في الروايات الحكومية ان فضيحة كبرى للمطعم الذي باع الشاورما الفاسدة ادت الى اصابة اكثر من 200 شخص ووفاة احدهما، وحينها قررت ذات الحكومة وبقرار اقرب الى «المضحك المبكي» وقف بيع الشاورما في جميع مطاعم المملكة متناسية بقصد او بغيره ان العاملين في هذا القطاع بتجاوز مئات الموظفين الاردنيين الذين يعيلون اسرا يصل تعدادها الى الآلاف.
ذات الحكومة يتوقع لها حظر جميع الاحزاب السياسية والفكرية وتحطيم الايدولوجيات والمنهجيات كعلاج فعال بعد ان اخذت احداها باب الراديكالية طريقا مشروعا.
كما وقررت ذات الحكومة ايقاف التعليم بعد ان زاد عدد الطلبة وغابت الدراسات الاستراتيجية لاستيعابهم، ولم يقف قرارهم عند هذا الحد بعد ان نصحهم مراقبون بالغاء البلديات بعد اتهامات بالتزوير وبيع جميع السيارات بعد عجزها عن حل مشكلة السير والغاء المستشفيات الحكومية والخاصة حيث الاعتداء على الاطباء والممرضين وحل جميع النقابات وتحطيم الفاكسات والايميلات بهدف منعهم من انتقاد الحكومة.
كما اشار المراقبون بالنصح باغلاق الصحف وبيع المرتجع منها «للف الذرة» وما شابه، وايقاف عمليات البناء بعد ان عجزت الحكومة عن ضبط ارتفاع اسعار الحديد والاسمنت، كمنهج حكومي ناضج لحل الازمات والاشكاليات ما بين الحكوميين وجمهور المواطنين الذين ازعجوا سكرات نومهم السبات.
في المعادلة السيسو حكومية باتت تلك النصائح الحل الامثل لاستئصال الازمات من جذورها واخذ الصالح بالطالح لدرء الانتقادات وتوجيه اصابع الاتهام المشيرة نحوها.
لذا ننصح بالغاء جميع الخدمات المقدمة من قبل الحكوميين للمواطنين من مواصلات واتصالات ومطارات ومستشفيات واندية ليلية ومقاه شعبية خوفا من اي طارئ سيشكل للحكومة «معضلة» ويدفعها لاغلاقها فلتكن بمحض ارادتنا خوفا من قرار حكومي مجحف قد يطال المدارس والجامعات في حال حدث تسمم في مطعم تابع لها.
الاحزاب السياسية والمطاعم الشعبية والصحف المحلية والمواصلات اليومية والخزانات الشمسية والمكيفات الصيفية اصبحت عرضة للالغاء والاغلاق في حال حدوث اي اشكال وبغض النظر عن المسبب فاحذر ايها المواطن الاستخدام الخاطئ حتى لو كان من بيت جارك الامر الذي يتطلب منك تفقد الحي الذي تعيش فيه على مدار الساعة من دكاكين ومولات ومطاعم ومدارس وخطوط مواصلات فمن الممكن ان تفيق على حيّك الذي تسكن فيه فتجده بدون اسم او عنوان في حال «طفّت» مجاريه بعد القاء جارك بنفسه فيها، ستسجل جناية وقد تكون انت المسؤول.
كثيرون هم اولئك الذين يتحسرون على حكومات الفكر ايام زمان، والتي لم تكن تضيق ذرعا من خطأ عابر يرتكبه مواطن مهمل، ولم تكن «تضعف» امام عاصفة تجتاح المنطقة.. على عكس ما يحدث في هذه الايام من ضيق صدر وخلط ما بين هيبة الحكومة وسرعة القرارات.
الترهل في تطبيق القرار في المكاتب المخملية طاله العفن، والقرارات الموجهة الخادمة لا المخدومة في تسارع وتطبيق سريع ومؤسسات المراقبة، والمتابعة لمثل تلك المحلات تنوح ولا تبوح في ترهلها الازلي.
الحكومة وعلى ما يبدو فهمت طرق حل المشاكل المتسارعة بالخطأ بالقرار الجماعي سوف تحشد المعارضين لا المؤيدين وعليها ان تعرف ان ابسط السبل للهروب من الازمات هو قطع بوادرها لا معرفة سببها، وعليها وبالمقابل ان تشير الى نقاط الضعف في تطبيقها للقوانين قبل ان تنفذ وتعاقب المواطنين لذات السبب.
الحكومة اصيبت بالحسد والنكد بعد سلسلة الازمات التي لا تكاد تقف هذه الايام مما يتطلب منها الوقوف مع نفسها لثوان معدودة حتى تميز بما هو لصالح المواطن وما هو ضده.
فما يحدث الآن هو مفارقة ديناميكية هستيرية حد النخاع ففي الوقت الذي لم نعلم به حتى الان ما اذا كانت المطاعم قد طبقت الشروط الخاصة بالصحة والسلامة ومن هي التي لم تقم بذلك حتى يُسن قرار باغلاقها جميعا وكأن الشاورما اصبحت حزبا سياسيا راديكاليا محظورا عربيا وعالميا.
رئيس هيئة التحرير/صحيفة المواجهة