facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




عسكرة قاعدة ريام في كمبوديا: تحولات جيوسياسية وتحديات استراتيجية


سامر الحجات
23-12-2024 10:17 PM

في تطور لافت في مشهد الأمن الإقليمي في جنوب شرق آسيا، قامت كمبوديا بتعزيز عسكرة قاعدة ريام العسكرية على الساحل الغربي للبلاد. هذه الخطوة التي قد تكون بمثابة تحوّل استراتيجي في السياسة العسكرية الكمبودية، تتزامن مع تغييرات جيوسياسية في المنطقة ومصالح دولية متباينة.

تقع قاعدة ريام العسكرية في منطقة كوكونغ على الساحل الغربي ل كمبوديا، وهي تتمتع بموقع جغرافي مميز في خليج تايلاند، حيث تعتبر نقطة استراتيجية بالقرب من أبرز الممرات البحرية التي تربط شرق آسيا مع جنوب شرق آسيا. تاريخيًا، كانت القاعدة تستخدم لأغراض تدريبية ولوجستية، إلا أن إعلان الحكومة الكمبودية عن تعزيز عسكرة القاعدة جعلها محط اهتمام العديد من القوى الإقليمية والدولية.

تشير العديد من التحليلات إلى أن عسكرة قاعدة ريام جزء من توجهات أمنية جديدة تتبعها كمبوديا في إطار علاقاتها العسكرية والدبلوماسية مع الصين. فمنذ توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين الصين وكمبوديا في عام 2016، عززت بكين علاقاتها مع بنوم بنه من خلال تقديم مساعدات عسكرية واستثمارات في مشاريع البنية التحتية. وقد تزايدت الأنشطة الصينية في القاعدة العسكرية مع تزايد الحديث عن تواجد قوات بحرية صينية في هذه المنطقة، ما يثير قلق الدول الغربية وبعض دول آسيان.

تكمن أهمية قاعدة ريام في رؤية الصين الاستراتيجية في منطقة المحيط الهندي والهادئ، حيث تندرج ضمن مشروع مبادرة الحزام والطريق الصينية، الذي يسعى لتعزيز الحضور العسكري والتجاري في هذه المناطق. تسعى الصين من خلال عسكرة القاعدة إلى تأمين ممرات التجارة البحرية وتعزيز وجودها العسكري في أحد أبرز الطرق الملاحية في جنوب شرق آسيا.

هذا التحول في قاعدة ريام يثير تساؤلات حول الطموحات الصينية في المنطقة. الولايات المتحدة ودول أخرى في آسيان أعربت عن قلقها من توسيع النفوذ العسكري للصين في المنطقة، خصوصًا في ظل التأثير الصيني المتزايد على البلدان الأصغر مثل كمبوديا.

من ناحية أخرى، فإن عسكرة القاعدة تأتي في وقت حساس، حيث تواجه دول جنوب شرق آسيا ضغوطًا جيوسياسية متزايدة. الولايات المتحدة وأستراليا تسعيان إلى الحد من التوسع العسكري الصيني في المنطقة عبر تعزيز التحالفات مع دول مثل فيتنام و إندونيسيا، ويبدو أن تعاظم الوجود العسكري الصيني في قاعدة ريام سيكون نقطة توتر في العلاقات بين هذه الدول.

كما أن دول الاتحاد الأوروبي قد تكون قلقة من تأثير عسكرة القاعدة على حرية الملاحة في خليج تايلاند والمياه الإقليمية المحيطة. تشير التحليلات إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى سباق تسلح في المنطقة، مما يزعزع الاستقرار الإقليمي ويزيد من التوترات بين القوى الكبرى.

بينما تسعى كمبوديا للاستفادة من دعم الصين لتعزيز قوتها الاقتصادية والأمنية، فإنها تواجه أيضًا تحديات داخلية وخارجية. داخليًا، قد تواجه الحكومة الكمبودية اعتراضات من بعض القوى السياسية التي تعارض التوسع العسكري الصيني في البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى تزايد الاضطرابات الداخلية.

من الجانب الآخر، تشكل هذه الخطوة تحديات اقتصادية، حيث قد يؤثر التوسع العسكري في القاعدة على القطاع السياحي والاقتصادي في المنطقة، خصوصًا إذا تصاعدت التوترات في بحر الصين الجنوبي أو في المياه الدولية.

عسكرة قاعدة ريام في كمبوديا تمثل مرحلة جديدة من التحولات الجيوسياسية في منطقة جنوب شرق آسيا. تعزيز الصين لوجودها العسكري في هذا الموقع الاستراتيجي يعكس الطموحات الصينية في توسيع نطاق نفوذها في المنطقة، في وقت حساس يشهد فيه العالم تنافسًا على الهيمنة البحرية والقدرة على التأثير السياسي في دول هذه المنطقة.

الخطوات المستقبلية قد تشمل المزيد من التوسعات العسكرية، وكذلك مزيد من التعاون الدفاعي بين الصين وكمبوديا. من ناحية أخرى، فإن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة واليابان ستظل تراقب الوضع عن كثب، وقد تضطر إلى اتخاذ إجراءات دبلوماسية أو حتى عسكرية لتقليص تأثير عسكرة القاعدة على الاستقرار الإقليمي.

في الختام إن عسكرة قاعدة ريام ليست مجرد تحرك عسكري بسيط، بل هي خطوة استراتيجية تشهد تحولًا في المنظومة الأمنية في جنوب شرق آسيا، مما يضع المنطقة أمام تحديات أمنية وجيوسياسية معقدة قد تكون لها تداعيات طويلة الأمد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :