع المعلومات اللوجستية ،و تحريك أمريكا لتبيان حقيقة نظام دمشق الجديد ، فالتزمت الهدوء ، خاصة بعد تصفية ايران من الأراضي السورية المجاورة . و إذا ما رغبت إسرائيل إلى الأمام بسلام حقيقي مع سوريا بالذات عليها أن تعيد لها جولانها – الهضبة العربية السورية المحتلة ، خاصة و أن هيئة تحرير الشام الحاكمة بقيادة أحمد الشرع – أبي الجولاني غير راغبة بشن حرب على إسرائيل ،و لا الأصطدام مع أية دولة إقليمية أو دولية ، وهي ماضية في بناء سوريا الحديثة بعلاقات عربية ، و شرق أوسطية ، وعالمية متوازنة . و زيارة الوفد الأمريكي ( بارباراليف ،روجر كارستينز ، دانيال روبنشتتاين ) ، لدمشق مؤخرا أكدت ذلك ، والجهد التشاوري لمستشار " الكرملين " للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف مع القيادة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع ، و التي أعلن عنها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للتو ،و أكد من خلالها قول أحمد الشرع ، بأن علاقة سوريا مع الدولة الروسية طويلة و استراتيجية توضح المخفي و المعتم ، وتعطي ضوءا في نفق السلام و التنمية الشاملة.
وما يثير الأستغراب في زماننا هذا هو إستمرار الجهد السياسي لحقبة الرئيس الأمريكي - الديمقراطي المنتهية ولايته جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكين بطريقة الدوران حول النفس في الوقت الضائع بعد خسارة خليفة بايدن كاملا هاريس في الأنتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 و التي ربحها دونالد ترمب عن الحزب الجمهوري وبفارق 4% لصالحه ( 51% مقابل 47% حسب أرقام المجمع الأنتخابي ) ، ومن غير الممكن تصور سلام شرق أوسطي و أمريكا منحازة بالكامل لإسرائيل و تحاور العرب بهدف مغازلتهم و إضاعة وقتهم السياسي ، فالقضية الفلسطينية العادلة لازالت عالقة ، وقضايا العرب الاحتلالية منذ عام 1967 كذلك ، ولازالت الولايات المتحدة الأمريكية متمسكة بنرجسية و ديكتاتورية و فوقية أحادية القطب في زمن تجذيف العالم بقيادة روسيا الاتحادية صوب تعددية الأقطاب شرق و جنوب العالم مع الأبقاء على الباب مواربا تجاه الغرب عندما يصحو الضمير. ولم نسمع كلمة واحدة من الأدارة الأمريكية المنهزمة في الأنتخابات الرئاسية تدين إسرائيل على مجزرتها في غزة و جنوب لبنان ،و على امتهانها حرب الإبادة ، وكأن الغرب يعيش بلا ضمير ، بينما لم تتفق روسيا الأتحادية ، و معها الصين ، و كبريات دول شرق و جنوب العالم مع حرب الإبادة الإسرائيلية و لم يتفهموا السابع من أكتوبر ذات الوقت.