طوفان الطغيان في زمن العميان
د. محمد العزة
10-12-2024 12:26 AM
تتسارع الأحداث داخل المنطقة العربية بطريقة درامية دراماتيكية متسارعة تفوق قدرة المواطن العربي الذي يعاني فيها نتيجة عقود من صراعات القوى الكبرى الاستعمارية و شبكة تحالفاتها و اسلوب تعاملها معها ( التبعية أو الندية ) لخدمة مشاريعها ومصالحها ، ولعل أهم هذه المشاريع الحفاظ على الثكنة الصهيونية العسكرية و ضمان تفوقها العسكري و الديمغرافي ، و توسعها الجغرافي و استمرارية أداء دورها الوظيفي في زعزعة استقرار المنطقة العربية ، و لتحقيق المصالح و المخططات التي لم تنفذها بعد أو أكمال السيطرة على مواردها التي تتصارع عليها مع بعضها البعض ، و هذه الموارد ليس شرطا أن تكون على شكل مواد خام داخل الارض ، بل قد تكون ممرات برية أو بحرية تسهم في المساعدة على إحكام السيطرة أو تسهيل الحركة و اختصار و احتكار الوصول إلى مناطق النفوذ .
مقدمة المقال قد يكون شرحا مبسطا وليس شاملا للأسباب الحقيقية التي تربط مابين المشروع السياسي وأهدافه ومصالحه ، فهناك اسباب اخرى تتعدى ما ذكرناه ، و منها الحسابات و مصالح الأمن القومية و العسكرية ، عليه اذا استطعنا فك خيوط اللعبة و معرفة المصالح المشتركة نستطيع معرفة لأجل اي الأسباب اخذت مجريات الأحداث ذلك المسار أو غير و مستوى وتيرة تسارعها ، في منطقتنا العربية خاصة و الساحة الدولية عموما ، و التغيرات و الاتفاقيات ضمن التسويات السياسية الناتجة عنها ، سواء على مستوى الأنظمة السياسية أو المساحات الجغرافية و ما عليها .
الثامن من ديسمبر / 2024 كان يوما شاهدا لسقوط الدولة السورية و نظامها السياسي بعد 53 عاما من سدة الحكم .
لن يكون سلوكه واين أصاب أو اخطأ جوهر النقاش في هذا المقال ، بل هو سيناريو السقوط و أدواته و مدعاته و توقيته و الجهات الداعمة له و أهدافها و عناوينها السياسية.
الادوات فصائل و ميليشيات مصنفة على أنها إرهابية متناحرة سابقا بمعدات بسيطة و تدريب مسبق ، يفسر تعدد الولاءات لديها ، يجمعها تيار ديني سياسي و يفرقها مذاهبه ، هذا على المستوى الفكري و الأمر الآخر أنها كانت تتنافس على الغنائم و حجز مقاعد التبعية (التركية تارة و الأمريكية الصهيونية تارة أخرى) لكن تحت غطاء غير معلن ، أما المكشوف أنه لأجل الحرية و الديمقراطية و للانصاف اتبعت الدولة السورية نفس النهج في الاعتماد على جيوش و فصائل الدعم العسكرية الخارجية بعد إنهاك جيشها مما جعلها تحت وصاية و سيطرة حلفائها الذين باتوا لهم نفوذ داخل السلطة بنسبة كبيرة .
خرج آلاف شعبيا فرحا في دمشق بعد أعوام من الحرب الضروس و في بعض العواصم العربية ومنها نخب سياسية (يجمعها نفس الفكر العقائدي السياسي بهذه الجماعة) انتصارا بما تحقق من هذه الفصائل المدعومة صهيو امريكيا و تركيا ضمن مشروع المخطط الجديد ، الذي أصبح يعلم الجميع أن أحد فصوله هو إشعال حرب العدوان على غزة في السابع من اوكتوبر بعد ايهامهم بمكيدة العصر ، والتحضير لها بكل عناية ، والتي سبقتها الحرب الأوكرانية الروسية ، في خطوة لأضعاف قوى التحالف المساندة لسوريا واضف اليه ما كان يدور حول أنبوب الغاز من قطر الى تركيا لتزويد أوروبا و كسر الهيمنة الروسية (و هذا ما يتعارض مع مصالح الاخيرة و لعله دافع يفسر السلوك الروسي تجاه سوريا ) ثم تحالفات و تفاهمات داخل الغرف المغلقة مع الاخونجية التركية و الأجهزة الأمريكية ، و الدولة الإيرانية المنهكة التي استخدمت أيضا الطائفيه في تعزيز نفوذها في المنطقة لتحسين اوراق تفاوضها لأجل صالح مشروعها النووي و الجيوسياسي ، و تقليم اظافر حلفائها ، و هذا كله هيأ ما يخدم الهدف الكبير هو إسقاط سوريا الداعم لمحاور المقاومة ، و إتاحة الفرصة للثكنة العسكرية الاسرائيلية و بدعم غربي مطلق و تضليل اعلامي عربي و إطلاق يدها في غزة و الضفة و لبنان و تزويدها بأحدث الأسلحة الفتاكة و تزيين المجزرة على أنها انتصار ولكنها في حقيقة الأمر انتحار في ظل انعدام المساواة في موازين القوى ، لكنها مقاومة مشروعة للدفاع عن النفس و ثقافة شعبنا المقاومة لا يعرف الانكسار وكان من نتائج هذا المخطط الصهيوني أو طوفان الطغيان الصهيوني
١. ابادة ثلث شعب غزة و احتلال شمالها
١.كسر ادوات المقاومة و محاورها في المنطقة ( حزب الله ، حماس) و ما يتبع .
