بعض الجغرافيا حتى وإن كانت في دولة أخرى تكون لها خصوصية لدى دول أخرى ومنها علاقة الأردن مع الجنوب السوري ولا أتحدث هنا عن الأرض والتضاريس والتركيبة الاجتماعية وتداخل العشائر والعائلات فقط بل أيضاً عن مصالح وتحديات تفرضها هذه العوامل وتظهر بشكل كبير وواضح وبالحجم الحقيقي مع الأزمات والكوارث السياسية.
الجنوب السوري ورغم ادراك الدولة وفئات مهمة من الأردنيين أهميته وعلاقته الخاصة بالاردن الا انه مع بداية الأزمة السورية عام ٢٠١١ ظهرت للأردن تحديات وأخطار وتفاصيل كشفت أبعاداً جديدة لهذه الجغرافيا، فاللجوء من الأشقاء السوريين في سنوات الازمة كان معظمه من أهل الجنوب السوري، ومفتاح العلاقات الاقتصادية والتجارية مع وعبر سوريا مرتبط بأمن الجنوب وأهله، وعندما كانت الميليشيات المتطرفة على حدودنا كانت في الجنوب السوري ومن خلال وجودها دفعنا ثمناً من دماء شهداء الجيش العربي في عملية قادمة من مخيم الركبان الذي كان وما?زال عبئاً على الأردن رغم انه في الأراضي السورية، وبعد مغادرة القوات الروسية بعد انشغال روسيا بالحرب في اوكرانيا كان الجنوب السوري مصدراً للقلق الأمني والعسكري والاجتماعي عبر حرب المخدرات والاسلحة التي كانت تتولاها ميليشيات طائفية ومعها رموز من النظام السوري السابق وعصابات التهريب. ومع اول تحركات في الشمال السوري قبل إسقاط بشار الأسد تم اغلاق معبر نصيب أو جابر من فصائل سورية.
الجنوب السوري مع العدوان الاسرائيلي على الاراضي السورية ودخول الاحتلال الى مسافة ٢٥ كم بعيدا عن دمشق اصبح له شكل جغرافي وابعاد سياسية وعسكرية جديدة في تركيبة الإقليم العسكرية، وحتى في ظل المخاوف التي ما زالت قائمة من اي فوضى في سوريا فان الجنوب السوري سيتحول الى عبء شامل على الاردن.
سوريا واستقرارها ووحدتها مصلحة أردنية وهدف لكل الجهد الأردني لكن عدم تحقق هذا أو بعضه يجعل من الجنوب السوري حكاية مختلفة وملفاً بتفاصيل ومصالح أردنية خالصة.
الرأي