الطريق الى حزيران 1967 : الدكتور سعد ابوديه الجامعه الاردنيه
* شهد عام 1961م نقطة تحول في الوطن العربي اذ بدأت الدول العربية التقدمية في الهجوم على التيار المحافظ في السعودية والاردن
* ساهم الانقلابان السوريان عام 1963م وعام 1966م في تغيير نمط التحالف في الوطن.
ارهاصات الحرب:
مر الاردن بثلاثة اعوام حاسمة في حياته هي الاعوام (1964، 1965، 1966)، هذه الاعوام التي سبقت الحرب شهدت ذروة العمل العربي المشترك وذروة الموامرات الدولية لجر العرب للحرب قبيل 1967.
مرحلة ما بعد الانفصال السوري عن مصر:
شهد عام 1961م تطورات عديدة اشغلت صناع القرار العرب، هناك قضية العراق والكويت اذ ان عبد الكريم قاسم رئيس العراق اعلن ان الكويت جزء من العراق فارسلت الجامعة العربية قوات من خمس دول كي تكون قوات عازلة وهذه الدول (مصر والاردن والسعودية وتونس والسودان) ثم حصل الانفصال السوري وانسحب المصريون من القوات الموجودة في الكويت ولكن انقلاب اليمن ضد الملكية استدرج المصريين لليمن ووقعوا في ورطة جديدة ووجد السعوديون انفسهم امام قوات مصرية في الجنوب وزاد الطين بله تهديدات حرب اعلامية مصرية ضد السعودية التي آزرت بقايا النظام الملكي في اليمن، وكان عام 1961م عام التحول في الهجوم من الدول الجمهورية التقدمية على التيار المحافظ في الوطن العربي.
محور جديد:
قام محور جديد من (سورية والسعودية والاردن) ضد جمال عبد الناصر وتم اتهامه بالتقصير في قضية فلسطين كما حدث في شتورا 1962 الا ان هذا المحور لم يستمر طويلاً اذ ان سورية بعد انقلاب 1963م مالت مع مصر والعراق واصبح هناك محور جديد (مصر، العراق وسورية).تأثر الاردن من هذا المحور اذ اندلعت مظاهرات تنادي بالانضمام الى هذا المحور او الاتحاد وواجه رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي ضغوط النواب عليه الذين اندفعوا لاسقاط الحكومة لاول مرة في تاريخ الاردن.لقد كانت اولويات الناس هي الانضمام لهذا الاتحاد وبالرغم من بيان سمير الرفاعي الوزاري الرائع فان احدا لم يقرأ ما جاء فيه طالما ان الاردن لن ينضم الى الاتحاد.
كان لا بد للملك ان يتفادى الضغط بمهادنة الاتحاد وتجنب الضغط الذي وصفه الملك حسين بانه ابتزاز سياسي!!
التقارب مع مصر :
لاحت الفرصة للملك بالتقارب مع مصر في أواخر عام 1963عندما دعى جمال عبد الناصر رئيس مصر، الى مؤتمر قمة اثر محاولة اسرائيل تحويل روافد نهر الاردن.. كان الاردن اول من استجاب لتلك الدعوة.
بهجت التلهوني شاهد عيان:
في حديث لرئيس الوزراء الاردني الراحل بهجت التلهوني تحدث عن قصة هذا المؤتمر وقال رحمه الله لي انه اشار على الملك بتلبية الدعوة المصرية فورا واعلن الاردن ذلك ولكن الدول العربية تلكأت في الإعلان عن قبول دعوة عبد الناصر، هنا وقع الاردن في مأزق وظهر انه تسرع. وقام تيار سياسي معارض لذلك التوجه في الاردن بتوجيه اللوم لبهجت التلهوني وانه احرج الملك بذلك الاعلان ولكن السعودية انقذت الموقف واعلنت موافقتها على حضور القمة وهكذا تبين ان موقف الاردن كان مميزا في سرعة تلبية دعوة جمال عبد الناصر.
المزيد من العطاء بعد القمة الاولى:
لقد عمل الاردن الكثير منذ ذلك الوقت وقدم المزيد من العطاء ووافق على القيادة العربية الموحدة تحت القيادة المصرية وعلى قيام منظمة التحرير وجيشها واعترف بجمهورية اليمن في 23/تموز 1964 وقام بواسطة ما بين السعودية ومصر اسفرت عن اتفاقية جدة في 26/آب 1964 وأكد سياسة عدم الانحياز بعد القمة الاولى مباشرة واعترف في شباط 1964 بالاتحاد السوفياتي.
