اسرائيل تحتفل بسقوط نظام الأسد
د. بركات النمر العبادي
26-12-2024 02:05 PM
ما حدث في سوريا يبدو انه كان نتيجة ترتيبات معقدة بين القوى الكبرى ، حيث وظفت الولايات المتحدة استراتيجية قائمة على الضغوط الاقتصادية، الدعم العسكري غير المباشر، والتفاهمات الدبلوماسية مع روسيا وغيرها من الدول مثل روسيا و تركيا و الصين ، في حين أن المعارضة المسلحة لعبت دورًا في السقوط ، فإن هذا الانهيار كان ممكنًا فقط بسبب تلك التفاهمات التي استهدفت تفكيك النظام من الداخل ، وبهذا تفادت الولايات المتحدة المواجهة المباشر مع القوى الكبرى ولا ترغب في الدخول معها مباشرة في صدام قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق كما انها ارادت الحفاظ على التوازن الإقليمي ، فسقوط الأسد بهذه الطريقة يتيح إعادة تشكيل النظام دون تعريض المنطقة للفوضى الشامل ورغبة امريكا في استجلاب التكلفة المنخفض باستخدام هذة التفاهمات السرية والتكتيكات غير المباشرة ويقلل التكلفة البشرية والمالية مقارنة بالحروب التقليدية.
ولكن السؤال الكبير هو، أين تكمن مصلحة اسرائيل في كل ذلك بالرغم من ان الحدود بين دولة الكيان و سوريا والجبهات على طول الحدود كانت هادئة منذ اكتوبر عام 1973 ؟ .
إسرائيل لديها مصالح استراتيجية واضحة في سوريا ، وسقوط نظام بشار الأسد ، سواء أتى عبر ترتيبات دولية أو بضغط مباشر وغير مباشر، يمكن أن يخدم أهدافها إذا تحقق ذلك وفق مصالحها ، وتوائم ذلك مع دوافعها ومصالحها في هذا السياق:
-الهدف الاول والاهم/ لإسرائيل هو تحجيم إيران: إيران تستخدم سوريا كجسر لإمداد حزب الله بالأسلحة المتطورة ، خاصة الصواريخ الدقيقة ، مما يشكل تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل ، وسقوط الأسد قد يضعف لا بل ينهي الوجود الإيراني في سوريا ، خاصة أعقاب تشكيل حكومة جديدة تحت رعاية دولية تمنع إيران من تعزيز نفوذها، وإذا خرجت إيران من المعادلة، ستتمكن إسرائيل من تقليص خطر التهديدات المباشرة على الجبهة الشمالية ، ولهذا شنت إسرائيل عشرات الهجمات على مواقع إيرانية ومنشآت أسلحة داخل سوريا بعد سقوط النظام ، وتعتبر أن سقوط الأسد قد يخلق وضعًا أمنيًا أفضل لتجنب هذه التهديدات.
-الهدف الثاني/ تفكيك محور "المقاومة": نظام الأسد كان ركيزة أساسية لمحور "المقاومة" الذي يضم إيران، حزب الله، وحماس ، بسقوطه يتعرض هذا المحور لضربة كبيرة ، ويصبح التنسيق بين أطرافه أكثر صعوبة ، خاصة إذا فقدت إيران موطئ قدمها الرئيسي في سوريا.
-الهدف الثالث / منع الفوضى المطلقة: إسرائيل لا تريد انهيارًا كاملًا يؤدي إلى فوضى شاملة في سوريا ، لأن ذلك قد يفتح المجال لجماعات متطرفة مثل "داعش" أو "القاعدة" للتمركز قرب حدودها ، لذلك، من مصلحة إسرائيل وجود نظام سياسي جديد "قابل للتفاهم" ومدعوم من الغرب أو القوى الإقليمية المعتدلة ، مما يضمن حدودًا أكثر أمانًا.
- الهدف الرابع / تحسين العلاقات مع العالم العربي: إسرائيل حققت اختراقات كبيرة في علاقاتها مع الدول العربية (اتفاقيات إبراهيم)، وسقوط نظام الأسد قد يفتح المجال أمام شراكة أوسع مع دول مثل السعودية وتركيا ، اللتين لطالما كانتا على خلاف مع الأسد ،ووجود نظام سوري جديد غير معادٍ لإسرائيل قد يُسهم في تقليص حالة العداء الإقليمي ضدها.
- الهدف االخامس / استغلال التفاهمات الدولية: إسرائيل قد تكون استفادت من التفاهمات الأمريكية-الروسية ، لضمان أن سقوط النظام لن يؤدي إلى تهديد أمني مباشر ، وكذلك التعاون الاستخباراتي بين إسرائيل وواشنطن قد ساهم في استهداف دقيق للبنية التحتية العسكرية للنظام الإيراني داخل سوريا.
- الهدف السادس / الاتحفاظ بالجولان: سقوط الأسد يُضعف أي مطالب محتملة باستعادة هضبة الجولان ، التي تعتبرها إسرائيل "جزءًا من أمنها الاستراتيجي" ، و أي نظام جديد في سوريا، خاصة إذا كان مدعومًا من الغرب ، قد يكون أقل تركيزًا على قضية الجولان مقارنة بالنظام السابق.
- الهدف السابع / توجيه رسالة ردع لإيران وحزب الله: سقوط الأسد قد يكون بمثابة رسالة واضحة لطهران وحزب الله بأن التحالفات الدولية قادرة على تفكيك نفوذهم في المنطقة ، تقليص التهديدات الإيرانية في سوريا قد يتيح لإسرائيل التركيز على مواجهة حزب الله في لبنان دون الحاجة إلى القلق من جبهة سورية قوية.
خسارة سوريا كبيرة على مستوى الدولة السورية والعرب لفقدانها لعدد يقدر باكثر من ثلاثمائة عالم سوري متخصص في مختلف العلوم العصرية و الحساسة ، الامر الذي له عواقب وخيمة في المستقبل، وهنا اشير الى ان التاريخ يعيد نفسه، فمثلاما حدث في العراق قبل اعوام عشية اغتيال صدام حسين البطل هاهو يحدث في سوريا اليوم ، ومن المؤكد ان وراء هذه الاغتيلات اعداء الامة وعلى رأسها العدو الاسرائيلي و اعوانة من قوى الشر و الغطرسة ، اسرائيل هي المستفيد الاول و الاخير من نكبات الامة العربية و الاسلامية المتوالية على راس العرب دولة تلو الاخرى، و اليوم العرب كل العرب معنيين بما يحدث في سوريا، ومثقفين العرب و المسلمون مدعون لتوعية الامة من المخاطر التي تحاك ضدهم سواء اكانوا حكام او محكومين .
حمى الله الاردن و سائر بلاد العرب و المسلمين ..
*النائب السابق / د. بركات النمر المهيرات العبادي.