حين تهدأ الأسود يعلو صوت "الببغاوات" بالخراب
صالح الراشد
24-12-2024 02:12 PM
كلمات قالها السير الإنجليزي ونستون تشرشل صمدت لسنوات طوال، لوصفها الحال العربي المؤلم حين قال: "حين تصمت النسور تبدأ الببغاوات بالثرثرة"، وفي الزمن الحالي حين صمتت أسود الأمة وتوقفت مرحلياً عن الزئير إزدادت أعداد الببغاوات التي تثرثر وتطلق تصريحاتها في شتى الاتجاهات، دون مراعاة لخطورة ثرثرتها على أمن الغابة وحياة بقية الطيور كونها تدل الصيادين على مواقعهم، وفي العصر الحالي ظهر نوع أخطر من ببغاوات الغابة وهم ببغاوات الأوطان الدخيلين على السياسة، الذين بسوء كلامهم وقلة أفعالهم يمنحون الصياد القاتل المُحتل لأوطانهم الذريعة والحق في قتل أبناء الوطن لأجل بقائهم في سدة الحكم.
فالببغاوات العربية الحالية كثيرة ومتعددة الأنواع والألوان بل ان الكثير منها تتلمذوا في مدرسة الحرباء ليغيروا لون فكرهم ونهجهم حسب المصالح والأوامر، لتكون محصلة كلماتهم دون فائدة، فالشجب والاستنكار لا تنقذ الأوطان ولم تحمِ الأرواح التي أزهقت بالقصف الاسرائيلي على غزة ولبنان وعديد مدن الضفة، وثبت للشعوب ان الشجب والاستنكار سلاح الببغاء العاجز الجالس على شجرة في عتمة الليل يبحث عن فريسة، لنستمع في عصر الانفتاح لتصريحات لا تخرج إلا عن جهلة لكن ولأجل المنصب يتجاوز بعض الببغاوات قمة الجهل صوب السقوط المريع، لنجد أن هذه النوعية تجب محاكمتها بتهمتي العمالة والجهل، وكلاهما يشكلان كارثة وطنية ويساهمان في نشر الرعب والخوف عند أبناء الوطن الواحد.
لقدت ارتمت العديد من حمائم الأوطان في أحضان الصقور الأعداء بحثاً عن الأمان من بقية حمائم الأمة بعد أن غَيَبَ الموت صقورها بالاغتيال والتصفية والإبعاد، فيما بقية الصقور تبحث عن البقاء على قيد الحياة وتحمي أرضها ومخيمها وتسعى لمواجهة صقور الأعداء، لكنها تلاقي الموت بأيدي حمائم تحمل جيناتها ولا تملك أخلاقها كونها حمائم تتسلح بمخالب صقور الأعداء، وحينها تصدح الببغاوات بقول الزور والكذب لتدجين صقور الأمة، وتُصرح بأن هذا القتل لمصلحة الوطن حتى لا يكون الموت المُريع من صقور الأعداء مصير الجميع ، ليصبح المشهد غريب مريع فالشهيد متهم ومذنب لأنه يحمي الوطن والقاتل بطل هُمام رغم أنه يقتل أهله بسلاح عدوهم جميعا.
لقد ارتاح الصقر الكبير من هم البحث عن فريسته والتحليق عالياً لاصطيادها بعد أن حول مجموعات الغربان والببغاوات لطهاة يحضرون له طعامه وقتما يشاء وحين يُريد، واستطاع الصقر الكبير بمساعدة عصابة الجوارح القادمة من الغرب وبفضل ببغاوات الإعلام والسياسة من إقناع أسراب الحمام المُحلقة في بلاد اللغة الواحدة، بأن خدمته شرف لا يدانيه شرف والموت لأجلة قمة الفداء، لتتبدل المفاهيم في عالم الطيور متناسين كلمات شهيد الصورة والكلمة الفلسطيني ناجي العلي حين قال: "أخشى ما أخشاه .. أن تصبح الخيانة وجهة نظر".
لقد ارتضى العديد من السياسيين والعسكريين لعب دور العُملاء معتقدين أنهم يحمون بلادهم وأنهم سيكونون ذو حظوة عند الاسرائيليين، إلا أن التاريخ أثبت أنهم سيظلون عملاء حتى في نظر أعداء بلادهم، ولم يتعلم هؤلاء من قصة نابليون عندما جاء احد الخونة الذين خانوا بلادهم إليه مما أدى لانتصار نابليون فقال لرجاله: أعطوه بعض المال، وعندما أراد ذلك الخائن مصافحة نابليون رفض نابليون رفضا قاطعا، وقال جملته الشهيرة "انا لا أصافح الخونة"، وهذا سيكون مصير كل من خان بلاده خدمة الاسرائيليين حيث لن يُسمح لهم بالسلام على الرئيس الأمريكي أو حتى رئيس الكيان المحتل.
آخر الكلام:
الفلسطينيون يتعرضون لحرب إبادة اسرائيلية في غزة وتصفية في الضفة ومُلاحقة في الشتات.. فإلى أين المهرب وكيف تكون النجاة..؟!!