لا يعقل ما كشفته الكاميرات، من كل حدب وصوب، مما قام به نظام الأسد المجرم، وعلى امتداد أكثر من نصف قرن، من جرائم بشعة وتنكيل وحشي بحق الشعب السوري، يندى لها الجبين، لدرجة أن المشاهد يصاب بصدمة، ستستمر لأشهر وسنوات، لما وصل إليه هذا النظام الفاشي من انعدام للإنسانية بحق شعبه بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وضع السجون السورية، أو ما يمكن تسميته بمعسكرات الذل والموت، فترة الأسد المقبور ونسله المجرم، أقرب ما يكون إلى مسالخ لا تراعى فيها لا حقوق بشرية ولا حتى حيوانية!
صيدنايا والمزة والقابون في دمشق والبالون وتدمر في حمص وغيرها ليست مجرد سجون تدار من قبل عسكر مجنون، بل هي، وكما وصفتها منظمة العفو الدولية، "مسالخ بشرية تذبح فيها الدولة السورية شعبها بهدوء"، وهي شاهدة على دناءة النفس البشرية وحقارتها إلى أدنى مستوى، إن كانت بشرية في الأساس، لزمرة فاسدة من السجانين ومن قبلهم من أوكل لهم الأمر، ممن تلذذوا بإهانة وتعذيب بني البشر والتنكيل بهم إلى درجة يفقد الإنسان معها المنطق، ويقف عاجزا مذهولا من هول الكارثة.
رجال يعذبون مع تجويع ممنهج وصعق بالكهرباء وصولا إلى اضطرابات نفسية وعقلية يُرثى لها، ونساء يغتصبن وينكل بأجسادهن، وأطفال يولدون في غياهب السجون وتمارس ضدهم كل الفظاعات، والمخفي أعظم، وليس لهم إلا المولى عز وجل يسمع أنينهم وصيحاتهم، دموعهم تنهمر ودماؤهم تسيل، قبل أن تفيض أرواحهم الطاهرة إلى السماء. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الاستمتاع والتفنن بالتعذيب والقتل واستباحة المحرمات -من جثث تقطع وتحنط بالملح، وجثامين بلا رؤوس، وقبور جماعية مع آثار أسلحة كيماوية محرمة وغير ذلك من جنون- على يد زمرة حيوانية سادية وأكثر، هي ليست مجرد جرائم إبادة ضد الإنسانية، بل أكثر من ذلك بكثير، ولا بد من تشكيل محكمة جنائية مختصة وعلنية، ليحاكم كل من كان له صلة بما حل بالشعب السوري من ويلات على مدار أكثر من خمسة عقود، ليلقوا مصيرهم في جهنم الأرض قبل أن يكون جحيم الآخرة مثواهم الأخير.
الشهادات والقصص الصادمة والتقارير الواردة من سجون ومعتقلات سورية الأسد تهتز لها الضمائر، ولا يجوز أن تمر من دون محاسبة صارمة وقصاص عادل على غرار ما حدث مع قادة النازية، أو ما قد يحدث، من المؤمل، مع مجرمي الكيان الصهيوني وما يرتكبونه من جرائم حرب وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني الصابر.
لا عذر لمن حرق شعبه ليعيث في الأرض فسادا. وعلى الإنسانية جمعاء أن تعمل لمحاسبة فرعون العصر الأسد وزمرته الطاغية إحقاقا للحق وشفاء لقلوب الثكلى من أمهات من قتلهم وعذبهم ونكل بهم نظام القمع والقتل الأسدي. "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ".
الغد