رد على مسمى الهوية الاردنية الجامعة
د. محمد المناصير
22-12-2024 11:40 AM
إن هويتنا الاردنية الجامعة موجودة منذ آلاف السنين وهي غير الهوية التي يريدها دعاة الاحتلال والوطن البديل ومن يريد طمس الهوية الاردنية الوطنية والهوية الوطنية الفلسطينية، فعبارة الهوية الوطنية الجامعة تعني وجود هويات وعنصريات وشعوب مختلفة تعيش في الاردن. فليعلم الجميع اننا في الاردن كلنا أردنيون وفي فلسطين كلنا فلسطينيون فمن يعيش على أرض الأردن ويحمل جنسيتها بموجب الدستور فهو أردني، فلا داع لكلمة هوية جامعة لمواطني الوطن الواحد، فهويتنا جميعا هوية أردنية وليست جامعة لأحد غير أردني فلا تفرقوا ابناء الوطن الواحد ولا توجد في الأردن عنصرية ولا أزمة هوية لان من فاء الى الاردن أخذ جنسيتها طواعية وعاش فيها آمنا مطمئنا وكثيرون استغنوا وأثروا على تراب الاردن.
إن هذا الشعب العظيم والوطن الاعظم استقبل الهجرات العربية من اليمن والجزيرة العربية منذ اكثر من عشرة الاف عام .. واستقبل من اخرجوا من الحجاز وسورية والعراق بعد انتهاء حكمهم هناك ..
واستقبل الاردنيون من فاء إلى هذا الحمى من فلسطين والجزائر وليبيا والعراق وبلاد شنقيط ومصر وسورية ولبنان واليمن ، ومن اخرجتهم القيصرية الروسية ، ومن اخرجهم الاستعمار الفرنسي والايطالي والبرتغالي ، ومن خرجوا خوفا على دينهم من يوغسلافيا السابقة والبوسنة والهرسك والبانيا وكردستان وبخاري وأرمينية وكل من خرج بدينه او بوطنيته او ظلم في بلاده بكل ترحاب وطيب خاطر..
وأصبح القادمون حكاما فيه من أول يوم قامت فيه الامارة ، ولا يضير هذا اهل الاردن فهم الانصار والاخرون المهاجرون.. ولكن من حق اهل البلاد العيش الكريم والحصول على حقوقهم وتحسين معيشتهم واشراكهم في حكم بلادهم واعطائهم حقوقهم اسوة بالاخرين ، لا بل هم الاحق بإدارة بلادهم .. فقد سمعنا مصطلحات عنصرية في أقطار عربية تعطي أولوية لاأخلاقية البلاد الأصلييين ، الا هذا الحمى الذي اعطى الجنسية طواعية لكل من فاء اليه لا بل أعطى أولوية للعمالة العربية ، ولم يطرح مصطلح الأردنة لأن القادمين عرب مسلمون انتقلوا من وطنهم الى وطنهم ، مع ان البعض لا يعرف من وطنه الاردن الا جواز السفر كهدف وظيفي لديه ومصلحة ذاتية مؤقتة الى ان يحصل على الجنسية الاجنبية ..
لقد هاجر الجميع الى الاردن من وطنهم الى وطنهم .. على الرحب والسعة ، فقد ترك اهل البلاد بيوتهم للمهاجرين اليه وهم اخوة الاردنيين ، وجاهد الاردنيون مع الشعوب المظلومة في ليبيا والجزائر وتونس وسورية والعراق وفلسطين ، وقد كان الاردنيون أول من تنبه بوعيهم المبكر لخطر الاحتلال وعقدوا المؤتمرات لمعارضة وعد بلفور ومشروع سايكس بيكو والهجرة اليهودية وخاضوا المعارك ضد المستعمرين والمغتصبين اليهود قبل قيام الامارة في سمخ وتل الثعالب وبيسان وبعدها في عام 1948م و عام 1967م ومعركة الكرامة الفاصلة عام 1968م ، واستقبل الاردنيون ثوار العرب والقوميين العرب من كافة اقطارهم حتى الاحزاب العربية وجدت في الاردن وطنا قوميا جامعا لهم ..
اما أن يؤتى بمن لا يخافون على الاردن من سماسرة الاراضي لبيعها للعدو ومن يستولي على الاراضي في شرق الاردن لصالح المشروع الاحتلالي ومن يؤتى به لتطوير الاقتصاد وما سمى الخصخصة التي دمرت اقتصاد الوطن وزادت المديونية اضعافا مضاعفة ومن اتخذ من الاردن مسرحا لبائعي الدخان والمخدرات والتهريب والفاسدين والحرامية وامثالهم ممن نهبوا ثروات البلاد وباعوا مؤسساته وشركاته الوطنية الناجحة فهذا امر يرفضه الاردنيون وهو حديثهم اليومي وان لم يفصح به اهل البلاد ولكن يتداولونه في مجالسهم يوميا .. وللعلم هذا سبب رد الاردنيين على دعاة الهوية الجامعة أن الوطن اصبح بالنسبة للكثيرين حقيبة سفر ..
