عودة اللاجئين هل نتعلم من أخطائنا؟
نبيل غيشان
10-12-2024 06:17 PM
غريب أمرنا! نحن دولة استقبلت اللاجئين حتى قبل تأسيس الكيان الأردني، الى أن وصل من في ضيافتنا اليوم لاجئون من 54 جنسية، بالفعل تحول الأردن خلال بالمئة عام الماضية الى اسفنجة امتصت كل الأزمات الديمغرافية في المنطقة، بداية من تهجير الشيشان والشركس والتركمان والأرمن أيام الحكم العثماني وحتى الأزمة السورية.
اليوم عدد سكان الأردن يفوق 11.5 مليون بينهم أكثر من ثلاثة ونصف من اللاجئين، بينما بلغ عدد السكان 122,430 ألف شخص في أول تعداد أجرته نيابة شؤون العشائر سنة 1922 وكان سكان عمان آنذاك 6.400 نسمة يضمهم 800 منزل وفي السلط 20.000 نسمة وفي الزرقاء 400 نسمة فقط. وقد تضاعف عدد سكان الأردن أكثر من 15 مرة ما بين العوام 1950- 2024.
لقد تعرضنا الى خديعة كبرى من المجتمع الدولي الذي شجعنا دائما على فتح حدودنا للاجئين دائما، لكن في كل مرة نجد إننا في الأخير ( نتدبس بهم) وان تغطية تكاليف إقامتهم وتأثيرات ذلك على المجتمعات المحلية والبيئة لا يلبي منها المجتمع الدولي إلا اقل من 30% ونبدأ نتسول من الأمم المتحدة ونطارد دول العالم من اجل عقد مؤتمرات الدعم والمساندة دون جدوى.
فرغم الخبرة الطويلة التي اكتسبتها مؤسسات الدولة الأردنية في التعامل مع ملف اللاجئين إلا أن طريقة إدارته تبقى أسوأ إدارة على الإطلاق ولم نتعلم من أخطائنا وكذب المجتمع الدولي علينا، والدليل أن ثلث سكان الأردن اليوم من اللاجئين أي تجد لاجئ بين كل ثلاثة مقيمين على الأرض الأردنية.
مع بدء الأزمة الداخلية في سوريا 2011 انطلقت الاستعدادات الأردنية اللوجستية بحماسة منقطعة النظير لاستقبال اللاجئين السوريين، حتى قبل وصولهم بأشهر، حيث أعدت الأراضي في المفرق لتكون مخيما للاجئين في منطقة الزعتري الذي فاق قاطنيه عدد سكان مدينة المفرق ذاتها.
وبعد وصول حكام دمشق الجدد تبدلت الأحول وباتت الكثير من دول أوروبا وعلى رأسها بريطانيا وألمانيا وايطاليا وسويسرا بتعليق إجراءات اللجوء للسورين وأعلن بعضهم الاستعداد لترحيلهم الى بلادهم.
وألان علينا أن نطلق حملة إعلامية لتشجيع عودة السوريين الى بلادهم ( أسباب لجوئكم زالت... عودوا الى تعمير بلدكم) ولا نبقى ننتظر أن تعلن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين استتباب الأمن في سوريا لان إعلانها عن ذلك يوقف كل عمليات الدعم المالية لخطط استقبال وإيواء اللاجئين السوريين وهذا ما سيضغط علينا وعليهم ويضطر كثيرين للعودة.
ونحن هنا لا نطالب بإكراههم على العودة ولكم من حق الدولة المضيفة وقف كل التسهيلات المقدمة بالإقامة والعمل وتوفير المخيمات والخدمات . ولا نتحدث أيضا من باب الكراهية لا سمح الله فهم أشقاؤنا ولم نقصر في استقبالهم، لكن الظروف تبدلت وأسباب اللجوء انتهت ونحن أصبحنا في وضع صعب ونحتاج لعودتهم لنتعافى . وأيضا نحن نتحدث عن اللاجئين السوريين في المخيمات او الذين يتلقون خدمات الأمم المتحدة ولا نتحدث إطلاقا عن المستثمرين ورجال الإعمال او حتى عن الذين يعيشون على حسابهم الخاص او لديهم المقدرة على الصرف على أنفسهم.
اكبر أخطاء النظام السابق انه اعتبر نفسه منتصرا ولم يقم بإجراء مصالحة وطنية ولم يعر اهتماما لملف اللاجئين والنازحين ومدى تأثيره السلبي على دول الجوار وخاصة تركيا عرابة إسقاط النظام، لا بل أن نظام الأسد لم يكن يرغب في عودتهم، لذلك تناساهم وهذا ما ساهم في استمرار الصراع وتعجيل إسقاط النظام وهو ما نأمل من حكام دمشق الجدد أن يتعلموا الدرس منه.