الصراع على سوريا .. أم صراعا على العرب والعروبة
زیاد مطارنة
13-12-2024 04:29 PM
بمزيج من الألم والأمل نراقب ما يجري في سوريا العروبة.. نهاية حتمية لكل نظام سياسي استبدادي مجرم مارس أبشع أشكال القهر لشعبه واغتال كل فرص سوريا للقيام بدورها المحوري في قيادة مشروع الأمة في الوحدة والتحرر والحرية والعدالة.. مشروع الاستقلال القومي الذي يعيد لأمتنا دورها الحضاري الانساني ويضعها في المكان الذي يليق بها بين الأمم.
ها هو المشروع الاسرائيلي العثماني الأميريكي يطل علينا عبر سيرك ما يسمى الثورة السورية وفي مشهد سوريالي فريد يتم تسليم سوريا العروبة لمجاميع من الارهابيين تجمعوا من مختلف أنحاء العالم برعاية أمريكية لا تقل خطورة عن قطعان الكيان الاسرائيلي.. وكأن التاريخ يعيد نفسه ويذكرنا بتسليم حافظ الأسد.
والد بشار الأسد الجولان عام (٦٧) دون قتال وما تلاها من مذابح ضد المقاومة الفلسطينية.
منذ ان فجرت غزة العزة زلزالها في السابع من أكتوبر قلنا بأن هذا الزلزال سيغير وجه التاريخ وسيعيد لأمتنا العربية يقظتها ووعيها المسلوب لإعادة بناء مشروعها القومي العربي الحضاري ويكون رائدا في إعادة المنطقة لوجهها العربي في مواجهة المشاريع الإقليمية والدولية المتصارعة على قيادة الاقليم العربي والسطو على مقدراته الطبيعية والبشرية .. لقد كانت سوريا بما تملكه من مقومات تاريخية وجغرافية واستراتيجية وحضارية هي المرشحة لقيادة هذا المشروع العربي الحضاري.
حيث أن مثل هذا المشروع يشكل طوق النجاة لأنظمة سايكس بيكو من الغرق في براكين المشروع الاسرائيلي الاميريكي الساعي للتوسع والتغول والتوغل والنفي والإلغاء لجميع العوائق التي خلقتها تقسيمات سايكس بيكو.
لقد كان بالإمكان التفاهم مع كل من إيران وتركيا حول بناء نظام اقليمي شرق اوسطي يحقق مصالح شعوب المنطقة الأصليين ويحاصر المشروع الاسرائيلي ويمنعه من التفكير في التوسع والتمدد على حساب دول المنطقة وشعوبها الأصلية وفرض سيطرتها عليها وإلغاء هويتها الثقافية والتاريخية.
لكن هذا النظام اختار أن يقف موقف المتفرج على المجازر التي يرتكبها المشروع الاسرائيلي الامريكي في فلسطين ولبنان وترك ظهر حليفه الأقرب حزب الله مكشوفا لكل اشكال الذبح.. تماما كما تخلى عن التزاماته اتجاه تحرير الجولان وتخليه عن كل التزاماته القومية في مواجهة المشروع الاسرائيلي الامريكي وعلى رأسها المشاركة في الاحتلال الامريكي للعراق.
ان ما جرى ويجري على أرض سوريا اليوم هو مقدمة لمسلسل متدحرج يجرف أنظمة سايكس بيكو بكل اشكالها والوانها ان لم تتحرك على الفور لاقامة نظامها العربي الاتحادي القائم على حماية مصالح الشعب العربي في مختلف اقطار العروبة على قاعدة وحدة الارض والمصير والمصالح المشتركة ويحدها الأدنى (الأمن القومي العربي (الواحد وإطلاق يد الشعوب العربية في مقاومة مشاريع التوسع والسيطرة على أمتنا بكل الوسائل المتاحة وعلى رأسها المشروع الاسرائيلي الامريكي.
وفي كل الأحوال يجب ان لا نترك لاختلافنا حول ما جرى على ارض سوريا العروبة أن يشغلنا عن (البوصلة) وقبلة خلاصنا الروحي والجسدي .. فلسطين الحبيبة.. ودعم المقاومة البطلة في فلسطين ولبنان التي تخوض نضالا اسطوريا قل نظيره.
ان هذا الاستعراض السريع يطرح علينا سؤالا مهما وهو هل سقوط نظام الاسد هو سقوط نظام ام سقوط دولة... اذا كان سقوطا للنظام (فخيرا على خير) فليذهب الى الجحيم غير مأسوف عليه فهذا قدره ككل أنظمة الإستبداد والقهر والفساد.. اما ان يتحول إلى سقوط دولة فهذا نذير شؤم بميلاد شرق اوسط اوسخ من سايكس بيكو وعلى العرب والعروبة وانظمتها البائسة السلام.. وللحديث بقية.