في منجم العلاقة الأردنية المجرية ..
سلطان الحطاب
06-06-2011 03:19 AM
الاعداد للمناسبة وتميزها لأول مرة حيث جرى الاحتفال بيوم الاستقلال الأردني في بودابست عاصمة المجر مكّن أكثر من خمسماية شخصية من البعثات العربية والأجنبية ورجال الأعمال من الحضور إلى فندق كرانتيه وسط العاصمة..
في قائمة المدعويين وزير الدفاع الهنغاري كسابا هندي الذي ألقى كلمة جرى ترجمتها قبل أن يلقي قنصل الأردن زيد نفاع الفخري كلمته بثلاث لغات المجرية والانجليزية والعربية..
تعرفت على وزير الدفاع الذي جاء بملابس مدنية وتحدث بتقدير عن الأردن وعلاقاته وعن دور الملك عبدالله الثاني في العمل المستمر لتبقى منطقة الشرق الأوسط في منأى عن الحريق ومتطلعاً إلى مزيد من التعاون في المجالات التي يمثلها..
كان رئيس مجلس النواب الهنغاري لاسلوكوفير الذي أجرى محادثات ناجحة بداية الشهر مع الرئيس محمود عباس أثناء افتتاح سفارة فلسطين في المجر قد تحدث أيضاً في عيدنا الوطني وكان لشكل شواربه الكثيف ما يضفي المزيد من الهيبة والوقار وقد أعجبه الطعام الأردني حين أضاف القنصل المزيد من الطعام لطبقه أكثر من مرة..
سفراء فلسطين (أحمد عبد الرازق) ولبنان (شربل) والمملكة السعودية (نبيل عاشور) كانوا من بين الحضور وقد أبدى عاشور اعجابه بالتنظيم وحشد كل هذه الشخصيات وسألني عن مهمة زيارتنا واصفاً الحضور الأردني بأنه يرفع الرأس..ولدى عاشور كما عرفت مهمة جادة في اعادة تطوير علاقات بلاده مع المجر بعد ما شابها من سوء فهم!!
وصلت أيضاً ابنة رئيس الجمهورية بال شميت مع زوجها وقد سألت العديد من الأسئلة عن الأردن وأشهر معالمها وترجمت لزوجها عن الطعام الأردني أثناء جلوسها معه واصفة زوجها بأنه يغار كالعرب وأن المجتمع المجري مجتمع شرقي يحافظ ويتطلع دائما للحرية ولاحترام الضيوف..
على مدى الساعتين من الاحتفال تعرفنا على شخصيات هامة منها مدير المخابرات ومستشارة رئيس الوزراء..ونائب رئيس الوزراء ومدير مكتب رئيس الجمهورية..فقد أغرى الجو الصيفي الذي زادت حرارته عن مثيلتها في عمان الحضور ليأتوا بأبهى ملابسهم وخاصة السيدات اللواتي وجدنها فرصة رغم انتظارهن في طابور الاستقبال لعرض الملابس الملونة..
المجر مجتمع شرقي وما زالت ترسبات البيروقراطية الاشتراكية ملموسة في تصرفات الموظفين الذين لا تستفزهم الطوابير ان حصلت ويتصرفون ببطء أحياناً فقد لاحظنا ذلك في أكثر من موقع رسمي أو غير رسمي..
قال لي: يجدر بك ان تساوم حين تشتري وأن لا تركن الى الأسعار المعلنة وان تلاحظ غلاء الأسعار وقد استمعنا الى معلومات كثيرة عن البلد من مغتربين أردنيين أصحاب مشاريع ناجحة كـ سمير حمدان وشريكه زهير عوض حرز الله واللبناني النابلسي صاحب أشهر مصانع الاجبان المجرية...وقد جربت الغلاء بنفسي حين حاسبني فندق كمبنسكي على (90) يورو أي ما يقارب (100) دينار على كوي بدلة كنت أحضر بها المناسبة قبل أن أحتج على ذلك واحظى بخصم 50%..
في النقاش حول الأوضاع الاقتصادية في الأردن تولدت فكرة طرحها القنصل نفاع عن امكانية دعوة المغتربين المقتدرين الأردنيين في العالم لعقد مؤتمر في عمان لدراسة امكانية دعم الاقتصاد الوطني واسناده بأشكال مختلفة والعناية بأوضاعهم في الخارج ليتمكن بلدهم من لاستفادة من امكانياتهم وخبراتهم وترجمة انتماءاتهم له..
كان في وفدنا النائب «ضرار الداود» مقرر لجنة السياحة في البرلمان الذي ألقى كلمة رحب بقيام جمعية الصداقة البرلمانية المجرية الأردنية التي جرى اطلاقها أثناء زيارتنا للبرلمان وقد باركها نائب رئيس الوزراء واعتبرها عربوناً للصداقة المجرية الأردنية..
