لا بد من التوقف عند الزلزال المفاجئ الذي أطاح بالنظام السوري الذي جثم على قلب السوريين أكثر من خمسين سنة ، ضمن المحاور التالية:
1/ ان نظام الحكم في أية دولة اذا اعتمد سياسة العنف والبطش لا بد أن يزول مهما طال الزمن . فالظلم عاقبته وخيمة ، فعين الله لا تنام ، ودعاء المظلومين لا يذهب هباء، ودموع الناس وآهات الأمهات وصراخ المعذبين والمفقودين ليس بالشئ السهل ولا البسيط .بينما الأنظمة التي تستبعد العنف وتقترب من الناس وتحسن إليهم اطول عمرا وبقاء.
2/ إن أنظمة القهر لا تقع فيها المسؤولية على الشخص الأول وحده ، بل كل من له يد في الظلم يأخذ من المسؤولية بقدر موقعه ، فالله عز وجل لم يعف جند فرعون من المسؤولية . ولا بد من محاسبة كل من قام بالجرائم.
3/ ان اتكاء نظام الحكم واعتماده على القوى الأجنبية غباء ما بعده غباء ، فقد كان شاه ايران تابعا لبريطانيا ، فلما انتهى دوره لفظته ولم تتعرف عليه بل صار يبحث عن مكان ليستقبله ! فلم يجد سوى سادات مصر بحكم المصاهرة بين الطرفين ، فتم منحه مترين في متر ليقبر هناك . والدرب الصحيح أن يكون اعتماد الحكم على العدل وعلاقة المحبة مع الناس وليس مع الأجنبي ، فقد تركت روسيا وإيران رئيس سوريا دون حماية لنظامه ، وتحسنت عليه روسيا بلجوء انساني قد لا يطول اذا تحركت قضايا في محكمة العدل وتم الاتفاق بين ترمب وبوتين على ارسال الرئيس السوري إلى المحكمة ضمن صفقة تابعة لصفقة كبرى ستتم بخصوص اوكرانيا.
4/ وصول إسلاميين إلى السلطة أمر غير ممنوع من حيث المنطق والحق والعدل ، رغم أن المناوئين للاتجاه الاسلامي لا يزالون يعتمدون سياسة الإقصاء كما حصل في أكثر من بلد عربي رغم أن الإسلاميين لم يأتوا على ظهر دبابة بل عبر الصناديق . والمهم في الأمر أن يكون برنامج الحكم ضمن طرح واقعي يتعلق بالمكونات والممكنات والأولويات . وان أية اغلاط تقع سيتم تسليط الأضواء عليها.
5/ إن العالم اليوم قرية والدول الاستعمارية لا يهمها الا عدم المساس بمصالحها ، ولهذا تهافتت دول الغرب نحو دمشق تسأل وتحذر وتطلب ، ولا ضير في ذلك ما دام الأمر المصلحي يسير في الاتجاهين أي مصالح الغرب ومصالح سوريا . ولهذا لن نشاهد رعونة خطابية في النظام الجديد ولن يخدعنا بتجوع يا سمك ، ولا القاهر والظافر ، ولن يسير خلف طالبان ليحرق الأشرطة ويجعل المرأة رأسا للشر ، ولهذا رأيناه يسند المسؤولية للمرأة ويتحدث عن فترة انتقالية وعن انتخابات لا علاقة لها برقم 99 ، بل انتخابات لكل السوريين ، وهي فرصة لحل المسألة الكردية باعتبار الأكراد لا يطالبون الانفصال عن سوريا ، وبهذا قد نتخلص من التوتر مع تركيا باعتبار أن الأمر سيصبح بين دولتين وليس بين فصائل . فالحكم الجديد يبدو أنه حريص على علاقات متوازنة مع جيرانه وهو ما نطق به الشرع قبل يومين.
نتمنى لسوريا الخير كما كنا دائما، رغم أننا لم نكن من النفعيين الذين كانوا يحجون هناك لملء جيوبهم.