حكاية رأي .. لم يجد شجاعة الاعتذار
محمود الدباس - ابو الليث
12-12-2024 12:06 PM
في زاوية من زوايا هذا العالم الصاخب.. يقف أحدهم متمترساً ومتشبثاً برأيه.. كأنه حقيقة مطلقة.. يدافع عنه بكل حماسة.. وكأنه نور أضاء له طريقاً في ظلمات الشك.. وحين تنقلب الحقائق أمام عينيه.. ويتبين خطأ موقفه.. أو زيف ما اعتقده.. فجأة يتبدل جلده.. ويتحدث وكأنه منذ البدء.. كان من أهل الصواب والحكمة.. فلا يعتذر ولا يعترف.. بل يبرر ويسوّغ.. وكأن الخطأ لم يمر من جواره يوماً..
هذه الفئة من الناس.. لا تدرك أن الاعتراف بالخطأ.. لا يُنقص منهم شيئاً.. بل يرفعهم درجات في نظر من حولهم.. الإنسان بطبعه خطّاء.. وقد وُهِب نعمة العقل ليتعلم من أخطائه.. ولكن ماذا يحدث حين يصبح الكبرياء غلالة تعمي البصر والبصيرة؟!.. حين نغلف أنفسنا بنظرة مثالية زائفة ونقدسها.. وكأن الاعتراف بالخطأ انتقاص من قيمتنا الإنسانية؟!..
يا من تظنون أنكم تخفون عيوبكم خلف حائط من التبرير والعناد.. إن حقيقتكم مكشوفة للجميع.. لا يخفى على الناس أنكم كنتم بالأمس تسيرون عكس التيار.. وأنكم اليوم تغيرتم فقط لتلحقوا بالصواب.. بعدما كان جلياً أمامكم.. الاعتراف لا يُضعفكم.. بل هو شجاعة لا يتقنها إلا من يلتصق بآدميته..
أن تقول "كنت مخدوعاً" أو "أخطأت" أو "لم أكن أملك معلومات كافية".. هي كلمات بسيطة في ظاهرها.. لكنها تصنع فارقاً عظيماً في روحك.. وتمنحك فرصة للارتقاء.. ولنعلم أن الاعتراف بالخطأ ليس مذلة.. بل هو خطوة نحو النضج والصدق مع النفس..
لن يضيركم أن يكون الصواب قد جاء على لسان شخص تختلفون معه.. أو حتى تعادونه.. الحق يظل حقاً.. والحكمة تظل حكمة مهما كان مصدرها.. فلماذا تحرمون أنفسكم من نعمة التصحيح والتعلم؟!..
وعلينا ان نكون متيقنين.. بأننا بشر.. خُلقنا نخطئ ونتعلم.. وخيرنا ليس مَن لا يخطئ.. بل مَن يملك الجرأة ليقف أمام نفسه أولاً.. وأمام الناس ثانياً.. ليقول "نعم.. كنت على خطأ.. والآن تعلمت"..
فهل ستبقون أسرى لكبريائكم الزائف؟!.. أم ستتحررون بصدق الاعتراف.. وصواب المسير؟!..
ختاماً.. ما هذه الكلمات إلا رسالة مُحبٍ لكم.. أوجهها للكثيرين ممن نراهم على صفحات التواصل الاجتماعي.. والمواقع الاخبارية.. ولا ننسى شاشات التلفزة.. ممن يتقلبون حسب اتجاه رياح المعجبين والمتابعين.. لعلهم يعلمون.. فتغيرون..