بالأمس وصلتني صورة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وهو يُقبل احد المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة، لتعود بي الذاكرة في مدى سعة ورحمة وقلب هذا الإنسان، بتاريخ ٢ / ١١ / ٢٠٠٠ وخلال تدريب القوات الخاصة اليمنية وبإشراف المدرب الوكيل (المرحوم بإذن الله) الشهيد إبراهيم محمد قاسم العجارمة (مدربي ومعلمي ورفيق السلاح) من كتيبة مكافحة الإرهاب /٧١ حين كنت قائداً للكتيبة، وقع في ذلك اليوم خلل فني في الطائرة اليمنية اثناء تدريب القوات الخاصة على النزول بالحبل السريع من الطائرة في معسكر القوات الخاصة في منطقة الصباحه في صنعاء مما ادى إلى تحطمها واستشهاد جميع من كان فيها.

وعند تلقينا الخبر المفجع في عمان كنت في وداع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين من مهبط العموديات في قصر الهاشمية، وكعادته قبل المغادرة بالسؤال الجميل "شو في اخبار عارف بيك" عندها أبلغت سيدنا بالحادث فقال “انقل تعازي الحارة لأهل المرحوم ولكافة أفراد وضباط الكتيبة" واستفسر عن وقت وصول الجثمان.. وقال "سأكون في استقبال ضيف بالمطار وإذا تمكنت سأحضر وبدي منك تشوف وضع أهل المرحوم وتبلغني".

في اليوم التالي وبعد إتمام مراسم الدفن التي لم تُمكن جلالة الملك من استقبال الجثمان بسبب تأخر الرحلة من صنعاء، كنت أقف أنا واللواء الطيار العمودي الخاص لجلالة الملك سمير شكري في انتظار جلالة الملك للمغادرة وقد حملني اهل الشهيد خلال الدفن وقالوا "أولاد المرحوم امانة في رقبتك ورقبة ابو حسين" فسألت الباشا سمير شكري عن هذه الأمانة وهل افتح الموضوع مع سيدنا فقال "هذه أمانة يجب ان تنقلها لسيدنا".

وعند وصول موكب جلالة الملك وقبل ان يغادر المهبط، وقبل أن ابدأ الحديث سألني "كيف صارت أمور الدفن امس"، وكانّه يقرأ ما في العيون، قلت "سيدنا الرئيس علي عبدالله صالح ارسل مع جثمان الشهيد عشرة آلاف دولار لأهله" فقاطعني وقال "مني عشرين ألف وكيف أمور أهل المرحوم"، قلت عليه دين اكثر من مئة ألف دينار لقرض لبنك الإسكان" عندها التفت إلى رئيس التشريفات الملكية (آنذاك) فيصل الفايز وقال "كل القرض يتحول عليّ شخصي".

عندها توقفت المشاعر وسقطت دمعة كنت احبسها دون ان أتمكن من السيطرة عليها، فما كان من جلالة الملك إلا ان وضع يده على كتفي وقال "لا عارف بيك ولا يهمك" عندها لم اشعر بان ملك يضع يده على كتفي بل كان طبيبا أزال الوجع من قلبي.

ما أعظمك من ملك ما أقربك لكل أردني حماك الله وسدد على طريق الخير خطاك

حمى الله الأردن وطنا ومليكا وشعبا