تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية بعقلية “10X”
صالح سليم الحموري
13-12-2024 12:18 PM
تعدّ رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية خارطة طريق طموحة تستهدف إحداث نقلة نوعية في مسار التنمية المستدامة والشاملة، بما يتماشى مع متغيرات العصر ويلبي احتياجات المستقبل. تسعى هذه الرؤية إلى تجاوز الحلول التقليدية من خلال إحداث تحول جذري في هيكل الاقتصاد الأردني، عبر تعزيز الابتكار الجذري، الاستثمار في رأس المال البشري، ودعم التحول الرقمي.
في هذا السياق، تبرز أهمية تبنّي نهج “10X”، الذي يركز على تحقيق نتائج غير مسبوقة من خلال التفكير الجريء وابتكار حلول تتجاوز الأطر التقليدية، مما يمكّن الأردن من التقدم بخطى سريعة نحو تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي الطموحة وبناء اقتصاد حديث مرن ومبتكر.
يشير مفهوم “10X” إلى تحقيق نتائج تفوق التوقعات بعشرة أضعاف، عبر تبنّي منهجيات خلاقة تخرج عن المألوف وتعيد صياغة الواقع بدلاً من تحسينه تدريجياً. هذا النهج، المستوحى من تجارب رائدة لشركات تقنية كبرى مثل "جوجل" "تسلا"، أثبت فعاليته في تحقيق قفزات نوعية. وباعتماده في سياق المؤسسات الحكومية، يمكن استخدامه لتقديم حلول مستدامة للتحديات الاقتصادية وتحقيق تقدم ملموس وسريع.
لتحقيق تطلعات رؤية التحديث الاقتصادي، وكما أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، يتطلب الأمر إعادة صياغة شاملة للطريقة التي تُنفّذ بها الأولويات الوطنية. بعقلية “10X”، ينبغي تبنّي استراتيجيات جريئة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، الابتكار غير التقليدي، والتعاون الفعّال من خلال كسر الصوامع بين المؤسسات، وبناء الجسور والشراكات الاستراتيجية بين مختلف القطاعات: العام، الخاص، والمجتمع المدني. يهدف هذا النهج إلى تحقيق نقلة نوعية وشاملة في الأداء الوطني، بما يعزز القدرة على مواكبة التغيرات المتسارعة.
وفيما يلي أبرز المجالات التي يمكن أن تستفيد من هذا النهج:
1.تطوير رأس المال البشري: الاستثمار في الإنسان هو محور أي تنمية مستدامة. يمكن استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم المدمج لتقديم برامج تعليمية مبتكرة، تركز على تزويد الأفراد بالمهارات اللازمة لمواكبة متطلبات المستقبل وسوق العمل العالمي.
2.تعزيز ريادة الأعمال: عبر إنشاء مناطق ابتكار متخصصة تستقطب العقول المبدعة، يمكن دعم الأفكار الجريئة وتوفير بيئة تحفّز الشركات الناشئة على التطور والنمو، ما يساهم في خلق فرص اقتصادية جديدة وتعزيز التنافسية.
3.تصفير البيروقراطية: تبسيط الإجراءات الإدارية باستخدام أدوات مثل الأتمتة الذكية وتقنية البلوكشين يمكن أن يحقق طفرة في كفاءة الخدمات الحكومية، ويعزز من ثقة المستثمرين والمواطنين من خلال تقليل التعقيدات وزيادة الشفافية.
4.تعميق التحول الرقمي: الرقمنة ليست مجرد أداة لتحسين الأداء، بل هي عنصر أساسي لإعادة تصميم النظم الاقتصادية والاجتماعية. من خلال تبنّي تقنيات حديثة، يمكن تسريع تقديم الخدمات وتعزيز بيئة الأعمال.
5.الطاقة المستدامة: الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة والتخزين المتقدم يساهم في تعزيز أمن الطاقة وتحقيق أهداف الاستدامة، مع تقليل الأثر البيئي وزيادة الكفاءة التشغيلية.
6.البنية التحتية الذكية: تطوير مشاريع تعتمد على إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة النقل والخدمات العامة، مع خفض التكاليف وتحقيق المرونة التشغيلية.
من خلال نهج “10X”، يمكن للأردن تحقيق تطلعات رؤية التحديث الاقتصادي بجرأة وابتكار، بما يعزز من مرونة الاقتصاد الوطني ويضعه في موقع ريادي إقليمياً ودولياً، لخلق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة.
يمثل تصفير البيروقراطية إحدى الركائز الجوهرية لتفعيل نهج “10X” في تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية. من خلال التخلص من التعقيدات الإدارية غير الضرورية وإعادة تصميم العمليات الحكومية لتكون أكثر سلاسة وفعالية، يمكن تسريع الإنجاز وتحقيق التحول المطلوب.
تصفير البيروقراطية لا يعني فقط تقليل الإجراءات، بل يعني إعادة التفكير بشكل جذري في كيفية تقديم الخدمات الحكومية وتصميمها. عبر الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات البلوكشين، يمكن:
•تبسيط الإجراءات وتقليل الوقت المستغرق لإتمام المعاملات.
•تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد من خلال أنظمة رقمية ذكية.
•تحسين تجربة المواطن عبر تقديم خدمات مخصصة وسريعة.
يتطلب تصفير البيروقراطية أيضاً تغييراً في الثقافة المؤسسية، حيث يتمحور الأداء حول خدمة المواطن بشكل فعال ودون عوائق. هذا النهج لا يدعم فقط أهداف الرؤية الاقتصادية، بل يجعل من الحكومة شريكاً حقيقياً في التنمية المستدامة.
خطوات عملية لتحقيق الرؤية بعقلية “10X”
•إنشاء مجلس وطني للابتكار" مركز الملك عبدالله الثاني للابتكار الحكومي: يتولى تحديد الأولويات الوطنية للابتكار الجذري وربطها مباشرة بأهداف رؤية التحديث الاقتصادي.
•إطلاق تحديات وطنية: تشجع الشباب ورواد الأعمال على تقديم حلول مبتكرة لمشكلات اقتصادية محددة.
•تعزيز ثقافة الابتكار الجذري: من خلال تنظيم برامج تدريبية وورش عمل تركز على التفكير غير التقليدي والجرأة في الطرح.
إن تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية يتطلب التحلي بالشجاعة لتبني التفكير الجريء والتخلي عن الأساليب التقليدية في مواجهة التحديات. من خلال اعتماد نهج “10X”، يمكن للأردن تحقيق قفزات نوعية تضعه في مصاف الدول الرائدة إقليمياً وعالمياً.
الابتكار الجذري، والاستثمار في التكنولوجيا، وتطوير رأس المال البشري، هي ركائز أساسية لهذه الرحلة. ومع التزام الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع بتحقيق هذه الرؤية، فإن الأردن يمتلك فرصة فريدة لإعادة صياغة مستقبله الاقتصادي، ليصبح نموذجاً يحتذى به في التطوير المستدام والنمو الشامل.
المستقبل لا ينتظر، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع لتحقيق نقلة نوعية تُحدث فارقاً ملموساً للأجيال القادمة. بعقلية “10X”، يمكننا أن نحول الأحلام إلى واقع، ونبني اقتصاداً مرناً ومبتكراً يقودنا نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة.