facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العلوم السلوكية ورؤية التحديث الاقتصادي


م .زيد خالد المعايطة
24-12-2024 11:21 AM

تعدّ رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن حجر الأساس لمسيرة طموحة نحو مستقبل مشرق يعزز النمو والازدهار. منذ إطلاق الرؤية برعاية ملكية عام 2022، وضعت أهدافًا واضحة تشمل خلق مليون فرصة عمل وجذب استثمارات بقيمة 41 مليار دولار بحلول عام 2033. لتحقيق هذه الطموحات، حددت الرؤية عدة محركات رئيسية، من أبرزها محرك الريادة والإبداع، الذي يشكل ركيزة أساسية في التحول الرقمي للمملكة، ساعيًا لتحويل الأردن إلى مركز إقليمي للابتكار والاستدامة والمرونة الاقتصادية.

تركّز خطة التحول الرقمي ضمن رؤية التحديث الاقتصادي على تعزيز البنية التحتية الذكية، وتمكين المؤسسات والقطاعات الاقتصادية من استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين أدائها. يشمل ذلك تطوير الخدمات الإلكترونية التي تسهّل وصول المواطنين والشركات إلى الخدمات بطرق أسرع وأكثر كفاءة، مما يعزز التنافسية الوطنية.

على سبيل المثال:
• تطبيق "سند" الحكومي: يمثل نموذجًا عمليًا للهوية الرقمية، حيث يمكن للمواطنين الوصول إلى خدمات متعددة مثل دفع الفواتير وتجديد الوثائق الحكومية عبر منصة واحدة.
• المدفوعات الرقمية: مثل نظام "إي-فواتيركم"، الذي يتيح السداد الإلكتروني، مما يوفر الوقت والجهد.

ورغم أن التحول الرقمي قد يبدو في ظاهره مفهومًا تقنيًا بحتًا، إلا أن تأثيراته المباشرة تُحدث تغييرًا جوهريًا في حياة المواطنين اليومية، حيث أصبح أداة فعّالة لتمكين المجتمع وتعزيز الكفاءة في مختلف القطاعات. ومع ذلك، فإن هذه الرحلة نحو التحول الرقمي لا تخلو من تحديات تعترض طريقها. من أبرز هذه التحديات مقاومة التغيير، حيث يعاني بعض الأفراد والمؤسسات من صعوبة تقبّل التكنولوجيا الرقمية والانخراط في استخدامها. بالإضافة إلى ذلك، يُعدّ نقص المعرفة الرقمية وغياب الوعي بأهمية التكنولوجيا إحدى العقبات الرئيسية، إذ يفتقر العديد من الأشخاص إلى الثقة والمهارات اللازمة للاستفادة من التطبيقات الرقمية. ولا يمكن إغفال الفجوة التكنولوجية، التي تظهر في تفاوت مستويات الوصول إلى التقنيات الحديثة بين المناطق المختلفة، مما يحد من تحقيق العدالة الرقمية.

لمواجهة هذه العقبات، يُمكن للتدخلات السلوكية أن تقدّم حلولًا مبتكرة تشجّع الأفراد والمؤسسات على تبني التكنولوجيا الرقمية. من خلال تطبيق استراتيجيات تعتمد على فهم السلوك البشري، يمكن التغلب على هذه التحديات وجعل التحول الرقمي أكثر شمولًا وتأثيرًا في تحقيق التنمية المستدامة.

يُعتبر علم الاقتصاد السلوكي أداة فعّالة لتوجيه سلوك الأفراد والمؤسسات نحو تبني التكنولوجيا الرقمية بشكل أوسع وأكثر فعالية. هذا العلم يعتمد على تطبيق استراتيجيات مبتكرة تغيّر من طرق التفكير التقليدية وتشجع على الانخراط في التحول الرقمي من خلال حلول عملية ملموسة.

إحدى هذه الاستراتيجيات هي الإعدادات التلقائية، حيث يمكن جعل الخدمات الرقمية الخيار الافتراضي للعديد من العمليات، مثل دفع الفواتير أو تجديد الوثائق الحكومية. على سبيل المثال، يمكن ربط تطبيق "سند" مع البنوك المحلية لتوفير حلول شاملة تسهّل عملية السداد التلقائي وتوفر الوقت والجهد على المستخدمين.

استراتيجية أخرى فعّالة هي الرسائل النصية الواضحة، حيث يتم إرسال رسائل مختصرة تسلط الضوء على الفوائد المباشرة لاستخدام التكنولوجيا. تخيّل رسالة بسيطة تقول: "وفّر ساعتين من وقتك بإتمام التجديد عبر الإنترنت بثلاث نقرات فقط!" مثل هذه الرسائل توضح الفوائد بطريقة مباشرة ومشجعة.

إلى جانب ذلك، يمكن استخدام الحوافز كوسيلة فعالة لجذب المستخدمين الجدد، مثل تقديم خصم 10% على فواتير الكهرباء عند استخدام المنصة الرقمية لأول مرة. هذه المكافآت تعزز الدافع للتجربة الأولى، مما يسهم في خلق عادات رقمية جديدة.

ولتعزيز الثقة بالتكنولوجيا، تُعدّ الأعراف الاجتماعية استراتيجية مؤثرة. من خلال الترويج لقصص نجاح وتسليط الضوء على الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا بين المواطنين، يمكن تشجيع الآخرين على الانضمام. على سبيل المثال، رسالة مثل: "80% من سكان مدينتك يستخدمون الآن الخدمات الرقمية لتوفير الوقت والجهد!" تساعد في تصوير التكنولوجيا الرقمية كجزء من نمط الحياة اليومي.

أخيرًا، يلعب التبسيط دورًا كبيرًا في تشجيع الأفراد على استخدام التكنولوجيا، حيث يمكن تصميم واجهات سهلة الاستخدام وتقديم تدريبات مبسطة تناسب جميع شرائح المجتمع، بغض النظر عن مستوياتهم التعليمية. على سبيل المثال، يمكن إنشاء فيديوهات قصيرة توضح خطوات استخدام التطبيقات الرقمية بأسلوب سهل وجذاب.

باستخدام هذه الاستراتيجيات السلوكية المبتكرة، يمكن تسهيل رحلة التحول الرقمي وضمان مشاركة أوسع من مختلف شرائح المجتمع، مما يدعم الجهود المبذولة لتحقيق رؤية مستقبلية رقمية شاملة.

تمثل رؤية التحديث الاقتصادي خطوة جريئة نحو مستقبل رقمي مستدام، من خلال دمج التكنولوجيا مع الحياة اليومية، يضمن الأردن تحقيق تحول رقمي يُحدث نقلة نوعية في كفاءة الخدمات العامة ومستوى معيشة المواطنين، وإن فهم السلوك البشري واستخدام العلوم الحديثة في صنع السياسات "التدخلات السلوكية المبتكرة" يمثّل مفتاح النجاح في هذه الرحلة، مما يحول رؤية التحديث الاقتصادي إلى واقع ملموس، حيث يصبح التحول الرقمي ليس مجرد هدف، بل أداة للتميز والتنافسية الإقليمية.

* م. زيد خالد المعايطة
باحث في صنع السياسات والبصائر السلوكية
كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :