مشروع الممر الاقتصادي .. فرصة ذهبية للأردن
د. مالك القصاص
10-12-2024 07:14 PM
الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (India-Middle East-Europe Economic Corridor - IMEC) هو مشروع استراتيجي ضخم أُعلن عنه خلال قمة مجموعة العشرين في عام 2023 في الهند، بقيادة الهند والولايات المتحدة وعدد من الشركاء الإقليميين، والذي يهدف إلى إنشاء شبكة متكاملة للنقل والتجارة والطاقة، تربط جنوب آسيا بالشرق الأوسط وأوروبا، مما يعزز من تدفق البضائع والخدمات بين هذه المناطق.
كما ويتضمن الممر الاقتصادي إنشاء وربط خطوط السكك الحديدية، فضلاً عن ربط الموانئ البحرية، مما سيعمل على وصول البضائع إلى المناطق المستهدفة بتكلفة اقل وبشكل أسرع (بنسبة 40%) من الوضع الحالي، مما سيساهم في تنشيط التنمية الاقتصادية من خلال تحسين الاتصال والتكامل الاقتصادي، كالتجارة على وجه الخصوص، بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.
بالإضافة الى ذلك، سيعمل هذا الممر على تجاوز مبادرة الحزام والطريق (طريق الحرير) في المستقبل باعتباره العمود الفقري الجديد للتجارة العالمية القائمة على سلاسل التوريد العالمية الجديد.
لم يعد الممر مجرد مقترحات أو تصورات لمشاريع بنية تحتية كبرى؛ فقد تحولت مشاريع النقل البري والبحري، التي تهدف إلى ربط الشرق بالغرب، إلى واقع ملموس في الإقليم، فالعديد من هذه المشاريع إما قيد الإنجاز أو اكتملت بالفعل.
بالتأكيد، ان الأردن بحكم الواقع الجغرافي والإقليمي جزء من هذا المشروع، مما يعني ان هناك فرصة ذهبية، لابد من استغلالها على أكمل وجه وبشكل سريع، وهذا يتطلب استراتيجية شاملة للاستفادة من الممر الاقتصادي، وليكون الاردن احدى نقاط العبور الرئيسية (Hub)، والذي سيعود بفائدة كبيرة على الاردن اقتصاديا.
لابد ان تشمل الاستراتيجية على خطط جادة وواضحة للاستعداد للاستفادة من هذا الممر من خلال تطوير وتحديث البنية التحتية الاردنية كإنشاء سكك حديدية وطرق برية ذات مواصفات عالمية، بالإضافة الى تطوير وتوسيع الميناء الأردني.
في ذات الشأن، لابد من البدء في التفكير والتخطيط لتمويل المشاريع اللازمة لهذا الممر، فعلى سبيل المثال، يمكن الاستفادة من الاستثمارات من الدول المشاركة في هذا الممر في تطوير الخدمات اللوجيستية وخدمات النقل، وبالإضافة الى تفعيل شراكات القطاعين العام والخاص (PPP) لعمل مشاريع مشتركة.
كما ولابد من تحديث القوانين والتشريعات للحد من البيروقراطية وللعمل على جذب الاستثمارات الخارجية وتقديم حوافز استثمارية لتشجيع المشاريع الكبرى والمستدامة، كشبكات النقل الوطنية والطاقة والهيدروجين، بالإضافة الى عمل خطط حول الاستفادة من هذا الممر في دعم وتحفيز القطاعات والصناعات المحلية المرتبطة، كصناعات النقل والشحن والطاقة والخدمات اللازمة. كما ولابد ان يتضمن الاستثمار في سلاسل الإمداد المحلية واليد العاملة.
وفي الختام، فإن مشروع الممر الاقتصادي يمثل فرصة استراتيجية للأردن للاستفادة من موقعه الجغرافي وتحقيق نقلة نوعية في دوره الإقليمي والدولي. كما ويتطلب هذا المشروع جهودًا وتخطيطًا كبيرًا من الأردن، إلى جانب تعزيز التعاون مع دول الإقليم لتحقيق الأهداف المشتركة وتنمية الروابط التجارية، بما يدعم التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة.
كما ان تحويل الأردن إلى مركز تجاري رئيسي سيكون له تأثيرات إيجابية مباشرة على الاقتصاد الوطني، حيث سيساهم في تحسين مؤشرات النمو الاقتصادي، وزيادة فرص الاستثمار، وخلق وظائف جديدة، فضلًا عن تعزيز مكانة الأردن كمحور استراتيجي للنقل والتجارة في المنطقة. وهذا يحتاج إلى رؤية طويلة الأمد، وسياسات واستراتيجيات مدروسة، واستثمارات فعّالة في البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية الحيوية، مما سيجعل الأردن شريكًا محوريًا في مسارات التجارة العالمية.