أثبت رئيس الوزراء معروف البخيت أنه صانع الأزمات بلا منازع ،بعد أن أضاف أزمة جديدة إلى الشارع الاردني ، كشف عنها مهندس وزارة "تدمير" القطاع العام ،الذي حقق حلما ، كان يخبئه و " ساكت " عنه ، منذ سنوات تحت " المخدة " الخاصة به ،ويعلن إعادة " تدمير" هيكلة الرواتب والعلاوات والتقاعد ؛ لمن هم على رأس عملهم في القطاع العام المدني ، والمؤسسات المستقلة - يكفيك شر الساكت متى ما حكى - لتتعالى بعدها أصوات الإحتجاجات و"تتصاعد" وتيرتها ، في وقت كنا أحوج به الى التهدئة.
ويسجل البخيت في مثل هذا الإجراء مخالفة ثانية للدستور الأردني في أقل من اسبوعين ، بعد أن خالفه بإعلانه عن إستقالة وزيرين من حكومته قبل صدور الإرادة الملكية ، من خلال مخالفة المادة 6 منه ، والتي تنص على " أن الأردنيين أمام القانون سواء ، لا تمييز بينهم في الحقوق " ، فيما كان العكس يطبق على أرض الواقع ، باحداث فروقات بين موظفي القطاع العام ، برفع الشريحة الأكبر من موظفي القطاع العام ممن هم تحت خط الفقر المحدد ب 500 دينار كحد ادنى لمتوسط الدخل الشهري ، ليبقوا تحت هذا الخط ، وتقوم بتخفيض رواتب الشريحة البسيطة ممن فوق خط الفقر واسقاطها إلى تحته ، فتكون بذلك قد ساهمت في توسيع شريحة الفقراء الى أوسع مدى .
أي عدالة يمكن أن نتحدث بها ، ورئيس الوزراء يعلن أن تعديل الرواتب سيشمل جميع الموظفين ، باستثناء الوزراء والمؤسسات المحظيه كالضمان الأجتماعي و البنك المركزي ، لتترجم بذلك مقولة " محمد يرث ، ومحمد لا يرث " ، في وقت تُرك فيه مصير مؤسسات "مموها " ليكون خطا وهميا تحفظ من خلاله حقوق موظفي رئاسة الوزراء الذين لم نسمع لهم صوت لغاية الان ، إذ لم تكن الأمور واضحة ، كما أنها غير مفهومة للكثير من المؤسسات ، التي شعر موظفوها أن إعادة الهيكلة عملية "شلفقة " ، الأمر الذي حمل صحفيو القطاع العام في وكالة الانباء الاردنية " بترا " ، إلى التوقف عن العمل والتلويح بالتصعيد ، رغم التأكيدات من "الرئيس " ، ووزيري الإعلام والقطاع العام بعدم المس بحقوقهم ، مما يظهر حقيقة ، أن هناك أزمة ثقة مع الحكومة .
بكل صراحة ...هذه حكومة ازمات ، وربما تعيد إحياء أزمة " دوار الداخلية " ، بعد أن انتهينا من تبعياتها ، وإلا ماذا تفسر الحكومة ترك "تطوير العقبة" و"تطوير المناطق التنموية " من دون أي مساس بحقوق موظفيها المالية ، مع العلم بإن رواتبهم هي التي تحتاج الى اعادة هيكلة لفلكية أرقامها ، وهناك معلومة مهمة مفادها أن الكثير من هذه الانظمة الخاصة لبعض المؤسسات المستقلة تم وضعها واقرارها ابان "حكومة الكازينو " الاولى وعادت الحكومة نفسها لتلغي هذه الانظمة مما يدل على التخبط وقصر النظر والبعد عن التخطيط الاستراتيجي .
دعني اقول لك يا دولة الرئيس ؛ إن حكومتك "الهرمة" توافقت مع حكومة "الديجيتال" بإيجاد الأزمات وتأجيجها ، في وقت نحن أحوج به الى ضبط النفس وتحقيق الإستقرار الوظيفي والاجتماعي لموطنينا، وتوفير لقمة العيش الكريمة للانسان في بلدنا ؛ بعد تفشي الفساد..واصبحت حكومتك تتنقل بين أزمة " دوار الداخلية " ، مرورا بأزمة "تهريب " شاهين ، وأزمة اعدام أشجار تاريخية في غابات " برقش " لغايات إقامة كلية عسكرية ، وصولا الى ازمة رواتب القطاع العام ، وماذا بعد ؟ ! .
ولم تطرح حكومتك ، أي حلول للمشكلات التي تواجهها، ولم تتقدم بحل جذري لمشكلة الحمولة الزائدة في القطاع العام ، ولا يكون ذلك بإنهاء خدماتها ، أو تطمينها بعدم حرمانها من الوظيفة ، بل يكون من خلال تدريبها وتأهيلها وصقل مهاراتها ، للاستفادة من قدارتها وامكانياتها واعادة توزيعها على مؤسسات وهيئات تتناسب مع هذه القدرات .
دولة الرئيس : إن حل مشكلة الرواتب في القطاع العام لن يكون الا بازالة التشوهات في رواتب المؤسسات غير التابعة لنظام الخدمة المدنية ، و ازالة التشوه يكون بكف يد الفاسدين عن المال العام واعادة المال المهدور للخزينة ، وليس بسحق المواطن .
إن إقرار الهيكلة الجديدة ، رسخ حقيقة ؛ أن الحكومة بعيدة عن الشفافية .. وتركت الكثير من الأمور مبهمة غير واضحة ، ويلفها الغموض ، حيث ظهر ذلك من خلال تصريحات المسؤولين التي لم تكن "مستقرة" ومتفق عليها ، وغير موثوق بها ، وإلا ، لماذا لا يصار إلى الإعلان عنها ضمن " بيان أو بلاغ " واضح المعالم .. وما المقصود بترك موضوع نهاية الخدمة مبهما ؟! .. ام أن الغاية "غبن " الموظف ، وسلبه مستحقاته، وعدم ترك الخيار له باتخاذ القرار الذي يناسبه .
ها هي الحكومة تقامر بأرزاق موظفي القطاع العام على طاولة " الكازينو " الحكومي ، الذي ما زلنا نحقق به .. لتثبت لنا أن اللعب بأموال الغير ، أكثر سهولة من اللعب بالاموال الخاصة ، فالخسارة مش من جيبتك ، وبالحالتين أنت الربحان !
الشارع الاردني ، لن يهدأ ، اذا كان الأمر يتعلق بقوته ورزقه ، وحتى لو كان القصد من ذلك إشغال الناس برزقهم ، وتمرير قضية " تهريب " شاهين ، بحيث تمر مرور الكرام .
أبشرك يا دولة الرئيس أن طريقك مسدود ،ولن تفلح الخطه ..
يا بخيت ، " زم " أوراقك ، ودع الدوار بظهرك ، وأدعس والقلب داعيلك بأن نراك في أي مكان ما عدا "الرابع " ..
سهير جرادات
Jaradat63@yahoo.com