علي القضاة شاهد عيان في موضوع القيادة العربية الموحدة:
روى ضابط اردني ان الاردنيين الذين ذهبوا لاجتماعات القيادة العربية الموحدة ذهبوا الى مصر فورا بالرغم ان الفترة فترة (عيد) فانهم توجهوا على الفور لمصر من فرط الحماس، ومن اولئك الضباط علي القضاة الذي روى ما حصل.
وفاق مؤقت مع مصر :
عاش الاردن في هدوء ما بين مطلع 1964 وعام 1966م ولكن هذا الوفاق لم يستمر اذ ان انقلاب شباط في سورية عام 1966 غيّر التحالفات العربية. اخذت سورية تتقرب من مصر وتشجع الفدائيين وتأثر عبد الناصر بهذه الاجواء فاعلن في 22/تموز 1966 ان لا لقاء مع الرجعية حتى تصلح مواقفها وهكذا انتهى الوفاق مع مصر.
ملاحظة: اطلقت الدول السائرة في فلك الكتلة الشرقية على نفسها لقب (التقدمية) وعلى خصومها لقب الرجعية ولكن الحسين استخدم لقب المتطورين.
تطورت علاقات مصر مع سورية وفي 7/11/1966م تم توقيع اتفاق دفاع مشترك بين مصر وسورية وزادت الشقة اتساعا بين التيارين التقدمي وخصومه وكان هناك مصر وسورية والمنظمة وفي الجانب الاخر الاردن والسعودية.وبعد ستة ايام فقط من توقيع هذه المعاهدة فان اسرائيل استغلت ذريعة هجوم بعض الفدائيين على اسرائيل في شن عدوان السموع.
عدوان السموع:
يعتبر العدوان الاسرائيلي على السموع اهم الاحداث التي حصلت خلال الفترة التي تلت حرب السويس ولقد جرّ عدوان السموع المنطقة تدريجيا الى حرب 1967م.والسموع قرية اردنية على الحدود الاردنية ـ الاسرائيلية فيها (4000) لاجىء وقد هاجمها الاسرائيليون يوم 13/11/1966م باربعة الاف جندي اسرائيلي هاجموا القرية صباحا في الساعة الخامسة والنصف صباحا وهدموا (46) منزلا بالاضافة الى المستشفى وفي السادسة والربع تحركت نجدة اردنية من الخليل وتعرضت النجدة لكمين اسرائيلي وتدخل سلاح الجو الاردني باربع طائرات اسقط الاسرائيليون واحدة واستشهد الطيار موفق السلطي.وفي العاشرة صباحا انسحب الاسرائيليون من القرية وخسر الاردنيون (21) شهيدا و(37) جريحا
. ملاجظه:انتقم الاردنيون من نفس اللواء او الوحدة الاسرائيليه التي شنت عدوان السوع في معركة الكرامه ولم يضع دم الشهداء
تأثير العدوان على الساحة الاردنية:
اندلعت المظاهرات في شوارع المدن الاردنية وتدخل الشيوعيون والبعثيون وغيرهم في هذه المظاهرات واعتبر الملك ان هذه هي المحاولة رقم (12) للتحرك ضد العرش الهاشمي اعتبارا من عام 1952م.وساهم العدوان في تعميق الخلافات العربية واشتعال الحرب الباردة وازديادها ضراوة. ووصف الملك الموقف بان الرأي العام الدولي اخذ يبتعد عن العرب.
تأثير العدوان على العلاقات العربية الاردنية:
بالنسبة للملك حسين اعتبر ان قضية السموع عقدت الامور بالنسبة لقضية فلسطين وانها فجرت الخلافات العربية وفي الساحة الداخلية الاردنية استغرقت عملية اعادة الامن عشرة ايام متتالية.وبدلا من ان يؤدي العدوان لمؤازرة عبد الناصر للاردن فان العلاقات تردت وتم سحب السفير الاردني من مصر في اواخر عام 1966م ورد الاردن على الحملة المصرية بمثلها واتهم مصر انها تختبىء وراء قوات الطوارىء.واتهم الملك مصر بالتقصير بعد عدوان السموع ومصر بدورها لم تدخر جهدا في تأليب الرأي العام في الاردن عبر اذاعة صوت العرب التي اصبحت منبرا لحملات (الشقيري) رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنئذ ضد الاردن.