٢. تعزيز الطائفية و تعدد المشاريع الإقليمية
٣. إعادة احتلال شمال غزة القريب من حقل الغاز المكتشف وإقامة قاعدة أمريكية اسرائيلية و زيادة السيطرة على الضفة الغربية
٤. مئات آلاف من الضحايا من الشعب الفلسطيني و تهيئة الفرصة للهجرة القسرية بعد جعل غزة مكان غير قابل للحياة أو حتى الموت ، الأمر الذي سيؤدي إلى خلل في الديمغرافيا الفلسطينية لحساب الديمغرافيا الإسرائيلية.
٥. تهيئة مناخ المنطقة السياسي إلى تقلبات و تفاهمات على شكل تسويات تؤدي إلى اتفاقيات شبه نهائية أو صراعات مفتوحة مابين وكلاء القوى على الأرض السورية خدمة لمصالحها و أهدافها فيها .
لن نبقى أسرى ماهو مسكوت عنه ، لأنه الحياد في شأن الاوطان خيانة ، و من هنا تتطلب المسؤولية السياسية و الوطنية و القومية التوعية بما يدور من حولنا و تفكيك رموز الخريطة .
اليوم من صعد على منابر الانتخابات و الفعاليات و ضلل الجموع و ذرف الدموع على عدد الضحايا و مدى التضحية ونقل الواقع ليس كما هو ، بل استخدام تقنيات التنويم و التخدير لتشكيل الاحلام لمن طلبوا منه أن يغمض عينيه و يكون كالعميان ، وان كان الاعمى اشد بصيرة و اوعي لأنه ادرى و يعتمد على ما يسمع ، هذا التيار أو الفريق أو الجماعة سيلقي لكم خطبة الوداع لوحدة الأمة العربية بأن يقول رضيتم لكم بالديمقراطية الطائفية مذهبا و بدع الاقتتال سنة وشيعا و اتممنا بغبائنا السياسي الربيع العربي الاسود و مخططاته الذي طالبنا فيه بإسقاط الأنظمة العربية المحورية و طالبوا فيها ذات يوم من داخل الاردن بإسقاط النظام أيضا املا بتحقيق نبوءة نحن شرقي النهر و هم غربي النهر و هو حديث ضعيف ، يخدم نوايا و عقيدة المتدينين المتطرفين الصهاينة أيضا في الحكومة اليمينية الدينية المتطرفة و منهم سموتيرش و بن غفير .
يا أبناء شعبنا الاردني العظيم كونوا على اقتناع أن الاردن هو آخر القلاع ، عضوا عليه بالاظافر و النواجد و استيقظوا و إياكم أن تستمعوا لمن يتكئ أو يستخدم طلاقة اللسان و البيان في سلب عقلكم و منطقكم فما هو إلا وسيلة لجعلكم كالشياه تساق للذبح على مذبح الصهيونية الأمريكية .
قد لا تتشابه الديمقراطية العربية و الديمقراطية الغربية و الأمريكية خصوصا اذا علمنا أن هذه القوى الكبرى اخر همها أن كان الحاكم يمارس الديمقراطية أو الديكتاتورية ، بل هي مصالحها لها مطلق الأولوية .
و لعل أحد اسباب اختلاف أوجه الديمقراطيات هو تشتت و تبعية العقل العربي مابين نماذج إدارة السلطة و دساتيرها و سوء أو ضعف إدارة بعد رجال حكوماتها في شؤونها و عدم الكفاءة لها و الأخطر عدم وجود الانتماء في الإخلاص لتأديتها ،
و السبب الآخر عدم الاعتماد على النفس في صياغة ما يناسب و يلائم مجتمعاته و موروثه الثقافي و الديني و الحضاري .
الأهم أيضا عدم رغبة القوى المهيمنة بأن لا يكون هناك رؤى لمشاريع نماذج عربية نهضوية و تنموية سياسية ديمقراطية متقدمة ( سواء جمهورية أو ملكية دستورية ) ، واعتمدت في ذلك على الكيان و وضع المخططات لأشعال الصراعات في المنطقة .
أبناء الاردن العظيم عليكم ب : الجدية في إكمال مسيرة التحديث السياسية و مساراتها الثلاث ، ثم ترسيخ المواطنة ( حقوق و واجبات ) ، تجذير الوحدة والهوية الوطنية الأردنية ، التأكيد على تماسك الجبهة الداخلية ( لا شرقي ولا غربي ) ( لا مسيحي ولا مسلم ) ( لا شمال لا جنوب ) ،
كلنا أمل في يوم يأتي يتحرر العقل العربي من فكر و سلطة خوارج العصر المتنكرين بعباءة الدين اي دين المتطرفين و الطائفين أو المسؤولين المتسلقين ، و يبزغ فجر أمتنا العربية بالنصر و العلم و فهم ديننا الصحيح و الايمان بتحرير الاوطان (لأجل الاوطان و ليس رموزها ولأجل الأرض والإنسان) من أعداء الإنسانية في الثكنة الصهيونية العسكرية ، و نعيش بسلام على من يطرح السلام و يرضى العيش و التعايش معه لأن الله هو السلام .