قراءة في تفكير مراكز الأبحاث الأردنية حول الأحزاب
المحامي عدي الربيعات
28-12-2024 12:51 PM
على ضوء ما تناقلته وسائل الاعلام المحلية حول قراءة بعض مراكز الأبحاث الأردنية التي اجرت تقييما للانتخابات النيابية الاخيرة ونظرة المواطن للتصويت للأحزاب، فقد دلت النتائج ان 225 ألف ناخب وضع ورقة بيضاء للأحزاب، اي انه شارك بالانتخابات وصوت للقوائم المحلية وقاطع الأحزاب، فما هي الدلالات التي يمكن ان نستشفها من وراء ذلك التصرف المجتمعي، فعلاوة على المقاطعة الشعبية الكبرى للانتخابات حيث ان بحدود 70 بالمئة من الذين يحق لهم التصويت قد قاطعوا الانتخابات، الا ان هناك مقاطعة داخل المقاطعة فيما ذكر اعلاه اي للأحزاب.
في قراءة هادئة وتحليله، يرى الكثير من المراقبون الى ان الحزبية والتحزب في بلد كالأردن يصعب ان تنجح، وذلك لاعتبارات بنيوية واجتماعية وديموغرافية، فالأردن بطبعه وتكوينه الاصلي بلد يتصف بالبداوة، حيث كانت القبائل هي التي تحكمه في الاربعمائة سنة ابان الحكم العثماني، فمن الصعب على بلد بهذه المواصفات والانتماءات القبيلة ان تنجح به الاحزاب، الا ان الحكومة الاردنية وبتوجيهات ملكية سامية ارادت تنفيذ افكار لتحديث المنظومة السياسية والاجتماعية، ولان الاردن ما زال يرتبط بفلسطين وجدانياً وعاطفياً، وهم اهلنا، فما زالت قضايا الحل النهائي لم تكتمل بعد، مثل الحدود والدولة الفلسطينية وحق العودة والتعويض واللاجئين، ولذلك كان عسيرا على الاردن ان يتخلى عن منظومة التحديث، وبذات الوقت يود ان يدخل الى عصر الرقمنة الحديث والديموقراطية بفكر منفتح، الا ان احجام المصوتين عن المشاركة الفعلية في الانتخابات الاخيرة، وخروج اكثر من 70 بالمئة من الناخبين عن المشاركة الفعلية بالانتخابات ادى بالمراقبين ان يتوقفوا كثيراً في الابحار والتأمل في حال المجتمع، فهل عدم المشاركة الفاعلة جاء نتيجة عدم ايمان الاغلبية بنظرية التحديث السياسي، وهم يعيشون في ظروف سيئة من الناحية الاقتصادية وقلة الرواتب والغلاء، او عدم المشاركة الفاعلة كان لعدم ايمان الاغلبية في جدوى العملية الانتخابية ومجلس النواب، ام طبيعة تكوين المجتمع الأردني ، ام ان نصف الشعب ما زال في انتظار حسم قضية الهوية والوطن والحلول النهائية لدور الاردن في الملفات الساخنة الإقليمية.
وهذا ما يفسر جهد جلالة الملك الدائم بإصراره في جميع المحافل الدولية والعربية على اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وعلى رفض الوطن البديل، ويسانده في ذلك وزير الخارجية الدؤوب والنشط الذي ينتقل من عاصمة الى اخرى ناقلاً وجهة نظر الاردن بان لا حل الا بإقامة دولة فلسطينية ، وتثبيت الفلسطينيين في ارضهم، من هنا فان منتسبي الاحزاب في عموم الاردن لم يتجاوزا في حدهم الاعلى 90 الف متحزب في اكثر من 40 حزب، ولذا ما زالت مراكز الابحاث المعنية في الاردن بالخارج تصدر بعض التقارير التي تبحث في تجربة الحزبية والاحزاب في الاردن ونسب الانتخاب المتدنية والديمقراطية الاردنية وشكل البرلمان، خصوصا بعد ان قامت الحكومة الجديدة بتوزير بعض رؤساء الاحزاب وتهميش بعضهم الاخر واستقالة البعض من الاحزاب، فهل كانت الحكومة تعي هذه الحالة الحزبية في قراراتها؟، نتمنى ان تحل القضايا العالقة في كل الاتجاهات وان تتجذر الديمقراطية الحقيقة في بلادنا وتركز الحكومات المتعاقبة على رفاه المواطن الاردني وتعميق الديمقراطية.
حمى الله الاردن شعبا وقيادة..
* المحامي عدي الربيعات/ باحث قانوني
Rbeaatoday@gmail.com