وصل بشار الأسد إلى سد الحكم في دمشق بعد وفاة والده الرئيس الراحل حافظ الأسد عام 2000 ، وهو الذي طرد الجناح الراديكالي للبعث عام 1970 ، وهو القومي ، و رافع شعار " أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة " إلى جانب مصر جمال عبد الناصر،ودخل مع إسرائيل حربين عامي 1967 التي صممتها القومية – الناصرية تحت شعار( ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ) ، من دون حسبة دقيقة لقوة الوحدة العربية ، و لقوة الاستخبار ، و لقوة العسكرة العربية حينها ، فجاءت النتيجة كارثية بخسران كامل فلسطين بما في ذلك غزة ، و الجولان، وجنوب لبنان ، و سيناء ، و تكررت الحرب السورية مع إسرئيل عام 1973 بجهد عربي مصري و أردني و بنتيجة رابحة تم من خلالها تحرير مساحات كبيرة من مدينة ( القنيطرة ) الجولانية التي تعمل إسرائيل حاليا نهاية شهر 12/ 2024 على إعادتها بعد عملية الانقلاب الثانية على نظام الأسد منذ عام 2011 من وسط الربيع العربي و السوري حينها ، والذهاب الى الفوضى ،فسيطرت إسرائيل حديثا على جبل الشيخ ذو المركز الجغرافي الاستراتيجي .
وبطبيعة الحال شهد عام 1984 محاولة فاشلة لرفعت الأسد للحصول على السلطة في دمشق ، وقبلت إسرائيل بإعادة سيناء كاملة عام 1979 بعد زيارة الرئيس أنور السادات لها ، وهو الذي أغتيل بعدها عام 1981 من طرف جماعة ( الجهاد) الإسلامية التوجه و المتشددة .و خرجت إسرائيل مهرولة من قطاع غزة عام 2005 في زمن أرئيل شارون بسبب قوة حضور المقاومة الفلسطينية فيها، و انسحبت من جنوب لبنان عام 2000 الذي احتلته عام 1978 بعد رصدها لقوة حزب الله حينها ،ولم تقبل سوريا حافظ الأسد السلام مع إسرائيل بشروطها وعبر وساطة اسحق رابين و حسني مبارك عام 1995 ،ولم يقبل الرئيس بشار الأسد بسلام مماثل مع إسرائيل بوساطة تركية سرية و بشروط إسرائيلية عامي 2007 / 2008 إبان حكومة ايهود أولمرت من حزب ( كادي ) – الذي يعني – إلى الأمام - وصاحب فكرته أرئيل شارون المنسحب من الليكود ، ولم يحاول كما والده الراحل اعادة الجولان – الهضبة العربية السورية بقوة السلاح ، و لم يطور جيشه العربي السوري الذي بدا مترهلا أثناء موجة التحرير و الأنقلاب الجديدة 2024، وحول أجهزة نظامه الأمنية لترهيب شعبه بدلا من خدمتهم ،و كذلك زوار سوريا من العرب ، و أغرق السجون بالمواطنين السوريين الأبرياء ، ومنهم النساء و الأطفال ، وتحرير سجن صيدنايا من قبل قوات هيئة تحير الشام خير مثال ، و راوح الاقتصاد السوري في مكانه رغم سياسة الأكتفاء الذاتي ، لدرجة ظهر فيها ضعف رواتب العاملين في القطاعين العام و الخاص بشكل واضح غير حميد ، و استمر يعتمد في حراسة نظامه على ايران و روسيا .
