في عالم يشهد تغيّرات متسارعة وتحديات غير مسبوقة، تظهر الحاجة إلى حلول استثنائية تتجاوز النهج التقليدي للتنمية. هنا يأتي مفهوم 10Xكأداة فعّالة لتحقيق قفزات نوعية في زمن قياسي، إذ يقوم على مضاعفة الإنجازات بعشرة أضعاف خلال فترة زمنية محددة. وفي سياق أردني يطمح إلى تحقيق رؤى اقتصادية واجتماعية طموحة، نقترح إعلان عام 2025 كسنة "تسارع تنموي خاصة" تحت شعار الأردن 10X:25، حيث نسعى لتحقيق ما نطمح لإنجازه خلال عشر سنوات في عام واحد فقط.

مفهوم 10X ليس مجرد شعار، بل هو فلسفة للتغيير الجذري تقوم على الابتكار والتحفيز من أجل تحقيق إنجازات استثنائية. في السياق الأردني، يمكن لهذا النهج أن يُحدث تحولاً جذرياً في مختلف القطاعات الحيوية. عندما نتصور الأردن 10X:25، فإننا نتصور إعادة صياغة للأهداف التنموية بطريقة طموحة وواقعية في آنٍ معًا، مثل تطوير التعليم الرقمي، تحسين جودة الخدمات الصحية، وتعزيز الاقتصاد الرقمي والبنية التحتية المستدامة.

الأردن يمتلك رؤية اقتصادية طموحة تهدف إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين وزيادة تنافسية الاقتصاد، مدعومة ببرنامج التطوير الاقتصادي وخطة التحديث الإداري التي تسعى لتحقيق التحول المؤسسي والإداري اللازم لمواكبة المتغيرات العالمية. وقد عبّر جلالة الملك عبدالله الثاني في رسالته إلى أبناء الوطن عن إيمانه الراسخ بعزيمة الأردنيين وقدرتهم على تجاوز التحديات، مشدداً على أهمية بناء المستقبل بعزم لا يلين، وبرؤية واضحة ومنهجية شاملة. كما أكد جلالته أن "التشاؤم لا يبني مستقبلاً، والإحباط لا يقدم حلولاً"، داعياً إلى العمل بشجاعة وإرادة لبلوغ الطموحات الوطنية.

من جانبه، أكّدت وزارة التخطيط والتعاون الدولي أن برنامج وخطط التحديث الإداري، تهدف إلى بناء قطاع عام "ممكَّن" يعيد الألق والتميّز للإدارة العامّة، ويحسّن الخدمات المقدّمة للمواطنين، ويرفع كفاءة الإدارة العامة. وأن برنامج التحديث الإداري مرن وقابل للنقد والتصويب بحسب المصلحة العامة، ويعتمد على إشراك المواطنين في صنع القرار وتطوير شراكات مع مراكز علمية وبحثية وأكاديمية. أن مدة البرنامج تمتد لعشر سنوات، مع التركيز على رقمنة الخدمات الحكومية وصقل المهارات الرقمية للموظفين، ليصبح القطاع العام أكثر رشاقة وفعالية.

لقد أثبتت العديد من الدول أن التحول الجذري ممكن إذا توافرت الإرادة والسياسات الصحيحة. سنغافورة، على سبيل المثال، تحولت من دولة نامية إلى مركز اقتصادي عالمي خلال عقود قليلة بفضل تبني سياسات حكومية فعّالة واستثمارها في رأس المال البشري. رواندا هي الأخرى مثال مُلهم للتنمية السريعة في إفريقيا، حيث ركزت على الابتكار والاستثمار في التكنولوجيا لتعزيز اقتصادها. أما الإمارات العربية المتحدة، فقد رسخت مكانتها كنموذج ناجح للاستفادة من التكنولوجيا والابتكار لتحقيق إنجازات عالمية في زمن قياسي.

إذا نظرنا إلى عام 2025 كسنة "تسارع تنموي"، فإن السياسات العامة والابتكارات المؤسسية ستكون المفتاح لتحقيق نجاح الأردن 10X:25 يمكن إطلاق منصات للابتكار تجمع بين رواد الأعمال والمؤسسات الحكومية لتطوير حلول مبتكرة في مجالات مثل الاقتصاد الرقمي والسياحة والطاقة المتجددة. كما يمكن اعتماد مؤشرات قياس دقيقة لقياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي وضمان تحقيق نتائج ملموسة.

بالطبع، مثل هذا التحول لن يكون خاليًا من التحديات. هناك مقاومة محتملة للتغيير، ولكن يمكن التغلب عليها من خلال بناء ثقافة تنظيمية داعمة ومشجعة. كما أن محدودية الموارد تتطلب التركيز على الابتكار في استخدام المتاح منها بشكل أكثر فعالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنسيق بين مختلف الجهات المعنية سيكون ضروريًا لضمان التنفيذ الناجح.

الأردن 10X:25 ليست مجرد فكرة طموحة، بل هي دعوة للتفكير والعمل بشكل مختلف. من خلال تبني هذا النهج، يمكن للأردن أن يُثبت قدرته على تحقيق قفزات نوعية ووضع نفسه كنموذج يُحتذى به في العالم العربي وخارجه. عام 2025 يمكن أن يكون العام الذي يُثبت فيه الأردن أن الطموح والإرادة يمكن أن يحولا الأحلام إلى واقع ملموس.