ايران وقطاع غزة: عودة مُنتظرة وسط مأزق إقليمي ودولي
م. وائل سامي السماعين
27-12-2024 11:37 PM
لا يمكن لأي مراقب أن ينكر أن إيران تنتظر بفارغ الصبر وقفًا لإطلاق النار أو هدنة في غزة، وذلك وفق شروط محددة تضمن عودة سيطرة حماس والجهاد الإسلامي وبقية الفصائل الفلسطينية على القطاع، بعيدًا عن أي دور للسلطة الفلسطينية. الأهم بالنسبة لإيران هو ضمان سيطرة حماس على محور فيلادلفيا، ما سيفتح الباب مجددًا أمام تدفق السلاح والمال إلى الفصائل المسلحة، وتعزيز النفوذ الإيراني في القطاع.
إسرائيل والولايات المتحدة تواجهان مأزقًا حقيقيًا؛ إذ إن قبول شروط حماس لوقف إطلاق النار يعني بشكل مباشر عودة إيران إلى الساحة في غزة. هذا السيناريو أكدته مؤخرًا تصريحات وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي شدد على أن محور المقاومة مستمر ولن يتوقف، حتى في حال خروج سوريا من دائرة المقاومة.
في حديثه للتلفزيون الإيراني بتاريخ 9 ديسمبر 2024، أوضح عراقجي أن المقاومة ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي "هدف مثالي" يستحيل تدميره. وأضاف أن حزب الله يمتلك من الأسلحة والمعدات ما يمكنه من الصمود لأكثر من عامين، وأن التطورات في سوريا لن تضعفه بأي شكل من الأشكال. كما أكد أن فكرة ضعف المقاومة هي "وهم خاطئ"، وأن إيران ستواصل دعم حلفائها، سواء في لبنان أو غزة أو أي ساحة أخرى.
تصريحات عراقجي الأخيرة تجدد التأكيد على التوجه الإيراني المستمر للتدخل في شؤون الدول العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. هذا النهج الإيراني لا يسهم فقط في تعقيد الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة، بل يعطل الجهود العربية والدولية الرامية لإحلال السلام، وتوجيه الطاقات نحو تحقيق التنمية والازدهار للشعوب العربية.
في ظل هذا المشهد المعقد، تبدو المنطقة مقبلة على مزيد من التوترات والتحديات، حيث تستمر المصالح الإيرانية في التداخل مع الملفات الإقليمية الساخنة، وعلى رأسها قطاع غزة. هذا التشابك يعقّد أي جهود حقيقية للتوصل إلى حلول سلمية مستدامة، ويزيد من احتمالات استمرار أعمال العنف والاضطرابات في المنطقة.
علاوة على ذلك، فإن هذا الوضع يُعرقل الجهود العربية والدولية الرامية إلى إحلال السلام والاستقرار، ويحدّ من فرص التركيز على التنمية والازدهار الاقتصادي. وبالتأكيد، ستنعكس هذه التحديات سلبًا على المساعي الكبيرة التي تقودها المملكة العربية السعودية، والتي تستثمر مليارات الدولارات في تطوير بنيتها التحتية وتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية رائدة .
إن استمرار هذا الوضع المتأزم لن يُلحق الضرر بالأمن الإقليمي فقط، بل سيؤدي أيضًا إلى تباطؤ تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى التي تمثل ركيزة أساسية لرؤية السعودية الطموحة نحو تحقيق الريادة العالمية في قطاع السياحة والاقتصاد المتنوع , وسيبقي نزيف الدم لشعوب المنطقة مستمرا .