كل ما نسمعه من دعوات ونلمسه من حرص للحفاظ على وحدة الاراضي السورية والشعب السوري،من بعض الدول المتورطة في الصراع السوري الداخلي والتي تحتل اراض سورية واسعة ،هو كذب وتغطية على اطماعها في سوريا ،وترسيخا لنفوذها وتجسيدا لوجودها وتأثيرها في حياة السوريين،وفي سياسة ونهج سوريا المستقبلي ،ويتنافى تماما مع الواقع المشهود امام الجميع.
نسمع دعوات وتصريحات لا تنتهي ولا تتوقف من المسؤولين الاميركيين ،كلها تدعو الى ضرورة ان تكون الحكومة السورية.. سورية فقط، وان تكون جامعة تمثل جميع الاطياف السورية،وتحافظ على وحدة سوريا ارضا وشعبا،بينما على ارض الواقع، تحتل امريكا مساحات شاسعة شرق سوريا،وتسيطر على مصادر النفط والغاز وتستغلها وتستثمرها ،وتحتفظ بقواعد عسكرية فيها،اكد المسؤولون الاميركيون انهم سيحافظون على بقائها بحجة مواجهة تنظيم الدولة ،وهي حجج واهية كاذبة ،هدفها الحقيقي احتلال هذا الجزء من سوريا الغني جدا بالنفط والغاز ومصادر الطاقة والثروات الاخرى،وبهدف السيطرة الامنية والعسكرية على سوريا ودول عربية اخرى.
اما تركيا الجارة لسوريا ،فان رئيسها يدهشنا وهو يخطب امام البرلمان التركي ،ويظهر حرصا شديدا على ان سوريا للسوريين والحفاظ على وحدة الاراضي السورية مصلحة تركية ،نجد ان تركيا تحتل حوالي تسعة آلاف كيلومتر مربع من الاراضي السورية ،فيها اكثر من الف مدينة وبلدة وقرية سورية.
أما اسرائيل التي احتلت اراضي سورية تزيد مساحتها عن مائتي كيلومنر مربع،وما تزال تواصل احتلال اراضي جديدة،فانها تهدف الى احتلال ما تبقى من اراضي منطقة الجولان السورية البالغة مساحتها ستمائة كيلومتر مربع،لتستكمل احتلال كل الجولان ،بعد ان احتلت عام 67 الف ومائتي كيلومتر مربع من اراضي الجولان وضمتها عام 81 ،وسوف تواصل عمليات الاحتلال حتى تستولي على ثلاث محافظات سورية هي القنيطرة والسويداء ودرعا،وهناك اهداف مبيتة للاحتلال الاسرائيلي ،وراء هذا التوسع العدواني في الاراضي السورية ،سوف تظهر خلال الاشهر القليلة القادمة.
اسرائيل ومعها امريكا تدعي ان هذا الاحتلال مؤقت،لكنه في الحقيقة والواقع العملي احتلال دائم ،ولم تقم اسرائيل باحتلال الاراضي السورية لتخرج منها.
وزير الدفاع الاسرائيلي يقول من على قمة جبل الشيخ السوري،انها لحظة تاريخية التي استعادت فيها اسرائيل السيطرة على كامل جبل الشيخ ،وللعلم فقد استطاعت سوريا تحرير هذا الجزء من جبل الشيخ بالقتال الضاري في حرب تشرين عام 1973.
ويقول جيك سوليفان الاسرائيلي الامريكي، ان احتلال اسرائيل للاراضي السورية دفاع عن النفس،وأي نفس التي تدافع عنها اسرائيل ،وسوريا ملتزمة تماما باتفاق فك الاشتباك والفصل بين القوات مع اسرائيل،ولم تطلق باتجاه اسرائيل طلقة واحدة منذ شهر ايار عام 1974،تاريخ توقيع الاتفاق،انه مخطط امريكي اسرائيلي لاحتلال الاراضي السورية،لتتمكن اسرائيل من اطباق الحصار على البنان،التي اصبحت تطوقه من الجنوب والشرق والشمال ،ولم يعد امام لبنان مخرج سوى البحر،تماما كما هو حال قطاع غزة ،ووضعت لبنان بين فكي الكماشة الاسرائيلية ،وبهذا الاحتلال للاراضي السورية تحقق اسرائيل عدة اهداف امنية وعسكرية في سوريا ولبنان، وتقترب جدا من العراق والاردن وتركيا .
لن تخرج اسرائيل من الاراضي السورية التي احتلتها بعد السابع من الشهر الحالي الا بالقوة العسكرية والنار،وسوف تعمل على التمدد الاستيطاني فيها ان استطاعت ،وزرعها بالمستوطنات والمستوطنين ،وقد لا تكتفي بها وستواصل التوسع في الاراضي السورية ،ولن تنسحب من جنوب لبنان ولا من قطاع غزة الا بالقوة العسكرية،وهي تعيد اليوم سيناريو احتلال الاراضي العربية في حرب عام 1967،لتخلق الشرق الاوسط الجديد الذي بشر به نتنياهو مرارا وتكرارا.
الخلاصة ان الدول التي تدعي حرصها على وحدة وسلامة سوريا واستقرار الحكم والحياة فيها،هي التي تعمل على تقسيمها وتخلط الاوراق فيها ،وتعمل على التقسيم الطائفي للشعب السوري لاختراقه وتفكيكه وتفتيته وتشتيته،وهي التي تعمل بكل جهودها على خلق الفوضى في سوريا لاضعافها وايجاد المبررات للتدخل في الشؤون السورية الداخلية واحتلال اراضيها واستمرار تواجد قواعدها العسكرية فيها.
افضل مساعدة يمكن ان تقدمها تلك الدول لسوريا،ان يتركوها وشأنها ،ولا يستمروا في تخريبها من الداخل،لان الشعب السوري قادر على تدبر امره وقيادة بلده.