ألم يعلم هؤلاء أن أهل غرب فلسطين عندما ينتقلون الى الاردن لم يغادروا وطنهم الاصلي فكلنا أردنيون ويبدو أنهم لم يقرأوا التاريخ وانجرفوا وراء خارطة سايكس بيكو فليعلم هؤلاء أن عاصمة الاردن لأكثر من 850 عاما كانت مدينة طبرية وموانئ الاردن عكا وحيفا وصور ، ومرج ابن عامر والجليل والجولان كانت أردنية منذ ان كتب التاريخ فنصف فلسطين كان أردنيًا واجزاء من سورية ولبنان على مدى التاريخ ، منذ العهد اليوناني والروماني وعهود الاسلام كلها الى العهد المملوكي كانت الاردن دولة ، فهوية الاردنيين اسلامية عربية قومية جامعة عبر التاريخ .. لا يهادنون في ذلك ولا يقايضون .. ففي الاردن حاربت ممالك الاردن اليهود قبل عشرة الاف عام وانتصروا عليهم ، وسجل الملك المؤابي مشيع انتصاراته عليهم على مسلته الموجودة الآن في متحف اللوفر ، اما ملك عمون فقد طرد رسل اليهود وحلق نصف لحاهم وأعادهم خائبين ، وشارك اهل الاردن بحصار القدس حين سبى البابليون اليهود ، وفي الاردن بنى الانباط حضارة اضطرت روما أن تعطيهم حكما ذاتيا وتحترم دولتهم ، وشهد الاردن أول دخول للإسلام طوعا فقد صالح الرسول صلى الله عليه وسلم اهل الاردن في اذرح وايلة والجرباء بجنوبي الأردن ، وفي الاردن جرت اول معركة للرسول صلى الله عليه وسلم خارج الجزيرة العربية وهي معركة مؤتة ، وفي الاردن استلم الامويون الحكم في تحكيم اذرح بين الخليفة علي والي الشام معاوية ، ومن الحميمة في جنوب الأردن انطلقت الدعوة العباسية وقامت دولتهم وانطلقت من الحميمة نحو الكوفة وخراسان ووصلت الى اطراف الارض ، وعلى ارض الاردن دعم الاردنيون انتقال الحكم من الفرع السفياني الى الفرع المرواني الاموي بعد ان كادت نار الفتنة ان تنتشر.. فيقول شاعرهم :
لولا الله وأهل الاردن انقسمت // نار الجماعة يوم المرج نيرانا
ومن الاردن انطلق الفاتحون الى شمال افريقية والاندلس مع موسى بن نصير ابن وادي الاردن ، ومن الاردن انطلقت جحافل صلاح الدين لفتح فلسطين والقدس وكان جل جيشه من اهل البلقاء والاردن والعشائر الاردنية .
ومن الكرك بالاردن حكمت الشام ومصر حين نقل الناصر محمد مقر حكم دولة المماليك الى الكرك واصبحت عاصمة الدولة فترة من الزمن قبل ان يصالحه امراء المماليك ويعود للقاهرة ، ومن الاردن تمكن الناصر محمد بجيش من اهل الاردن من تحرير عكا من فلول الصليبيين .
فاصحاب هذا الحمى لهم الحق بأخذ حقوقهم والمحافظة على هويتهم وعدم التلاعب بالالفاظ والكلمات لتغيير الهوية الاردنية ربما لصالح الوطن البديل ومخططات العدو لصالح إقامة اسرائيل الكبرى ..
والسؤل هو هل الوحدة الوطنية الأردنية مهددة بالتشظّي، وهل الهوية الوطنية بعد 100 عام من تأسيس الدولة لم تتضح معالمها بعد !؟ لتزداد الحاجة إلى توضيح الرؤية حول الهوية الجامعة لتبديد الهواجس الموجودة عند الناس.
فهويتنا اردنية عربية اسلامية الى أن تزال حدود الاستعمار ويطرد المحتل من بلادنا ونعود وطنا عربيا اسلاميا جامعا ..واعتقد جازما ان مخططات ودعاة الهوية الجامعة ستفشل لانها في خدمة المشروع الاحتلالي والوطن البديل والمنطقة الاقتصادية المشتركة ومشروع البولينكس.
ولم يكن الاردن واهله يوما على هامش التاريخ بل كان مركزه ورحاه فليست ارضا بلا شعب ولا وطنا بديلا ولا صحراء خالية كما ارادها مشروع روتنبرغ، وواقع حال الأردنيين يقول لا لطمس الهوية الاردنية واستبدالها بالهوية الاردنية الجامعة ، تمهيدا لجعل الاردن وطنا بديلا تنفيذا لمخططات مشبوهة ، فكل من يقيم على ارض الاردن اردني الى أن تحرر ارضه، والأردنيون بعشائرهم ومكوناتهم الاجتماعية هم الانصار لكل المهاجرين الذين أفاؤا اليهم من خارج الوطن فكلنا اردنيون مع الاحتفاظ بحق كل مكون وعدم تذويبه أو الغائه على حساب الآخرين ..