وزارة الخارجية خطوة في الاتجاه الصحيح
السفير الدكتور موفق العجلوني
28-12-2024 12:22 PM
صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء المتعلق بتعديل نظام السلك الدبلوماسي للعام ٢٠٢٤ حيث تضمن التعديل: تعيين وزير دولة للشؤون الخارجية. كما تتضمن التعديلات إلغاء مسمى أمين عام الوزارة للشؤون الدبلوماسية والمغتربين، وأمين عام الوزارة للشؤون الإدارية والمالية، والاكتفاء بمسمى الأمين العام، ودمج وحدة الموارد البشرية بالتطوير المؤسسي.كما تتضمن آلية تسمية أي من السفراء أو الوزراء المفوضين في مركز الوزراء، كسفراء غير مقيمين في الدول التي لا يوجد فيها بعثات مقيمة، وتنظيم مهامهم وسائر الشؤون المتعلقة بعملهم.
يعتبر هذا التعديل الذي طرأ على نظام السلك الدبلوماسي ٢٠٢٤ خطوة هامة في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز القدرة التنافسية والفعالية في عمل الدبلوماسية الأردنية هذه الدبلوماسية الراقية التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله. هذا التعديل، الذي جاء في إطار رؤية شاملة لتحديث الأداء الدبلوماسي، يعكس تطلعات الوزارة لتطوير أدائها على المستوى الإداري والدبلوماسي، وكذلك تعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي.
لا شك يعود الفضل لمعالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين، السيد أيمن الصفدي، في هذا التعديل الهام. وبفضل توجيهاته الحكيمة ورؤيته الاستراتيجية، استطاع نظام السلك الدبلوماسي أن يشهد تحديثاً يواكب التحديات العالمية ويعزز قدرة المملكة على التأثير الإيجابي في مجريات الأحداث الدولية. كانت توجيهات الوزير الصفدي واضحة في أهمية تطوير الكوادر الدبلوماسية ورفع كفاءتها لتكون قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية بثقة وكفاءة. فقد حرص على أن يتم تحديث النظام بما يتماشى رؤية جلالة الملك حفظه الله، مما يسمح للوزارة بتوظيف أفضل للمواهب الدبلوماسية الأردنية، ويضمن تمثيل المملكة في المحافل الدولية بشكل يعكس عراقتها وأهدافها.
هذا التعديل يذكرني عندما تم تعين وزير دولة لشؤون وزارة الخارجية بوجود وزير للخارجية. و عندما اتصلت بوزير الدولة للشؤون الخارجية ... لمسألة تتعلق بوزارة الخارجية حيث باشر مهامه كوزير دولة للشؤون الخارجية أعلمني بالحرف الواحد " والله على ما أقول شهيد " ، ان وزير الخارجية ... لم يتنازل عن اية مسؤوليات له . وبالتالي لعدم حدوث إشكالات في وزارة الخارجية بين الوزيرين ...، تم تعديل المسمى من وزير دولة للشؤون الخارجية الى وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء. " سبحان مغير الأحوال، يغير من حال الى حال "...!!!
من هنا وحرصاً من معالي الوزير أيمن الصفدي على عمل وزارة الخارجية وشؤون المغتربين والذي اثبت جدارة في إدارة دفة وزارة الخارجية في الداخل والخارج، وجد ان الوزارة وفي ظل الظروف الحالية بحاجة الى وزير دولة لشؤن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، من هنا جاء تعديل نظام السلك الدبلوماسي.
أما على صعيد الدور الإداري والتنفيذي، فقد لعب الأمين العام لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين عطوفة السفير ماجد القطارنة دوراً بارزاً في ضمان تنفيذ هذا التعديل بالشكل الأمثل. وكان للأمين العام دور محوري في التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، والعمل على تطبيق الإصلاحات بشكل يتسم بالفعالية والشفافية. إن إشرافه على سير عملية التحديث وضمان الالتزام بالمعايير المهنية قد أسهم بشكل كبير في نجاح هذه الخطوة. حيث عكس عمله روح التعاون والتنسيق، مما ساعد في تذليل العقبات وتيسير عملية التنفيذ.
التعديل الأخير لنظام السلك الدبلوماسي يعكس التزام الأردن بتطوير آليات العمل الدبلوماسي وتحديث أساليب تمثيله الخارجي. من خلال هذا التعديل، سيكون لدى المملكة القدرة على استقطاب الكفاءات الدبلوماسية المتميزة وتزويدها بالأدوات اللازمة لتحقيق النجاح على المستويات الدولية. من جهة أخرى، يفتح هذا التعديل الباب أمام تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة، بما يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية للمملكة.
إن تعديل نظام السلك الدبلوماسي لعام ٢٠٢٤ يعد إضافة هامة تعكس رغبة الأردن في مواكبة التطورات العالمية وتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية. إن الدور القيادي لمعالي الوزير أيمن الصفدي ومعالي وزير الدولة لشؤون وزارة الخارجية الدكتورة نانسي نمروقة وعطوفة الأمين العام لوزارة الخارجية وأصحاب السعادة مدراء دوائر وزارة الخارجية وسفراؤنا في الخارج، وروح عمل الفريق الواحد لجهاز وزارة الخارجية، يعكس الالتزام الكامل بتعزيز الدبلوماسية الأردنية على المستوى الوطني وتحقيق رؤية المملكة على الساحة الدولية. وانا على يقين كدبلوماسي وسفير لأكثر من ٣٠ عام في وزارة الخارجية، أن هذه الخطوة ستسهم في تعزيز دور وزارة الخارجية ورفع قدرتها على المستوى الدبلوماسي والإداري.