انهيار القيادة العربية الموحدة:
وهكذا فان القيادة العربية الموحدة نفسها كانت قد انهارت شأنها شأن المنظمات التي انبثقت عن مؤتمر القمة العربية الاول عام 1964م وتوقفت الاردن والسعودية عن دفع المساعدات لهذه القيادة.في البداية كانت القيادة العربية الموحدة ضد العمليات الفدائية الموجهة ضد اسرائيل حتى لا تعطي مبررا لشن حرب لم يأت اوانها.والقيادة العربية الموحدة تأسست عام 1964م كقوة عربية مسلحة تحت اشراف جهاز يتولى تنسيق الوسائل العسكرية المشتركة لمواجهة اي تهديد اسرائيلي.وترأس هذا الجهاز (علي علي عامر) قائد مصري. وبالنسبة للاردن وكما كتب وصفي التل فانه نظم اموره بالوسائل المتوفرة لديه ولكن في وقت لاحق ترك ذلك الدفاع للقائد المصري عبد المنعم رياض الذي تولى القيادة العربية الموحدة بدلا من (علي علي عامر) وغير ان عبد المنعم رياض ارتكب اخطاء قاتلة وهو الذي نقل اللواء(40) واللواء (60) من مواقعها واشتكى وصفي التل انه لا يعرف الارض التي سيناور عليها ولا يعرف الجيش وان ذلك كان السبب في النقاش بينه وبين المرحوم اللواء عاطف المجالي احد مساعديه.
وفي وقت لاحق اخطأ رياض ايضا في الاعتماد على وسائل الاعلام المصرية حول نتائج القتال على الساحة المصرية واخطأ في التنسيق وقرارات الانسحاب من الضفة.
تعليق:
بدا واضحا من الوهلة الاولى ان هناك اختلافا في الثقافة والتقاليد العسكرية عندما جاء وزار الاردن (علي علي عامر) ويومها تسربت الانباء للشارع الاردني عن نكات حول بعض الاختلافات الثقافية وعلى سبيل المثال كان (علي علي عامر) يقدم نفسه (علي علي عامر) وتوقع السامع الاردني ان تكرار الاسم الاول من تقاليد العسكرية المصرية وكرر اسمه (محمد محمد).
لهيب الحرب الباردة:
وباختصار كان للسموع تأثيرها على الساحة الاردنية والعلاقات العربية الاردنية وموقف منظمة التحرير الفلسطينية التي ساءت علاقاتها مع الأردن مما اسفر عنه اغلاق مكاتبها في عمان يوم 4/1/1967م.وعند حلول موعد انعقاد مجلس الدفاع التابع للجامعة العربية في اذار 1967م قاطع الاردن والسعودية ذلك الاجتماع ردا على الاصوات التي كانت تنادي باسقاط السعودية وتونس والاردن من خطة الدفاع العربي.
وضع القيادة العربية الموحدة:
تبعثرت جهود القيادة العربية الموحدة وغيرها من المنظمات التي انبثقت عن مؤتمر القمة العربية الاول واصيبت بالشلل التام بعد الحرب الباردة وبعد الانقسام الذي حصل.
وفجر اعتداء اسرائيل على السموع المشاكل في القيادة العربية الموحدة واتهم الاردن مصر بالتقصير في الدفاع عن الجزء الجنوبي من القدس باعتبار ان هذا الغطاء الجوي من مسؤولية مصر وان الجبهات العربية لو فتحت لخف الضغط عن الاردن وان الدفاع في معركة السموع كان من اختصاص القيادة العربية الموحدة.
وردت مصر على اتهامات الاردن بان الاردن لم يسمح بدخول القوات العربية الى اراضيه ولم يوافق على تمركز الطائرات المقاتلة في اراضيه واطلق المصريون العنان لاتهامات الاردن.
وهكذا لم تتوفر للقيادة الموحدة التسهيلات ولا الموارد المالية وتضاءل دورها الى حد انها اصبحت مشلولة وان مصر هي التي قادت العمليات قبيل حرب 1967م.
استدراج مصر للحرب عن طريق الجبهة السورية:
شهدت نفس الفترة انتهاكات اسرائيلية للمناطق المنزوعة من السلاح بين سورية واسرائيل وفشلت الامم المتحدة في دفع الطرفين السوري والاسرائيلي الى التعاون مع لجنة الهدنة المشتركة واستمر هذا الوضع حتى 7/نيسان 1967.
7/نيسان 1967:
وقعت في هذا اليوم معركة بين الطائرات السورية والاسرائيلية وتلا ذلك حشد اسرائيل على حدود سورية وبالنسبة للاردن انتبه الملك ان هناك حشدا لاثارة عطف العالم مع اسرائيل وافتعال وضع شبيه بوضع 1956م عندما تم تضخيم اخبار الفدائيين وعملياتهم ضد اسرائيل.