في مجالات أخرى حضر رجل الأعمال في مجال النقل «مالك حداد» كما أبدى أصحاب مكاتب سياحية أردنية رغبتهم في تعزيز التبادل السياحي بين البلدين..
الصحفيون في الوفد عكس موقع «عمون» الذي مثله سمير الحياري نشاطهم وأفسح مجالاً مناسباً لترجمة الزيارة اعلامياً حيث التقطت كميراته مئات الصور الحية والمؤثرة.
>>>>>>>>>>>>>>
المجر .. البصمات الشرقية قوية..
في الملامح ودفء التعامل..وحتى في طريقة تسليم الرجال على بعضهم بالتقبيل..
وللاردن هنا مكانة مميزة وقد حضرنا حفل عيد الاستقلال للمملكة الذي اقامه قنصل الأردن الفخري في بودابست ودعا اليه شخصيات رسمية مجرية عالية المستوى اضافة الى سفراء المجموعة الأوروبية وغيرهم..
قضايا الاصلاح والتغيير في العالم العربي تحتل مناقشات المحتفلين الذين يميزون ما يجري في العالم العربي ويشدهم تحديداً ما يجري في سوريا والمجموعات السياحية التي تقصد الشرق الأوسط تطرح أسئلتها عن الأمان مع موسم جديد للسياحة ..أوروبا الغربية تتخذ من المجر قبلة سياحية لها حيث يبحث كبار السن المتقاعدون بعد عمل سنوات طويلة عن الراحة والهدوء والاستشفاء بالمياه المعدنية والاقامة في المنتجعات ذات المياه الساخنة حيث المحميات والقرى المنتشرة على أطراف بحيرة بالاتون بودابست التي دمرت أكثر من مرة وظلت تنهض من التدمير على يد امبراطوريات غازية ومجاورة ظلت كطائر العنقاء الذي يبعث من الرماد فقد ظل الدانوب الذي لم يتوقف عن الجريان جنوباً شاهداً على ما حدث حين كان يحمل ركام بودابست ويسير به عبر الحروب المعلنة عليها أو تلك التي كانت تصد بها الغزاة وقد جرى اعادة بنائها...وظلت بعض المعالم الناجية من الحروب شاهداً على اصرار الانسان على أن يسجل خلوده في المكان فكانت القلعة ومبنى البرلمان والقصر الامبراطوري وأشهر الجسور على الدانوب..وكانت الشوارع الضيقة الخلفية والغابات التي وسعت للمباني الجديدة في العهد السوفييتي حيث كانت المجر تدور في فلك الشيوعية قبل ان تحتفظ بكراهيتها لذلك النظام اكثر مما كرهت العثمانيين الذين اقاموا أحكاماً فيها لمائة وخمسين سنة واتبعوها لادارة البلقان قبل أن تجردهم الامبراطورية النمساوية نفوذهم وممتلكاتهم بصفقات وحروب..
الغرب عرف العثمانيين كمقاتلين وما زال شبح تاريخهم قائماً في الذاكرة منذ حصار فينا في النمسا وحروب السفر برلك..
المجر التي أطفات النسب العالية من البطالة حين وفرت أيدي عاملة قوية ومدربة وخاصة في الزراعة لدول أوروبا القديمة في الغرب ما زالت تبحث عن فرص أفضل في الاتحاد الأوروبي تتخطى تصدير اللحوم والأعلاف والحبوب واستطاعت ان تحول منتجعاتها السياحية الغنية وما يحيط بها من محميات طبيعية فيها أشهر ينابيع المياه المعدنية في العالم الى صناعة سياحة تدر المليارات من الفورنت المجري (العملة المجرية) بتدفق (30) مليون سائح معظمهم من الاتحاد الأوروبي بديل السياحة شبه المجانية التي كانت تستمتع بها شعوب الاتحاد السوفييتي قبل الاستقلال حين كانت تلك المنتجعات مراكز للحكام الروس..
بودابست تتباهى بكثرة الكنائس حيث يشكل الكاثوليك أكثر من 50% وحيث الأطرزة التاريخية الفخمة للكنائس المطلة على الدانوب..
المجر التي تجهز نفسها لتولي رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع العام القادم تعمل بنشاط للانفتاح على مختلف دول المنطقة وتتأهل لمعرفة أبرز قضايا السياسة التي تهم الاتحاد الأوروبي وفي السياق كانت زيارة وزير الخارجية المجري جاونز مورتوني إلى عمان الذي استمع الى وجهة نظر الأردن وحيث يمكن للتعاون الثنائي في مجالات المياة والبيئة والاستثمارات أن تتطور وأن تدفع المجر من خلال موقعها الجديد الوضع المتقدم المعطى للأردن في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي والذي حصل عليه أخيراً..في الأردن سفارة لهنجاريا والرحلات الجوية المجرية تقصد عمان أكثر من مرة في الاسبوع حيث يتنقل الطلاب والسياح ورجال الأعمال..
alhattabsultan@gmail.com
هنجاريا .. دخول الحمام ليس كالخروج منه!