إن تعزيز الدور الدبلوماسي للمملكة الأردنية الهاشمية على الساحة الدولية يتطلب اتخاذ خطوات استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة الأداء الدبلوماسي وتوسيع نطاق العلاقات الخارجية مع دول العالم. وفي هذا السياق، يمكن تسليط الضوء على أهمية وجود وزير دولة لشؤون وزارة الخارجية وتعيين سفراء من المركز في الدول التي ليس فيها سفير مقيم، خاصة في ظل التطورات العالمية الحالية التي تستدعي تحديثاً مستمراً لآليات العمل الدبلوماسي.
إن وجود وزير دولة لشؤون وزارة الخارجية يعكس التزام الأردن بتطوير هيكل مؤسسي يضمن تمثيلاً رفيع المستوى للمملكة على الصعيد المحلي وخاصة في ضوء الانشغال الدائم لمعالي وزير الخارجية في المحافل الدولية، ويضمن توجيه السياسات الدبلوماسية وفقاً لرؤية استراتيجية تنسجم مع تطورات العالم.
بنفس الوقت تعتبر الوزيرة نانسي حلقة وصل أساسية بين وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الأردن والبعثات الدبلوماسية الأردنية في الخارج، ولها دور محوري في التواصل مع الوزارات والمؤسسات الحكومية في الداخل.
أما تعيين الدكتورة نانسي نمروقه وزير دولة لشؤون وزارة الخارجية يعكس إيمان القيادة الهاشمية والتي نسير على هديها في دبلوماسيتنا الاردنية وسياستنا الخارجية بدور المرأة في القيادة، ويعزز تمثيل المرأة في المناصب الرفيعة داخل الدولة وخارجها. هذا التوجه لا يقتصر على تعزيز الصورة الداخلية للأردن، بل يساهم في تقديم نموذج يحتذى به على المستوى الدولي.
وهذا ما أشار اليه دولة السيد سمير الرفاعي رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، أثناء مشاركته بمؤتمر المرأة في الأحزاب السياسية في المنطقة العربية والذي عقد عي عمان بتاريخ ٢٩ تموز ٢٠٢٤ :" حرص جلالة الملك عبدالله الثاني الدائم، وخاصة في كتاب تكليفه لرئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في تعزيز دور المرأة كأحد مهام اللجنة الأساسية وتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، حيث شغلت الأردنيات أرفع المناصب السياسية والدبلوماسية، مؤكدا أن المرأة الأردنية تشكل فخرا لنفسها وللأردن كما هو شأن المرأة العربية أيضا. وأن الأردن سبق الكثير من الدول في منح المرأة حقوقها السياسية ودليل على ذلك وجودها في مواقع قيادية. "
تمثيل الأردن من خلال شخصية قيادية مؤهلة في وزارة الخارجية مثل معالي الوزير أيمن الصفدي والى جانبه وزير دولة للشؤن الخارجية ممثل بالدكتورة نانسي نمروقة يساعد على تحسين التواصل مع الدول والمنظمات الدولية، مما يعزز التعاون والتفاهم المتبادل.
أما تعيين سفراء من المركز في الدول التي لا يوجد فيها سفير مقيم، فيعد هذا خطوة عملية وفعالة تسهم في تعزيز العلاقات مع هذه الدول دون الحاجة لإنشاء سفارات دائمة فيها. هذا التوجه يوفر للمملكة القدرة على الاحتفاظ بعلاقات دبلوماسية قوية مع دول لا تحظى بوجود دبلوماسي مستمر، مما يعزز تأثيرها على المستوى العالمي. وتعيين سفراء من المركز يمثل حلاً فعالاً من حيث التكلفة، حيث يمكن تجنب التكاليف الباهظة التي ترافق إقامة بعثات دبلوماسية جديدة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على تمثيل دبلوماسي رفيع المستوى. ومن خلال تعيين سفراء من المركز، يمكن للأردن أن يفتح قنوات دبلوماسية مع هذه الدول ويعزز علاقاته الاقتصادية والثقافية معها.
في ظل التحولات المستمرة في السياسة الدولية، يمكن لسفراء المركز التحرك بسرعة أكبر وتقديم استجابة مرنة لاحتياجات العلاقات مع الدول التي لم يكن لها تمثيل دبلوماسي دائم، مما يسهم في الحفاظ على استمرارية التواصل والتنسيق. ومن خلال تعيين سفراء من المركز، يمكن للأردن أن يعزز تمثيله في عدة دول في وقت واحد دون الحاجة للانتظار حتى يتم تعيين سفير مقيم لكل دولة على حدة. هذا يسهم في تحقيق التوازن بين الاحتياجات السياسية والموارد المتاحة.
وختاماً، وجود وزيرين في وزارة الخارجية وشؤون المغتربين يعزز من فاعلية الوزارة، ويوفر تنسيقًا أفضل بين مختلف مجالات السياسة الخارجية. يعد ذلك خطوة مهمة لضمان الأداء الجيد في العلاقات الدولية وإدارة شؤون المغتربين، حيث يمكن التفاعل مع القضايا الداخلية والخارجية بشكل أكثر تخصصًا، مما يساهم في تعزيز مكانة الاردن على الساحة الدولية.
* السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام /مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me
AI4Diplomacy.com