عندما يرحل كبار القضاة نستذكر سيرهم القضائية كمنارات للحكمة ترسل اشعاعات نيرة لمسيرة الشباب الرواد من رجالات القانون، وعندما يرحل هؤلاء نفتقد أنسهم ومجالستهم والنهل من علمهم وخبراتهم وتجاربهم .
قد لا نرثي اليوم وزيراً سابقاً فحسب، بل نرثي رمزاً في القضاء والنزاهة والخلق ، ورمزاً في سيرة الوطن القضائية الخيرة له ولأمثاله من كبار القضاة ، أمثال ، علي مسمار ، موسى الساكت ، ونجيب الرشدان ، وغيرهم الكثير .
أفضل ما كان يسر أبو محمد لقب " قاضي " لحبه للقضاء وتاريخه الطويل معه بالمحاكم أو المحاماة ، فكان يستمتع بشجون الحديث بالسيرة القضائية ، ويستذكر بعض مواقفه بإحقاق الحق إنصافاً وإرضاءاً لرب العالمين .
تأسرك شخصيته في الحوار الهادئ المتوازن ، وكاريزما ذاتية لافتة ، خصوصاً في الجلسات ذات العلاقة بالقانون والقضاء ، ولولا أن تخاف أن تثقل عليه لأطلت الجلوس معه حتى تختزن الكثير من عمق فكره وتجربته القضائية الفريدة ، ودون أن يمس أي شخصية بأي لغط ،وكان هذا الأسلوب عنده من المحرمات .
لقد شكل القاضي مساعده أنموذجاً دافئاً بالعمل والعطاء والحوار في جميع المواقع التي أشغلها ، وكان ديدنه العمل بصمت دون أن يمن أو يستأثر .
رحمه الله رحمةً واسعةً وأدخله فسيح جناته .