زيادة احتمالات الصدام:
وازاء الضغط الاسرائيلي على سورية فان عبد الحكيم عامر اصدر امرا برفع حالة الطوارىء في مصر لأعلى الدرجات يوم 15/5/1967م واصدر امرا اخر بسحب قوات الطوارىء الدولية وانسحبت فعلا يوم 19/5 وحلت محلها قوات مصرية.. وبعد يومين استدعت اسرائيل الاحتياط وفي اليوم نفسه وقع حادث انفجار في الرمثا وتوترت علاقات الاردن مع سورية وقطع الاردن علاقاته مع سورية.(ملاحظه الحادث غريب حدثني سياسي اردني انه سأل شخص من حكومه سوريه في عهد غير عهد الحكومه التي جرى في عهدها الحادث قال له ان الحكومه السوريه السابقه لاعلاقه لها )ا.. وضيق هذا من قنوات الاتصال والتنسيق مستقبلا فاتجه الاردن الى مصر.وفي 22/5 اغلق عبد الناصر مضائق تيران امام الملاحة (في وقت لم يكن هناك اي مبرر لذلك لعدم استخدام المضايق من قبل اسرائيل). النسبة للاردن اعلن الاردن عن حالة تأهب القوات العسكرية.
وفي 22/ايار التقى الملك مع زيد الرفاعي مدير التشريفات وبحث معه ما اعلنه عبد الناصر واخبر الملك (زيد) ان الحرب اصبحت امرا لا مفر منه.وتأكد الملك ان الحرب ستندلع بعد ان استمع الى حديث عبد الناصر يوم 28/5 الذي اكد في مؤتمر صحفي ان مصر مستعدة للحرب
. عامر خماش في مصر
ارسل الملك عامر خماش رئيس هيئة اركان الى مصر للاتصال بالقيادة العربية الموحدة.. ولكنه عاد دون نتيجة لان مصر ابلغت خماش انه لا دور للقيادة الموحدة في الاستعدادات الجارية.. وان مصر تقوم بالعمليات وفق اتفاق دفاع مشترك بين مصر وسورية.
الملك وخيار الحوار مع مصر:
لم يكن في وسع الملك ان يبقى صامتا اذ استدعى السفير المصري في عمان عثمان نوري واطلعه على الرغبة في التنسيق مع عبد الناصر، وظل الملك ينتظر جواب مصر حتى جاء يوم 29-30 ايار الى رئيس وزراء الاردن سعد جمعة وابلغه ان عبد الناصر يرحب بلقاء الملك.
وفي يوم 30/5 سافر الملك الى مصر ومعه سعد جمعة رئيس الوزراء، ورئيس الاركان عامر خماش وقائد سلاح الجو صالح الكردي وفي اجتماع الملك مع عبد الناصر طالب باحياء القيادة العربية الموحدة الا ان عبد الناصر فضل معاهدة ثنائية ومن فرط حماس الملك وقع اتفاقية مشابهة للاتفاقية المصرية السورية دون ان يقرأها.
وفي الاول من حزيران وصل عبد المنعم رياض لقيادة القوات الاردنية ـ العراقية ـ السعودية ـ السورية.
في 3/حزيران انضم العراق لمصر والاردن وسورية.
وفي اليوم التالي دخلت القوات العراقية الاردن وفي الليلة نفسها اجتمع رياض مع عامر خماش لمراجعة الموقف العسكري.
وفي يوم 5/حزيران هاجمت اسرائيل مصر والاردن وسورية وبدأ العدوان واحتلت اراضيها.
وفي الساعة الحادية عشرة ليلا (بتوقيت الاردن) من يوم 6/حزيران اصدر مجلس الامن قرارا بوقف اطلاق ا لنار بعد ان اصدر عبد المنعم رياض امرا بالانسحاب الى الضفة الشرقية وامرا مضادا بالبقاء.
وفي يوم 7/6 سقطت نابلس والقدس واريحا والخليل وهكذا وقع العدوان.
ملاحظة: حدثني المرحوم مريود التل أن السيد عامر خماش وكان رئيساً للأركان كان واثقاً من النصر وأشار أمام الملك على الخارطة بحضور آخرين ذكرهم مريود وهم رياض المفلح إذ أن عامر كان يؤشر بالعصا... هم يدخلون هنا... نحن ندخل من هنا... وكانت الثقة مفرطة وفي مصر كان الشيء نفسه وهذا تكرار للوضع عام 1948م.
الدكتور خيري عيسى عميد كلية السياسه والاقتصاد الاسبق جامعة القاهره قال لي كانت هناك عشرات المؤشرات التي لم ننتبه لها وكله تؤشر ان الحرب قادمه وان الغرب يستعد للوضع بعد اغلاق قناة السويس في حال قيام الحرب ومنها بناء سفن اكبر من حجم السفن التي تدخل القناه ومنها التنقيب عن النفط غرب القناه ومنها............الخ ولكن اين العبره هل تقدمنا خطوه لا والف لا ويخطر ببالي عندما اسمع كلام بعض القاده العرب وبعض الكتاب العرب اغنية نجوى كرم (هيدا حكي هيدا كلام )