facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الديمقراطية مابين الجمهورية والملكية


د. محمد العزة
12-12-2024 12:19 PM

لاحقا بعد استقلال الدول العربية حدثت تغيرات على خارطة القوى السياسية و تغيرت قائمة مراكز الدولة المهيمنة على المنطقة العربية و تمركزها ما بين الشرق ( الاتحاد السوفياتي و أوروبا الشرقية و حلف وارسو ) و الغرب ( الولايات المتحدة الأمريكية و اوروبا الغربية و حلف الناتو ) بما سمي ثنائية القطبية و اندلاع الحرب الباردة بينهما ، تأثير هذه القطبية الثنائية والحرب الباردة ، أدى إلى تحولات سياسية في بعض الأنظمة العربية و خاصة التي كانت تتبع المعسكر الشرقي بأن تحولت من الملكية إلى الجمهورية .

نجح المعسكر الغربي في حربه الباردة و أسقط المعسكر الشرقي في عقر داره في تسعينات القرن الماضي ، و استمر مخطط تفتيت حلفائه في و سقوط اغلب الدول العربية التابع له و آخرها الدولة السورية ( و للتاريخ كانت هذه الدول محاور التصدي للمشروع الاحتلالي في المنطقة ) ، لاحقا دخولهم في حقبة جديدة من التحولات السياسية الديمقراطية .

نتاج أحادية القطبية و نظام الاتوقراط الأمريكي ، وقع الفراغ على مستوى تحديد هوية نمط النظام السياسي في تلك الدول العربية مما اتاح الفرصة لصعود ما يسمى تيار الاسلام السياسي بجميع تياراته واهمها الاخوان المسلمين ، ولعل هذا ما يفسر تصدر الأحزاب الإسلامية مشهد الوصول إلى السلطة بعد انهيار كل الأنظمة التي كانت تتبع المعسكر الشرقي وفشلها ، ثم ليفشل هذا التيار أيضا ، لغياب المشروع السياسي المتجدد و استيعاب مخطط القوى المهيمنة بل انخرط في مشروعها حسب ما هو مرسوم بقصد ( التابعين له) أو غير قصد ( المؤمنين بالنمط التقليدي في إيجاد نظام إسلامي مبني على الشريعة ) ، لاحقا تم الانقلاب عليه ، و تم صناعة مصطلح ما سمي الاسلام فوبيا ، مما ادخل الوطن العربي في حالة فراغ سياسي تم تعبئته بما يوائم الحالة السياسية العامة.

حصيلة فشل قيادة هذه الأنظمة و تياراتها السياسية بشقيها القومي والديني ، هي جملة من صراع الهويات الدينية و الاثنية حول السلطة لإثبات الأحقية و هو ما أدى إلى تفتيت المفتت مما أضعف وحدة الجغرافيا و الموقف السياسي العربي ولاحقا التراجع أمام المشروع الاحتلالي.

إذا ما أردنا أن نخضع الانظمة الجمهورية إلى معايير الديمقراطية، سنجد أنها جميعها شمولية و هذا ما امتاز به الفكر السياسى اليساري و القومي و فكر الاسلام السياسي ، وكلها ديمقراطيات شكلية لهذا سنجد أن ملف حقوق الإنسان والحريات عليها الكثير من الاسئلة و الانتقاد .

الأنظمة العربية الملكية إجمالا كانت أكثر استقرارا من الأنظمة العربية الجمهورية رغم أن حالة الديمقراطية فيها ليس تلك المثالية ، لكن بعيدا عن المجاملات و شهادات أبناء الوطن الاردني المجروحه، يجمع القاصي والداني في الداخل والخارج أن الاردن يمثل نموذجا ديمقراطيا متقدما على بقية الأنظمة الملكية العربية سواء بما يخص الحريات و حقوق الإنسان أو ممارسة الحياة الديمقراطية و مواقفه تجاه القضية الفلسطينية.

الاردن صنع نموذجا لحكم ملكي معتدل، ادمج وأشرك فيه جميع عناصر و أركان و قوى الحياة السياسية الأردنية و صهرها في فسيفساء فريدة متعددة عكست تنوع الألوان فيه ، الأمر الذي شكل نموذجا من القيادة التشاركية مابين سلطة الملك و صلاحياته و إشراك الشعب في أحقية التعبير عن توجهاته السياسية و حقوقه الخدماتية بطريقة ديمقراطية حضارية و ايضا المساهمة في تكوين نهج فكر و نهج مسار الأداء الحكومي ، بوجود رقابة برلمانات منتخبة وهذا كله جاء بفضل دستور يعتبر من أفضل الدساتير العربية وهو دستور ١٩٥٢ وتعديلاته لاحقا التي كانت استجابة لمتطلبات الظروف السياسية الداخلية و الخارجية .

