facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من يسرق وعيك دون أن تدري؟!


محمود الدباس - ابو الليث
22-12-2024 10:27 AM

الوعي.. الكلمة التي تحمل في أحرفها القليلة.. بحوراً من المعاني والمضامين.. فهو ليس مجرد إدراكٍ لما يحيط بنا.. بل هو منظومة متكاملة من الفهم العميق.. والنظر المتأنّي في تفاصيل الحياة.. لنبصر الواقع كما هو.. بلا زيفٍ أو تحريف.

الوعي السياسي على سبيل المثال.. هو عين المجتمع.. التي تميّز الحقائق من الأكاذيب.. وتفكك خيوط اللعبة السياسية المعقدة.. إنه القدرة على قراءة ما وراء التصريحات الرنانة.. وفهم السياقات التي تُقال فيها.. ليدرك الفرد والمجتمع.. أن السياسة ليست مجرد شعارات.. بل هي مواقف وخطط وتحالفات.. تصنع مصائر الشعوب.. وتحدد مساراتها.

أما الوعي الاجتماعي.. فهو ذلك الشعور العميق بالانتماء والمسؤولية.. حيث يدرك الإنسان دوره في النسيج المجتمعي.. ويعي أن أفعاله وأقواله ليست معزولة عن تأثيراتها.. بل تتشابك في سلسلة طويلة من العلاقات والقيم.. ليصبح الفرد قادراً على التمييز بين الصواب والخطأ.. وبين القيم الحقيقية.. والقيم الزائفة التي تحاول وسائل الإعلام والتواصل فرضها.

وفي الجانب الاقتصادي.. يكون الوعي هو المفتاح لفهم المنظومات التي تحكم الأسواق.. والتحليل العميق لما وراء الأرقام.. والنسب والإحصاءات.. ليدرك المواطن كيف تؤثر قرارات الحكومات.. وحركات الأسواق العالمية.. وحتى خياراته الشرائية البسيطة.. في تشكيل الاقتصاد المحلي والعالمي.

لكنّ الوعي لا يُمنح.. بل يُبنى ويتطور.. يبدأ بالسؤال.. ويترعرع بالبحث.. وينضج بالنقد والتحليل.. وعندما يتجمع الوعي الفردي في بوتقة واحدة.. يولد ما يُسمى بالوعي الجمعي.. وهو القوة التي تصوغ وجهة المجتمع.. وتحدد أولوياته ومساراته.. فالوعي الجمعي ليس سوى انعكاس لمستوى الفهم الذي يمتلكه كل فردٍ في هذا المجتمع.

إن من أخطر ما يُواجه وعي الفرد والمجتمع.. هو التلاعب الخفي.. الذي تمارسه بعض الجهات.. فقد أصبح الإعلام المُضلِل سلاحاً يُعيد تشكيل الواقع.. وفق مصالح معينة.. بينما تُسهم وسائل التواصل في نشر أفكار سطحية.. أو موجهة تُبعد الأفراد عن التفكير النقدي.. وحتى العادات والتقاليد الجامدة أحياناً.. تكون سياجاً يحجب عن الإنسان رؤية الحقائق.. فلا يدرك أنه يعيش ضمن دائرة مصطنعة من الفهم المشوّه.. وهكذا يُسرق وعيه دون أن يدري.

ولا يمكننا إغفال ظاهرة التفاهة.. التي بدأت تزحف على عقول الناس وأرواحهم.. فقد أصبحت هذه الظاهرة.. أشبه بفيروس يُعطّل مسارات الوعي الحقيقي.. حيث يتم الترويج لمحتوى فارغ من المعنى.. أو القيمة.. ليحل محل النقاشات الجادة.. والمعرفة العميقة.. وهكذا يجد الإنسان نفسه محاصراً بمواد تُسلّيه.. لكنها تُبعده عن التفكير الجاد.. لتصبح التفاهة وسيلة أخرى.. لسرقة الوعي الجمعي للمجتمعات.

ولكن كيف نرتقي بهذا الوعي؟!.. إن ذلك يتطلب منا أن نكون قرّاءً ومحللين.. لا مجرد متلقين لما يُقال.. أن نعيد النظر في مصادرنا المعرفية.. ونسعى لقراءة الواقع بعيوننا.. لا بعيون الآخرين.. وأن نحرص على التفاعل مع ما يدور حولنا.. لا أن نبقى أسرى الشاشات والهواتف.

الوعي هو السبيل للخروج من ظلمات الجهل.. وهو الدرع الذي يحمينا من التلاعب والخداع.. وهو السلاح الذي يُمكِننا من بناء مجتمعات أقوى.. وأكثر صلابة.. فهل نمتلك الجرأة للسير في طريق الوعي.. مهما كانت وعورته وصعوبته؟!.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :