المسرح الصحراوي .. مساحة إبداعية تستلهم التراث وتواكب الحداثة
15-12-2024 10:33 AM
عمون- انعقدت ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للمسرح الثقافي، مسامرة فكرية تحت عنوان “المسرح الصحراوي.. التجربة والوعي”، شارك فيها نخبة من النقاد والمخرجين والباحثين المسرحيين والمفكرين من مختلف الدول العربية، لمناقشة قضايا المسرح الصحراوي بوصفه فضاءً إبداعيًا يجمع بين العمق التراثي والابتكار التقني.
المسامرة ألقت الضوء على أهمية المسرح الصحراوي كنوع مسرحي فريد يعكس الهوية الثقافية للشعوب العربية، ويستفيد من التقنيات الحديثة لتعزيز تجربته الفنية. تعددت الطروحات النقدية التي تناولت قضايا الهوية، التراث، التكنولوجيا، وتحديات النقد المسرحي، في محاولة لتقديم رؤية شاملة لمستقبل هذا النوع المسرحي الذي يرتكز على فضاءات الصحراء الواسعة.
وطرح المخرج الاردني أ.محمد الضمور، من خلال ورقته النقدية التى تحمل عنوان “قراءة في التجربة النقدية المواكبة لمهرجان المسرح الصحراوي في الشارقة”، عدة تساؤلات محورية حول الحراك النقدي المواكب للمسرح العربي.
وأكد أن النقد المسرحي يجب أن يكون أداة لتفسير معاني النصوص واستجلاء الرموز السمعية والبصرية والحركية في العروض المسرحية، مشيرًا إلى أن الناقد المسرحي لا يكتفي بدور المتلقي، بل يصبح منتجًا ثالثًا للعمل الفني.
كما أوضح الضمور أهمية المسامرات النقدية والفكرية التي تُعقد عقب العروض المسرحية مباشرة، واصفًا إياها بأنها لحظة اشتباك فوري مع الفعل الفني. وبين أن هذا الشكل من النقد يسهم في تقديم رؤى آنية وملاحظات بناءة، بعيدًا عن الانطباعات الانفعالية السريعة، مؤكدًا أن هذه المسامرات أثرت المشهد المسرحي الصحراوي بشكل كبير، بفضل مشاركة نقاد متخصصين قادرين على تقديم قراءات متعمقة.
وقدمت الناقدة المصرية د. داليا همام ورقة بعنوان “مسرحة الصحراء بين المرجعية التراثية والتقنيات الحديثة”، ناقشت فيها العلاقة بين استلهام التراث واستخدام التكنولوجيا في المسرح الصحراوي.
وقدمت د. همام تساؤلات جوهرية حول تأثير المزج بين القوالب التقليدية والتقنيات الحديثة على الهوية الثقافية، متسائلة: هل يؤدي هذا المزج إلى تفكك في المنتج المسرحي أم أنه يعزز من قوته وتماسكه؟
حيث بينت د. همام بأن المسرح، بقدرته على استلهام التراث وتوظيف التكنولوجيا، يمثل وسيلة فعالة لتعزيز الهوية الثقافية ومقاومة محاولات طمس ذاكرة الشعوب. وأشارت إلى أن الملاحم والسير البدوية، رغم نمطيتها، تظل قادرة على استقطاب الجمهور عبر المزج بين الماضي والحاضر باستخدام تقنيات الإضاءة والصوت الحديثة، خاصة في فضاءات الصحراء المفتوحة، التي تضفي بعدًا جماليًا خاصًا على التجربة المسرحية.
واكدت د.همام إن تجربة الشارقة في المسرح الصحراوي تمثل نموذجًا ملهمًا للدول العربية ذات البيئة الصحراوية، ما يفتح المجال أمام تأسيس مسارح صحراوية أخرى تعكس التنوع الثقافي العربي، وتؤكد أن الصحراء ليست فقط فضاءً طبيعيًا، بل أيضًا مساحة إبداعية تجمع بين التراث والحداثة.