التوازن الإستراتيجي العالمي يهتز قبل إدارة ترامب
م. مهند عباس حدادين
24-12-2024 07:32 AM
في خطوات غير مدروسة وبعد فوز ترامب في الإنتخابات الأمريكية قامت الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها بخطوات جريئة في بؤر الصراع العالمية كونها فشلت في إدارة المشهد العالمي من الناحية الإستراتيجية السياسية والإقتصادية نتيجة الحروب التي خاضتها.فالحرب الروسية -الأوكرانية والتي لا تزال مشتعلة والتي ستنهي عامها الثالث قريبا،حيث قام الرئيس بايدن بتغيير قواعد اللعبة والتي لا تخدم الإستراتيجية العسكرية للدول العظمى وخصوصا النووية منها بدعم ضرب العمق الروسي بالصواريخ الغربية والتي ستؤدي الى صدام مباشر بين روسيا والغرب ، فلو فاز بايدن بالإنتخابات الرئاسية لما اقدم على مثل هذا الإجراء ولإستمر في حرب إستنزاف لا غالب فيها ولا مغلوب،لكنه أراد أن يحرج ترامب لأنه كان يقول بأنه سينهي هذه الحرب بعد إستلامه.
اما بالنسبة للشرق الأوسط فقد أحدثت إدارة بايدن أثناء توليها للرئاسة فراغا سياسيا داخله أدى إلى تغول إسرائيل ودول الإقليم لإحداث التغيير الجغرافي والأيديولوجي في دول عربية ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية وإحداث فوضى عارمة في الشرق الأوسط بمباركة بايدن لأنه يحاول أن يصدر للرئيس القادم مشاكل معقدة ومتداخله قد تؤثر على رئاسته.
لقد خلط بايدن الأوراق الإقليمية وأصبح هناك ضبابية للمشهد في منطقة الشرق الأوسط،فلو فاز بايدن بالإنتخابات لدعم مبادرة خطة وقف إطلاق النار في غزة التي أطلقها في تموز الماضي ، لكن خسارته للإنتخابات جعلته ينساق وراء حليفته إسرائيل بخطوات غير محسوبة قد تؤدي أيضا إلى إنزلاق منطقة الشرق الأوسط الى اللامجهول.
اما بالنسبة للصين فقد استثارتها إدارة بايدن من خلال تطبيق السلسلة الثالثة للعقوبات عليها بمنع تكنولوجيا الرقائق واشباه الموصلات لكي تصطدم بإدارة ترامب الجديدة .
كل ذلك والفشل الإقتصادي الذي وقعت به إدارة بايدن بمديونية مرتفعة واللعب بأوراق إقتصادية من خلال الإستدانة للإنفاق على الوظائف لتحقيق نمو إقتصادي خشية الوقوع في الركود دون دعم مشاريع البنية التحتية المتنوعة للولايات المتحدة والتي تساعد وتحفز الصناعة،ولم يحل مشكلة التضخم بشكل جذري وقام بتصدير التضخم من جديد لإدارة ترامب القادمة.
على الجانب الآخر إستشعر ترامب ما قام به بايدن في الفترة الأخيرة وحاول طمأنة خصومه وخصوصا روسيا بأنه سيحاول إنهاء حرب أوكرانيا وغزة ، لكنه في نفس الوقت يخشى من الإصطدام الإستراتيجي العسكري ،فقد صرح ترامب مؤخرا بأنه سيقوم بحماية أجواء الولايات المتحدة بقبة حديدية أثناء ترأسه للبلاد، وفي نفس الوقت أزعجه تنامي دول مجموعة بريكس ومحاولتها التخلص من الدولار بتهديد لتلك الدول بفرض رسوم 100% على تجارتها ،وليس ذلك بل لوح أيضا بالإجراءات الحمائية تجاه الصين بفرض رسوم جمركية على الواردات من الصين قد تصل إلى 60%.
إن التحديات التي وضعتها رئاسة بايدن التي ستنتهي بداية العام القادم ستقلل من مساحة العمل أمام ترامب في تطبيق خططه السياسية والإقتصادية مع الحلفاء بسبب خروج بؤر الصراع عن السيطرة ودخولها في ضبابية ،وأهم ذلك القضية الفلسطينية حيث أن المتغيرات القادمة لن تسمح بتطبيق خطة القرن التي ابتدعها ترامب أثناء ولايته السابقة دون إقامة دولة للفلسطينيين ،حيث تداخلت المتغيرات والتحديات في كل بؤرة صراع في العالم والذي أصبح قاب قوسين او أدنى من قيام حرب عالمية ثالثة.
الخبير والمحلل الإستراتيجي والإقتصادي.
mhaddadin@jobkins.com