من العقبة إلى سوريا رسائل هامة
نيفين عبد الهادي
15-12-2024 12:13 AM
لم تربط المواقف الأردنية الداعمة للأشقاء السوريين بزمن محدد، ولا حتى بظرف معين، فطالما قدّم الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني العون والمساعدة للشعب السوري، لم يتركه يجاهر بوجعه يوما، فقبل الشكوى كانت الوقفة الأردنية تحضر بشكل عملي وبمواقف حقيقية يلمس تفاصيلها السوريون كونها تأتيهم من القلب لتصل للقلب.
بالأمس، واستكمالا للمواقف الأردنية في دعم الأشقاء السوريين، وبدعوة من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي اجتمع في مدينة العقبة وزراء خارجية الدول الأعضاء في لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا، والمشكَلة بموجب القرار رقم 8914 الصادر عن الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وهذه الدول إلى جانب الأردن، السعودية، العراق، ولبنان ومصر وأمين عام جامعة الدول العربية، وبمشاركة وزراء خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، ودولة قطر.
هذا الاجتماع غيّر بشكل عملي وجهة بوصلة الاهتمام بالشأن السوري، وحدد أولويات الدعم لسوريا والقادم في حضورها عربيا وحتى دوليا، إذ كان أبرز ما دفع باتجاهه دعم عملية انتقالية سياسية جامعة في سوريا، وضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين، ليخرج من العقبة أمس رسالة سياسية وإنسانية ودبلوماسية وأمنية غاية في الأهمية لجهة دعم سوريا، وتعزيز حضورها عربيا ودوليا بما يضمن سلامة أراضيها ومؤسساتها وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاجه الشعب السوري، لتكون هذه الرسالة الهامة بمثابة خارطة طريق للتعامل مع سوريا خلال المرحلة الحالية وفي الغد القريب والبعيد.
من العقبة، علا الصوت العربي في ادانة توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالا غاشما وخارقا للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في العام 1974، والمطالبة بانسحاب القوات الإسرائيلية، وإدانة الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، والتأكيد على أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب انهاء احتلالها، ومطالبة مجلس الأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات، رسالة هامة أخرى برفض مضي إسرائيل في سياساتها الاحتلالية، وخرق القانون الدولي، لمن لم يسمع هذه الأصوات من قبل، يسمعها من جديد بصوت عربي واحد وكلمة واحدة لا ضبابية بها.
صوت أردني، سعودي، عراقي، مصري ولبناني، وإماراتي وبحريني وقطري الى جانب جامعة الدول العربية، واضح وعلني لا ضبابية حوله بالمطلق، صوت واحد قوي واقعي بشأن سوريا، أبرز ما فيه أن هذه الدول تُجمع في العقبة على أنها مع الشعب السوري تدعم خياراته وتحرص على أمنه وسلامة أراضيه ومؤسساته، فوجود هذا الموقف بات حاجة وضرورة تفرضها تزاحم الأحداث مؤخرا، فيجب ألا تتوه وجهة بوصلة الدول العربية، كما أنه يجب ان يشعر الأشقاء السوريون بوجود أشقائهم من حولهم، وهو ما حضر أمس في العقبة لتنطلق من العقبة إلى كل بقعة في سوريا.
ليس اجتماعا عاديا، في التوقيت، وفي المضامين التي تناولها، ففي انعقاده وبحضور قوي وهام أهمية كبرى، ورسالة عربية حقيقة هامة وعظيمة، ما يجعل منه اجتماعا يتجاوز الأهمية بأهميته، وعميقا بعمق احتياجات المرحلة ودقيقا بدقة ظروفها.
الدستور