النجاح لا يأتي من تكرار التجربة الفاشلة مرتين ، في عالم الإدارة والقيادة، يتكرر القول المأثور: “الجنون هو فعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا وتوقع نتائج مختلفة”.
هذه العبارة تحمل في طياتها حكمة عميقة، خاصة عند الحديث عن اختيار القيادات لإدارة المؤسسات العامة والخاصة.
في كثير من دول العالم، تُعاد تجربة اختيار الأشخاص الذين أثبتوا فشلهم في مواقع مختلفة، مما يؤدي إلى تعثر المؤسسات، وإهدار الموارد، وتقويض الثقة العامة ، لتكون النتيجة: ضعف دائم في الهيكل الوظيفي، إذ إن القيادات الفاشلة تلعب دورًا أساسيًا في تصفية الكفاءات والإقصاء المتعمد للأفراد المتميزين، واستبدالهم بكوادر ضعيفة تُكرِّس الانهيار المؤسسي. هذه القيادات الضعيفة، التي تختارها جهات بعناية لأسباب غير مهنية، غالبًا ما تُحيط نفسها بفريق من المصفقين والمؤيدين، لتغرق المؤسسات في دائرة الفشل.
القيادة ونجاح المؤسسات…
القيادة ليست مجرد منصب أو صلاحيات؛ بل هي مسؤولية تتطلب مهارات استثنائية ورؤية واضحة. وفقًا لنظرية “القيادة التحويلية” (Transformational Leadership)، يُنظر إلى القائد كعامل تغيير وإلهام، قادر على تحفيز الأفراد لتحقيق أهداف تتجاوز المألوف.
لكن، عندما تفتقر القيادة إلى هذه العناصر، يصبح الفشل أمرًا محتومًا، بغض النظر عن القطاع الذي يعمل فيه القائد وهنا المشكلة تتفاقم عندما يكتسب البعض لقب “قائد” بمجرد توليهم منصبًا إداريًا، ويصدقون أنهم قادة دون امتلاك المؤهلات الحقيقية لذلك.
مظاهر القيادة الفاشلة…..
يمكن رصد القيادة الفاشلة من خلال مؤشرات عديدة، منها:
• كثرة الخلافات بين الموظفين بسبب ضعف القيادة.
• بوادر الفساد والترهل الإداري.
• إجهاض المشاريع السابقة واستبدالها بمشاريع وهمية بلا أهداف واضحة.
• إثارة المشكلات في المجتمع المحيط مع الظهور بمظهر “المنقذ”.
هذه الممارسات تعزز وجود القيادات الفاشلة، وتجعلها تبدو وكأنها ضرورية للمؤسسة، بينما الحقيقة عكس ذلك تمامًا.
الأردن كحالة دراسية….
تعد ظاهرة تكرار الفشل في اختيار القيادات في المؤسسات العامة والخاصة من أبرز التحديات التي تواجه الأردن، لذا
يعتبر استمرار تعيين قيادات غير كفؤة، بناءً على علاقات شخصية أو اعتبارات بعيدة عن الكفاءة، أدى إلى تراجع أداء بعض المؤسسات.
نعم ، عند تتبع مسيرة بعض الشخصيات التي شغلت مناصب قيادية، تجد أن وصف “غراب البين” ينطبق عليها تمامًا، حيث يتسبب وجودها في فشل المؤسسات التي تتولاها، ولا سيما انها تبدع في طريقة تنعق بها وتحشد فيها لإعطاء صورة وهمية عن إنجازات مسروقة واخبار مسمومه تلك هي عادة الغربان تتلف الزرع والثمار وتسرق وتنعق بلا جدوى فلا مانع من كف أذاها او التخلص منها .
تجارب الدولية نتعلم منها …
دول مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية واجهت تحديات مشابهة، لكنها اعتمدت نهجًا مختلفًا لتحقيق النجاح.
سنغافورة ، كان المعيار الأساسي لاختيار القيادات هو الجدارة والكفاءة العملية.
كوريا الجنوبية ، وُضعت خطط تدريبية متكاملة لتطوير القادة، مع ضمان رقابة صارمة على أدائهم.
النتائج كانت واضحة؛ حين تُوضع القيادة المناسبة في مكانها الصحيح، تتحقق قفزات تنموية واضحة. سنغافورة أصبحت مركزًا عالميًا للتجارة والتعليم، وكوريا الجنوبية تحولت من دولة زراعية إلى قوة صناعية رائدة.
الحلول الممكنة…..
في الأردن، حيث تعاني بعض المؤسسات من غياب الفاعلية نتيجة تكرار الأخطاء في اختيار القيادات ، ورغم وجود كفاءات وطنية متميزة، فإن تهميشها يعكس خللًا في منظومة اتخاذ القرار.
كيف الإصلاح …
اعتماد معايير الكفاءة في التعيينات، بعيدًا عن العلاقات الشخصية وتطوير برامج تدريبية متقدمة لإعداد قادة جدد، على غرار التجربة الكورية ، وكذلك استبعاد القيادات التي أثبتت فشلها من المواقع الحساسة.
انقذوا مؤسساتنا …
رسالة إلى مسؤولي مكافحة الغربان …
إلى كل الجهات المسؤولة عن صنع الفشل، اعلموا ان النجاح لا يأتي من تكرار التجارب الفاشلة، بل من التعلم منها وتجنبها.
فالمؤسسات العامة والخاصة بحاجة ماسة إلى قيادات مؤهلة تمتلك رؤية واضحة وقدرة على تحقيق الأهداف.
فالأردن العظيم ، بثروته البشرية وموارده، قادر على أن يكتب قصة نجاح فريدة يشاركها مع العالم، بشرط أن تُوضع القيادة المناسبة في المكان المناسب.
ودمتم.