هل تخلص الأردن من مخاطر الكبتاجون؟
د. أشرف الراعي
13-12-2024 08:08 PM
تُعد تجارة المخدرات، وبالأخص الكبتاجون، أحد التحديات الكبرى التي واجهتها المملكة في العقد الأخير، لا سيما مع تصاعد الإنتاج والتهريب من الأراضي السورية، ومع انهيار النظام، وتفكك الفرقة الرابعة، التي كان يقودها ماهر الأسد، تلوح فرصة حقيقية للأردن للتخلص من أبرز مصدر للتهديد على الحدود الشمالية الشرقية، وهو التهريب المنظم للكبتاجون.
على مدار السنوات الماضية، تحولت سوريا إلى مركز إقليمي لإنتاج الكبتاجون وتهريبه، حيث اعتمدت مجموعات نافذة، وعلى رأسها الفرقة الرابعة، على تجارة هذه المادة لتحقيق أرباح طائلة، وتقدر بعض التقارير أن قيمة تجارة الكبتاجون السوري تجاوزت 10 مليارات دولار سنوياً، وهو رقم يعكس حجم هذه الظاهرة وتأثيرها المدمر.
ووفقا لتقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، شهدت المنطقة زيادةً كبيرة في تهريب الكبتاجون إلى دول الجوار، وعلى رأسها الأردن والسعودية؛ ففي عام 2021 وحده، تم ضبط أكثر من 50 مليون حبة كبتاجون في عمليات تهريب متجهة إلى السعودية والأردن.
وبسبب الموقع الجغرافي، كان للأردن النصيب الأكبر من التحديات الأمنية الناتجة عن تهريب الكبتاجون؛ حيث استشهد العشرات من جنود حرس الحدود الأردنيين خلال عمليات التصدي للمهربين، وهو رقم يزداد مع تصاعد عمليات التهريب منذ عام 2018.
كما أدى انتشار الكبتاجون إلى زيادة حالات الإدمان بين الشباب الأردني والسعودي، حيث تُصنّف هذه الفئة العمرية الأكثر استهدافا، فضلا عن تزايد الضغط على الأجهزة الأمنية الأردنية، التي نفذت حملات ضخمة وعمليات ملاحقة مستمرة لمنع دخول هذه المواد السامة إلى الداخل الأردني.
واليوم، مع انهيار نظام الأسد وتفكك الفرقة الرابعة، وهي الجهة التي كانت تتحكم بشكل كبير في تجارة الكبتاجون، يتوقع أن تتراجع عمليات التهريب عبر الحدود الأردنية الشمالية الشرقية بشكل ملحوظ؛ حيث يُعد غياب السيطرة العسكرية لماهر الأسد والفرقة الرابعة ضربة قاصمة لشبكات إنتاج وتوزيع الكبتاجون، كما يمكن للأردن إعادة ضبط حدوده الشمالية بشكل فعّال عبر التعاون مع أطراف دولية وإقليمية لضمان وقف أي محاولات لإعادة تفعيل خطوط التهريب.
وتبين الإحصائيات الرسمية حجم الظاهرة، ففي عام 2021 ضبط أكثر من 15 مليون حبة على الحدود الشمالية، وفي عام 2022 زادت الكميات إلى 20 مليون حبة، مع إحباط أكثر من 130 محاولة تهريب، ومنذ منذ بداية الأزمة السورية، استشهد ما لا يقل عن 40 جنديا خلال مواجهات مباشرة مع المهربين، وفق تقارير رسمية، كما تشهد مراكز العلاج زيادة في الحالات المرتبطة بالكبتاجون.
وبالتالي، فانهيار نظام الأسد وتفكك الفرقة الرابعة يمثل فرصة استراتيجية للأردن لتعزيز أمنه الوطني وحماية حدوده من خطر تهريب الكبتاجون، ومن المتوقع أن تشهد المملكة تراجعا ملحوظا في تهديدات التهريب المنظمة، ما سيوفر جهودا أمنية ضخمة ويحمي المجتمع من هذه الآفة، ومع ذلك، يبقى التحدي متمثلا في ضمان مراقبة دقيقة للحدود واستمرار التعاون مع الجهات الدولية للقضاء على أي محاولات لإعادة إحياء هذه التجارة.