يبدو الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب مولع بالتوسع الجغرافي،وقبل ان يعود الى البيت الابيض اظهر ميولا شديدا لتوسيع حدود الولايات المتحدة الامريكية على حساب كندا وغرينادا وبنما، وربما المكسيك لاحقا، وغيرها من الدول القريبة من الولايات المتحدة الامريكية.
تبلغ مساحة امريكا حوالي تسعة ملايين وثمانمائة وسبعا وعشرين الف كيلومترا مربعا ،بينما تبلغ مساحة كندا سبعة ملايين وخمسمائة وستين الف كيلومترا مربعا،وكلتا المساحتين تبقى اقل من مساحة روسيا البالغة اكثر من سبعة عشر مليون كيلومترا مربعا .
في جعبة ترامب ،او بمعنى اقرب للصحة في خرجه ،افكارا لاعادة تقسيم العالم ورسم خرائط جديدة لهذا الكون ،الذي يرى فيه ترامب ان القوة تستطيع ان تفعل ما تشاء ،تقسم وتلغي الموجود وتنشيء الجديد ،وتنقص وتزيد وتقلص وتوسع ،وتفعل كل شيء ،وربما يعتقد الرئيس ترامب ،ان الوقت حان لانشاء عالم جديد ،يقوم هو بتشكيله وتقطيع مساحة الارض على مزاجه ،كما يقطع قالب الجاتو مثلا،او لوحة الشطرنج،يأخذ ما يشاء ويهب لمن يشاء،وان تقسيمات الحربين العالميتين الاولى والثانية عفا عليها الزمن، ولا بد من اعادتها وتجديدها مرة اخرى ،وهو الذي سيقوم بهذه المهمة العالمية العظيمة.
اعادة تقسيم العالم جغرافيا ،يعني اعادة تقسيمه سياسيا واقتصاديا وعسكريا وامنيا،ولن يتوقف التقسيم عند ازاحة الحدود وتغييرها في اي اتجاه،بل سيتبعه تقسيما ديمغرافيا ايضا ،وينجم عن ذلك تقسيمات دينية وعرقية وقبلية وغيرها الكثير من التقسيمات الجديدة.
لم يحدد ترامب الاهداف التي دفعته للاعلان عن هذا التوجه والرغبة والتفكير بضم كندا ذات المساحة الشاسعة جدا، الى الولايات المتحدة الامريكية ،وكذلك بنما وغرينادا ،وربما في خرجه دولا اخرى سيأتيها الدور،فهل هي اهداف سياسية ام اقتصادية ام امنية ام توسعية فقط ،وهل ستقبل كندا بهكذا طرح ،وتتخلى عن اراضيها وسيادتها واستقلالها وحدودها ،وتذوب وتندمج مع الولايات المتحدة الامريكية وتلغى من خارطة العالم ولم تعد موجودة.
هذا التفكير الذي يصدر عن اقوى دولة في العالم اقتصاديا وعسكريا وصناعيا وتكنلوجيا ،وهي المفروض ان تحفظ التوازن العالمي والسلم والامن العالميين ،وتقف في منتصف المسافة لضبط العلاقات الدولية ،وتكون صمام الامان للنظام العالمي،سوف يثير شهية ونزعة الدول الكبيرة القوية للسيطرة على الدول الصغيرة والضعيفة ،وفي نفس الوقت يظهر تناقضا كبيرا في سياسة الولايات المتحدة الخارجية ،فهي من جهة تقف الى جانب دول صغيرة وضعيفة وتدعمها وتساند استقلالها، بعد ان انفصلت عن امها الكبرى ،مثل تايوان التي انفصلت عن الصين على سبيل المثال،ودول اخرى تم تقسيمها الى دولتين او اكثر،ومن جهة اخرى تسعى الى ضم دول كبيرة اليها.
وهنا تلتقي افكار وخطط ترامب مع خطط وافكار حليفه نتنياهو ،الذي يسعى الى خلق شرق اوسط جديد،وكليهما عنده نزعة توسعية على حساب الدول والشعوب الاخرى،فقد ابدى ترامب تعاطفا شديدا مع اسرائيل بسبب صغر مساحتها وحاجتها الماسة كما قال للتوسع ،فإذا كان ترامب يفكر بضم كندا لبلاده بمساحتها الشاسعة جدا،فان مساحة الوطن العربي كاملا لا تكفي لتوسعة مساحة اسرائيل ،وقد يحتاج ترامب جزء من افريقيا لاضافتها لمساحة اسرائيل مع الوطن العربي لتحقيق تلك التوسعة التي اثارت شجونه لصالح اسرائيل.
كيف سيكون شكل العالم خلال السنوات الاربع القادمة برفقة الرئيس ترامب ،سؤال اصبح يتردد في ذهن كل انسان على هذا الكوكب،وهل سيعود زمن الاستعمار وتقاسم الدول الاخرى بين الكبار، واعادة الرسم والتوزيع والتقسيم ،وتلغى المؤسسات الدولية القائمة ،ويعاد بناءها من جديد ،بما يتوافق مع التقسيمة الجديدة ،الاشهر القادمة سوف تفتح الابواب على اجابات شافية.