دعتنا هيئة تنشيط السياحة الهنجارية في مجموعة من الصحفيين والنواب ورجال أعمال في هذا الحقل بتدبير من قنصل الأردن الفخري في هنجاريا زيد نفاع..كان البرنامج مزدحماً اذ كان علينا أن نتتبع أهم المواقع السياحية عبر البلاد المشهورة بينابيع المياه والمنتجعات السياحية..
كانت البداية من بحيرة بالاتون وهي أكبر بحيرة مياه عذبة في أوروبا وحيث تقع بلدة بالاتون التي هي محمية طبيعة لانواع نادرة من الطيور..
مرافقنا واسمه ادم كان عليه أن يلتقينا في بودابست العاصمة بعد أن غادرنا منتجع بالاتون..وكان عليه أن يجيب على أسئلة متنوعة عن المكان..العاصمة بودابست وهي قسمين بودا وبست يفصلهما نهر الدانوب الشهير الذي تقع عليه أربع مدن اوروبية مركزية وعشرات المدن والقرى الفرعية عبر أوروبا اذ انه الأطول على الإطلاق والأكثر شهرة..
نظرت إلى الدانوب من أعلى مرتفع يقابل أهم المعالم السياحية كالقصر والبرلمان ومجموعة الكنائس ذات المعمار القوطي وأقدم الجسور التي تربط شطري العاصمة..فقد واجهت هذه المدينة التي عمرها من عمر ظهور المسيحية موجات كبيرة من الغزاة..منهم من رحل ومنهم من استقر ومنهم من ترك بصماته مثل العثمانيين الذين جاء بهم سليمان القانوني عام 1541 ليظلوا فيها أكثر من 150 سنة وخاصة الجزء المسمى بودا ثم حكمها النمساويون الذين اخذوها من العثمانيين ليسيطر عليها بعد ذلك النظام الاشتراكي فقد أصبحت تلف في فلك الدولة السوفيتية بعد الحرب العالمية الثانية ولكنها ما لبثت ان تمردت عليها في عام 1956 قبل ان تدخلها الدبابات الروسية وتعيدها الى بيت الطاعة..ومع ضعف الدولة السوفيتية فقد استطاع المجريون تغيير واقعهم عام 1988 وفي عام 1990 استقلوا بعد مفاوضات انسحبت بموجبها القوات السوفيتية من المجر ومع مجيء عام 2004 انضمت المجرالى الاتحاد الأوروبي..
المجر غنية بمصادرها الطبيعية كالقمح واللحوم الحمراء والجبان وهذا ما اكده مستثمر أردني هو خالد نفاع الذي يدير أراض تزيد عن (100) ألف دونم وما عليها من ابقار ومواش ومحاصيل..كما ينشط في الجالية التي تزيد عن 800 نسمة مستثمرون أردنيون في مجال السياحة امتلكوا حوالي (30) فندقاً داخل العاصمة وخارجها في بلد يتدفق عليه (30) مليون سائح سنوياً رغم أن عدد سكانه لا يتجاوز (10) مليون نسمة ومساحته اقل من مساحة الأردن..
مررنا بالقصر الجمهوري وزرنا البرلمان وكان علي أن أسأل المرافق آدم عن متوسط دخل الأفراد وهو دخل لا يتجاوز (6) الاف يورو اذ ما زال المجريون يشكون التكيف داخل الاتحاد الأوروبي وهم فضلوا الحزب الوطني الذي انتزع 70% من مقاعد البرلمان في معاداته للشيوعية والاشتراكية وما زال يحاول اصلاح الاوضاع الاقتصادية وتخفيض البطالة..
هنا اكبر جالية يهودية من بين دول الجوار للمجر وهي جالية نشيطة حيث بدأت بعض بذور الحركة الصهيونية المبكرة..
في الشارع لفت انتباهي على شاطيء الدانوب الشرقي وجود أحذية قديمة متنوعة القياس على الرصيف لا يجمعها شكل فسألت.. فقيل هذه أحذية الذين قضوا من اليهود في المطاردة النازية..فما زال الاعلام الصهيوني يغذي الوجدان الأوروبي ويجلده ليبقي الاحساس بالاثم لديه قائماً وهذه مسألة يطول شرحها وأفانين التعامل معها لكن المجريين الذين جاءوا من آسيا ولديهم لغة مختلفة انخرطوا في تحمل ما جرى ارتكابه وما زالت البساطير شاهداً على ما ألصق بهم من تهم وما عليهم أن يتذكروه بفعل ضغوطات اللوبيات الصهيونية النشطة..
الصورة للزميل الحطاب في المجر(هنغاريا).بعدسة عمون.