facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نوابغ العرب


صالح سليم الحموري
25-12-2024 12:02 PM

إشراقة جديدة لإحياء المجد العربي، منذ الأزل، كانت المنطقة العربية مهدًا للحضارات ومنبعًا للفكر والإبداع، حيث أسهمت عقول عربية لامعة في تقدم الإنسانية على مر العصور. من ابن سينا الذي أحدث ثورة في الطب، إلى الخوارزمي الذي وضع أسس علم الجبر ومهد الطريق للذكاء الاصطناعي، مرورًا بالفارابي الفيلسوف الذي أثرى الفكر الإنساني، وصولًا إلى أحمد زويل الذي أبدع في الكيمياء وحاز جائزة نوبل. ورغم هذا التاريخ العريق، تبدو هذه الإنجازات وكأنها تُنسى وسط زحمة التحديات التي تعصف بالعالم العربي.

"إلى أمتي التي أهدت العالم العلوم ثم سهت عن نفسها"؛ بهذه الكلمات نستحضر الحاجة الملحة إلى إعادة إحياء الإبداع العربي وتسليط الضوء عليه. ومن هنا وُلدت فكرة "جوائز نوابغ العرب"، وهي مشروع طموح يهدف إلى أن يكون منصة عالمية تحتفي بالابتكار والإنجازات العربية في شتى المجالات، تمامًا كما تفعل جائزة نوبل، لكن بنكهة عربية تعكس ثقافتنا وإرثنا الحضاري.

في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المنطقة، تأتي هذه الجائزة كأداة لبناء الثقة بالنفس العربية، وإبراز الوجه الحقيقي للأمة العربية كمصدر للمعرفة والإبداع. الهدف من "جوائز نوابغ العرب" لا يقتصر على تكريم الأفراد المبدعين فحسب، بل يتعداه إلى إلهام الأجيال الشابة وتشجيعهم على الابتكار، ليصبحوا جزءًا من رحلة النهضة العربية الجديدة.

تتمحور الجائزة حول ست مجالات رئيسية: العلوم الطبيعية، والطب، والأدب والفنون، والاقتصاد، والهندسة والتكنولوجيا، والعمارة والتصميم. وتحمل الجائزة اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رمز الإنجازات الاستثنائية في العالم العربي. تبلغ قيمة الجائزة مليون درهم، تُخصص لدعم الأبحاث والمشاريع الابتكارية، وهي تعبير عن التزام قيادي بدفع عجلة التقدم العلمي والثقافي في العالم العربي.

صُممت الميدالية الخاصة بالجائزة بأيادٍ عربية مبدعة، لتعكس عمق الهوية الحضارية العربية وترمز إلى الإرث الذي بنى أسس النهضة الإنسانية. إنها ليست مجرد جائزة، بل رسالة تحمل الأمل والطموح في إعادة صياغة صورة العرب عالميًا.

للحصول على هذا التقدير، يجب أن يتحلى المرشح بسمات استثنائية. فهو ليس مجرد فرد ناجح في مجاله، بل قائد مُلهم يُجسد الهوية العربية من خلال تأثيره الإيجابي على المجتمع. يجب أن يتميز المرشح بقدرته على التفكير الإبداعي، وأن يقدم حلولًا مبتكرة للتحديات في مجاله، وأن يكون مثالًا يحتذى به في تحقيق التميز ودفع عجلة الحضارة. كما يُشترط أن يساهم بأفكاره وأعماله في رسم ملامح المستقبل، وأن يُلهم الآخرين للإيمان بقدرتهم على تحقيق المستحيل.

إن "جوائز نوابغ العرب" لا تهدف فقط إلى تكريم الأفراد المبدعين، بل تسعى إلى تحقيق أثر عميق في المجتمع العربي. من خلال الاحتفاء بالإنجازات العربية، تسهم الجائزة في تعزيز الهوية الثقافية وإبراز صورة العرب كروّاد في الإبداع والحضارة. كما أن استقطاب العقول المهاجرة يشكل جزءًا من رؤيتها، حيث يمكن أن تكون الجائزة حافزًا للكفاءات العربية المغتربة للعودة والمشاركة في بناء مستقبل مشرق للمنطقة.

وبينما تتوالى الدورات السنوية لهذه الجائزة، يمكن أن تتحول إلى منصة تقود حركة معرفية عربية شاملة، تضع العرب مجددًا في مقدمة الركب الحضاري. الحلم الأكبر هو أن تصبح "جوائز نوابغ العرب" رمزًا عالميًا يُضاهي جائزة نوبل، لكن بتوقيع عربي فريد يعكس أصالة إرثنا الثقافي والحضاري.

إن إطلاق "جوائز نوابغ العرب" ليس مجرد مشروع احتفالي أو مبادرة تكريمية، بل هو نداء يحمل في طياته رسالة أمل ودعوة للأمة العربية لاستعادة مكانتها الريادية بين الأمم. فالعقل العربي الذي أثرى العالم بالمعرفة والإبداع لا يزال قادرًا على العطاء، لكنه يحتاج فقط إلى الفرصة والإيمان.

فلنصنع من هذا الحلم واقعًا يضيء دروب الأجيال القادمة، ولنجعل من إنجازات اليوم أساسًا لمستقبل أكثر إشراقًا. ولعلنا اليوم نحتفي بأحد هذه النماذج المشرقة، البروفيسور عمر ياغي من الأردن، الذي حصل على الجائزة في فئة العلوم الطبيعية، تقديرًا لإسهاماته المميزة.

مبروك للبروفيسور ياغي ولكل الفائزين الذين يجسدون بإنجازاتهم الروح المتجددة للفكر العربي، ويعيدون صياغة صورة العرب كصناع للحضارة والمعرفة. فلنستمر في بناء هذا الحلم ونمد جذور الإبداع العربي لتُثمر أجيالًا تواصل المسيرة وتُعلي راية التميز.

* خبير التدريب والتطوير كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :