حدادين يكتب: الجولاني واحمد الشرع ومستقبل سوريا !
بسام حدادين
23-12-2024 11:34 AM
اتابع بإهتمام كبير كل ما يصدر عن الجولاني حاكم سوريا اليوم ،من قرارات او تصريحات وحتى انفاسه، وأقرأ واشاهد كل ما نشر عنه لأصدق انه اصبح احمد الشرع؛ واخر ما شاهدته قبل ايام شهادة من مذيع الجزيرة المميز احمد منصور على قناته الخاصة ، احمد منصور في شهادته قدم شهادته بالجولاني عن معرفة حقيقية بالرجل، فهو اول من اجرى مقابلة معه في إمارة إدلب في سياق خطة تركية قطرية لتلميعه، وهو الذي أمضى معه ، ثلاث ساعات متواصلة ثاني ايام دخوله إلى دمشق. فقد قدم لنا احمد منصور الجولاني على انه مزيج من عمر بن الخطاب وعلي ابن ابي طالب وصلاح الدين الأيوبي وقدم عشرين صفة عن شخصية الجولاني، كلها مديح وثناء وتميز بالذكاء الحاد والثقافه العالية والبرغماتية الواعية والمفكر الاستراتيجي والحاكم العادل والكاريزما القيادية ، حتى انه بكى وهو يتحدث عن اعجابه بشخصيته.
من الصعب علي ان اسلم بكل ما فاضت به قريحة احمد منصور من مديح للرجل، لانه اولاً اخواني الهوى والهوية وتجمعه به صداقة متينه وثانياً ، تلمست مبالغات كبيرة في حديثه عن حقائق اصبحت معروفة للجميع ؛ فهو يتحدث عن معارك حامية الوطيس قادها الجولاني بتخطيط عبقري إلى ان دخل دمشق، وينفي عنه التنسيق المسبق مع تركيا وان قرار الاجتياح قرار جولاني مستقل، جرى الإعداد له منذ عام ونصف ؛ مع انه بات معروفاً ان قرار اجتاح سوريا وإسقاط الأسد، قراراً تركياً - دولياً وان ٣٥٠ مسلحاً اجتاحوا حلب التي كانت " محصنة " بثلاثة الاف من جيش الأسد ، كما قال الرئيس بوتين ، وان العكازتين اللتي اتكأ عليهما الاسد في حماية نظامه ؛ ايران وروسيا تخليا عنه ، وبات معروف، ان جيش الأسد المنهك اصلاً وينهشه الفساد والجوع والفاقد ثقته بنظام الأسد الذي تعفن، على حد وصف عزمي بشارة وانه انسحب من دون قتال وان مجموعات صغيرة من الجنوب دخلت دمشق قبل أقوات الجولاني، والشيء لأهم ، لم يقل لنا حتى الان لا احمد منصور ولا غيره ، هل هذه الإستدارة تمت بمراجعة فكرية ام هي برغماتية من شخص الجولاني ونفر قليل حوله.
اهتمامي بشخص الجولاني ومراقبه أداءه، نابع من حرصي على مستقبل سوريا الدولة العربية المحورية، وليقيني ان شخص الجولاني سيلعب دوراً حاسماً في تحديد مسارات المستقبل، فنحن امام قيادة فردية طاغيه ونافذة في اوساط جماعته وحلفائه.
شخصياً لا اخفي إعجابي بشخصية احمد الشرع، وهو يومياً يفاجيء الجميع بكلام جميل ومعسول ، ولم اسمع منه غير كلام متزن ينم عن شخصية قيادية فذه، وان كان يهرب عن تحديد اجابات واضحة عن الاسئلة المهمة ، من نمط ما هو نوع النظام الذي يعمل على تشكيله، بإعتباره وفصيله قوة الأمر الواقع.
تفرده في ادارة المرحلة الانتقالية وعدم انفتاحه على التيار السياسي المدني وتشكيلاته المتنوعة، يقلقني، لكن الضغوط الهائلة التي يتعرض لها من الغرب والعرب ( قرارات قمة العقبة والزيارات المتتالية لدمشق) اكبر من ان يتجاهلها، وهو يرسل إشارات قوية على قبول مسار لتحول سياسي ديمقراطي جامع وإن كان لازال يتحدث بلغة المكونات الطائفية والعرقية لسوريا ولم نسمعة يتحدث عن التيارات السياسية والفكرية ولم ينطق بكلمة الديمقراطية ولو لمرة واحدة.
احمد الشرع في وضع لا يحس عليه، فأرض سوريا محتله من اسرائيل وأمريكا وتركيا وروسيا، وكل طرف له طموحاته وأطماعه في سوريا الجديدة ؛ والمجموعات العسكرية المتحالف معها تحمل توجهات فكرية متناقضة وظهر ذلك في الميدان ، في الموقف من المرأة والأقليات، لكنه نجح في احتوائها.
لست متيقناً ان سوريا ستجتاز اختبار التحول نحو دولة موحدة تحترم كل مكوناتها وتعبر نحو سلام مجتمعي يفتح أفاقاً للتنمية للتخفيف عن الشعب السوري الشقيق الذي تحمل من الويلات والقتل والتهجير والجوع ما يوازي نكبات الشعب الفلسطيني دون مبالغة.
بالمناسبة أنا اتفهم موقف الشرع بأنه لم يطلق عنتريات ضد اسرائيل وأقدر ذكاءه بالحديث عن سلام إقليمي.
ندعو الله أن يوفق احمد الشرع لما يرضاه للشعب السوري الشقيق ، فسوريا شمال الاردن والأردن جنوب سوريا.