بالنسبة لملف الحريات وحقوق الإنسان ، الأنظمة الجمهورية كان تحكم بالقبضة الأمنية المحكمة وذلك بسبب طبيعة نشأة هذه الأنظمة و حالة عدم الاستقرار الناشئة عن صراعات أقطاب السلطة والأحزاب المسيطرة فيها والفكر الشمولي .

في الأنظمة الملكية ملف الحريات وحقوق الإنسان فيه تفاوت واحيانا فجوات وذلك لأسباب عدة منها الثقافة السياسية والبيئة المجتمعية ومدى الانفتاح أو الانغلاق على العالم و المحيط الخارجي ومحاكاة التجارب والنماذج الديمقراطية للوصول إلى النموذج الأمثل في ترجمة و رسم هيكل السلطة الديمقراطية التشريعية و إعطاء انطباع إيجابي عن انسجام العلاقة مع باقي مؤسسات و هيئات السلطة التنفيذية ، أيضا مساهمة طبيعة القوانين و التشريعات التي يستند عليها القضاء في تلك الدول ، والتي أيضا استطاع الاردن تقديم نموذجا عالي المستوى في محاكاة الدول التي تمتلك سمعة محترمة في ملف الحريات وحقوق الإنسان و القضاء وسيادة القانون ، فالدولة الأردنية بقيادتها الهاشمية امتازت بأنها ليست دولة دموية في علاج الملفات الأمنية ولطالما كان العفو و الصفح والمصالحة عرفا من أعراف إدراة سياستها و خلقا أصيلا من اخلاق قيادتها الحكيمة بالرغم أن الاردن شهد في مراحل عمره بعض الاحداث التي استوجبت فرض النظام و استخدام ما هو مناسب من الأدوات و التشريعات لغايات الوقاية و الحماية وضمان استقرار الدولة كما حدث في أحداث السبعين التي توجه بعدها مباشرة الراحل الملك حسين بن طلال رحمه الله بخطاب الوحدة لشعبه الاردني بجميع مكوناته و اطيافه ، وشرح ملابساتها وظروفها و تجاوزها ، و في أحداث معان ٨٩ تجاوزتها الدولة الأردنية بحكمة القيادة واستيعاب الحالة الشعبية و تدخله ميدانيا وبشكل شخصي رغم الضغوطات الاقتصادية وتأثيرها على المملكة و أطلق العملية الديمقراطية و عودة الحياة النيابية و الحريات الصحفية و الحياة الحزبية و ها هي المسيرة تستمر ، حتى في الربيع العربي وخبث مخططه في عهد الملكية الرابعة بقيادة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ، الدولة الأردنية واجهته بالأمن الناعم و صدرت الأجندة الوطنية و الاوراق النقاشية الملكية تمهيدا لبناء بنية تحتية و طريق نحو الديمقراطية المتجددة و ماهيتها و نموذجها الاردني الذي نريد وأدواتها وكيفية ترجمتها حتى نصل إلى الملكية الدستورية الأردنية الخاصة بالدولة الاردنية بعيدا عن التجاذبات و المقارنات والتدخلات الخارجية أو محاولات البعض بفرض نموذجه الخاص هو الذي يناسبه.

في الاردن نرفع شعار المصلحة العامة غاية الحكم ، لهذا نشهد اليوم مرحلة التحديث السياسي التي جاءت بعد رؤية ملكية سامية هي ضرورة وطنية نحو دولة اردنية في مئوية ثانية لا تغفل الماضي و موروثه و أصوله ، لكن تتطلع إلى مواكبة الحداثة والتطور والمدنية ، و ربط الأجيال بعضها ببعض في ما يسمى انصهار الخبرات ، وهذا كله جعل الاردن قادر على معالجة اي أخطاء سواء أكانت حالة فردية صدرت عن شخص مسؤول أو مجموعة أو تيار سياسي ، داخل او خارج السلطة والسبب هو العقد الاجتماعي مابين السلطة والشعب و المرجعية الشرعية والقانونية للقيادة الهاشمية و اتباع الحاكمية الرشيدة المؤسسية في مؤسسات صنع القرار و متابعتها لشؤون الدولة و ملفاتها و مراجعتها و تقديم الحلول و أي تعديل اذا تطلب الامر لمعالجة اي خلل أو اشكال يمكن أن يؤثر على نهج و مسيرة السيرة الديمقراطية التي عهدناها و عرفناها و تعودنا عليها و نستشعر اي خطر اذا ما تم المحاولة المساس بها لأنها أصبحت لدينا كأردنيين من المسلمات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :