ثلاثة وستون عاما عاشها الرسول صلوات الله عليه في جلال يبهر الألباب ، من يوم مولده إلى يوم انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، وحياته الطاهرة تتشكل في أحسن تقويم وتتألق بخصال فطرها الله على الكمال لتكون للأحياء قدوة وللحياة نورا .. ولأن الله اصطفاه لنفسه ورسالته ، فلا عجب إذا إن جاءت حياته وأيامه وحركته في الحياة بالغة الكمال في الطهر والجلال ، وقد كانت هذه الحياة وستظل كتابا مفتوحا يطالعه المسلمون في هذا العصر وفي كل العصور .

إن عظمة السيرة النبوية تأتي من أنها ترد للمسلم ثقته بدينه ونبيه صلى الله عليه وسلم ، لأنه الصورة التطبيقية للإسلام والترجمة العملية له في شخص رسول الله صلوات الله عليه وصحبه الكرام رضوان الله عليهم ، وسوف تبقى كنزا فريدا ومنبعا لإيمان المسلم وحركته في الحياة ، ومصدرا لمعرفة ومحبة رسول الله العظيم .. وما أحوج المسلمون اليوم والإنسانية كلها إلى العودة إلى كتاب الله والتمسك به وبالسيرة النبوية وتطبيقها في حياتنا حتى نسعد في الدنيا والأخرة .

هذا الكتاب يتضمن معالم سيرة رسولنا العظيم صلوات الله عليه وسلم وبركتها وفضلها.. فنطالع في الفصل الأول نزول الوحي على نبي الرحمة سيدنا محمد صلوات الله عليه وهجرته المباركة الى طيبة و مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار.. وفي الفصل الثاني نتعرف على جهاده ومعاركه وغزواته ونستحضر معركة بدر- ملهمة المسلمين عبر العصور- ونتعرف على الروح التي انتصر بها المسلمون ، ونعيش مع رسولنا وصحابته غزوة الأحزاب وانتصاره والمعجزات التي حدثت فيها ،و كذلك نستحضر اليوم العظيم لفتح رسولنا نبي الرحمة لمكة وتواضعه ورحمته صلوات الله عليه ، ونقف معا عند غزوة تبوك وجيش العسرة الذي حطم جدار الرعب الروماني ومعجزات تبوك وأنوار المدد الإلهي .

أما في الفصل الثالث نماذج خالدة منهم أستاذ الإيمان أبوبكر والعملاق عمر بن الخطاب مع صور لدور المرأة الكبير في نصرة الإسلام. وفي الفصلين الرابع والخامس نتعرف على العبادات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وشمائله المحمدية، أما الفصل السادس والسابع ، استعرضت مظاهر حب الصحابة للرسول العظيم ، وكيف نجعل من سيدنا المصطفى قدوة لنا وللبشرية .ونتعرف على مظاهر تكريم الله سبحانه وتعالى للإنسان ، وكيف يكون التجار أبرارا لا فجارا.

أما الفصل الثامن فيتضمن آخر وصية لرسول الله قبل وفاته ألا وهي الصلاة، فهي الدواء الإلهي لمتاعب الحياة والطريق إلى السعادة في الدارين .. أما مضمون الفصل الأخير فهو مهدى إلى روح الأخ العزيز الكاتب والأديب الكبير إبراهيم العجلوني ، وتضمن نخبة من كبار مستشرقي الغرب من العلماء ، والأدباء وكبار مفكريه، ومنهم من أحب الرسول ودخل في الإسلام .

وبعد، فلو أننا طبقنا منهج رسولنا القويم ، وجعلناه فينا ومعنا ، من خلال تنفيذ منهجه في بيوتنا وأعمالنا وسلوكنا وفي حركتنا في الحياة، ما عاش المسلمون هذا الضنك والشقاء ،وما تعرضت أمتنا لكل هذا الضعف والهوان .. ولعلنا نتمسك بسنته والسير على دربه وتطبيق أقواله وافعاله في حياتنا ، حتى نتمكن من النجاة من مصائب الدنيا وأهوالها ، ونسعد في الدنيا والأخرة .