يعتبر بشار الأسد رجل روسيا في المنطقة أكثر من كونه رجل ايران ،وهو من أضاع نصيحتها بتنفيذ القرار الأممي 2254 لصناعة مرحلة انتقالية و المشاركة في الحكم وفي مقدمتها المعارضة ، و لايران رجالات كثر في منطقتنا في المقابل ،ومن الطبيعي أن تساعده موسكو في الحصول على لجوء سياسي على غرار الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يونوكوفيج عام 2014، فأستمع لنصيحة موسكو و لم يكرر سيناريو صدام وعدم الاستماع لرسالة الرئيس بوتين عبر بريماكوف ، ولم ينسجم مع جامعة الدول العربية التي أخرجته ونظامه منها بعد تورط بلاده سوريا في صدام دموي مع الشعب السوري عام 2011، أو هكذا هي التهمة التي وجهت عربيا له و لنظامه ،و تمكن من أن ينجو من السقوط بجهد ايراني و روسي ملاحظ بعد مطاردة المعارضة السورية لنظامه وفي مقدمتها (النصرة ) ، إلى جانب تنظيم ( القاعدة ) الأرهابي وقتها ، وفي المقابل تتهم المعارضة السورية الوطنية بما في ذلك جبهة النصرة التي تحسب نفسها على التيار الوطني السوري نظام الأسد بالجنوح إلى الأرهاب ،و هو الأمر الذي رفضه الرئيس بشار الأسد و نظامه السياسي ، وهو من أعلن استقالته بينما أعلن الثوار السوريون هزيمته و اسقاطه ،و تمكن في المقابل من الصمود بوجه التحديات العاتية حتى نهاية العام الحالي 2024 ، فجاء الانهيار السريع في يوم الجلاء و الأستقلال ، وبعد عدم تمكن الرئيس بشار الأسد من الدخول بقوة للجامعة العربية إلا متأخرا وبطلب من القمة العربية ،ولم يتمكن من بناء صداقة دافئة مع كافة الرؤساء و الملوك العرب ، ومع تركيا – أوردوغان ، ومن بناء سلام مع إسرائيل يعيد لسوريا جولانها مقابل سفارة و تجارة حسب قول سابق لحسني مبارك،و هو الجولان الذي صوت عليه الرئيس دونالد ترمب عام 2017 جزءا من الأراضي الإسرائيلية ،وهو مطالب الان بالعودة عن قراره لصالح الأعتراف بالجولان أرض عربية سورية حتى يتحقق السلام العادل ، وهكذا مع مرور الزمن تقرر إستخباريا و سياسيا في تل -أبيب ، وفي واشنطن الأنقضاض مجددا على نظام الأسد ، و في هذه المرة بهدف اخراجه بالكامل من حلبتها .
فما هو السيناريو المتوقع بعد تسليم رئيس الوزارء السوري محمد الجلالي لمؤسسات القطاع العام و الدعوة لأنتخابات دستورية حرة ؟ وبعد سيطرت ثوار سوريا بقيادة عبد القادر الصالح الإسلامي التوجه ، و أحمد الشرع – أبو محمد الجولاني – رئيس هيئة تحرير الشام ، وهما من صرحا بأن القيادة السورية الجديدة تسعى لبناء دولة إسلامية معتدلة تراعي حقوق الأقليات ،و بأنها لن تمس دول الجوار السوري بسوء ، و أحمد الشرع – أبو محمد الجولاني رئيس هئية تحرير الشام . ومن المتوقع التخفيف من الضوء الإيراني في سوريا ،و بأن يمسك السنة زمام السلطة في دمشق ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يلغي التحرش الإسرائيلي بسوريا الذي تعودت عليه سوريا في الزمن القريب ، و سيبقى الباب مفتوحا أمام سلام سوري مع إسرائيل بشروط سورية وطنية معقولة تقبل بسلام الحد الأدنى لضمان عودة الجولان – الهضبة العربية السورية ،و لضمانة الأستقرار على الحدود السورية – الإسرائيلية و في الداخل السوري . و العلاقة مع روسيا ستبقى مستمرة ، و روسيا دولة عظمى و لها حساباتها الأستراتيجية الدولية وسط الحرب الباردة و سباق التسلح ، و يمهما الحفاظ على قاعدتيها العسكريتين في طرطوس و حميميم اللتان تحتضنان أكثر من 7000 ضابط و جندي روسي . و عودة أكيدة للعلاقات السورية – التركية التي تصدعت و انحدرت للمستوى الشخصي بين الرئيس بشار الأسد المخلوع و الرئيس رجب طيب أوردوغان ، و المعروف هو ، أينما تتواجد أمريكا تتواجد روسيا ، و تتميز روسيا عن أمريكا بتواجدها دائما بدعوة .
ومن أبرز قادة المعارضة الوطنية السورية ( رياض حجاب رئيس وزراء منشق ، و محمد غازي الجلالي رئيس وزراء سابق ، وهادي البحرة رئيس معارضة سورية 2011 ، و جورج صبرة معارض و سياسي شارك في جنيف في الأمم المتحدة ،و برهان غليون زعيم معارضة ،و أحمد الخطيب معارض سابق ،و أسعد مصطفى معارض في المجلس الوطني السوري ، و عبد الباسط سيدا .
ستبقى سوريا وطنا عربيا وسط بلاد الشام ،ووسط بلاد العرب ،وسوف تتعافى ،و تعود بقوة للصف العربي ،وهي العائدة للجامعة العربية للتو .و ستبقى الوحدة العربية هدفا أساسيا لكل العرب ،تماما كما دعاهم إليها شريف العرب و ملكهم الحسين بن علي قائد ثورة العرب الهاشمية الكبرى التي انطلقت من مشارف مكة عام 1916 وللوصول للعلم الواحد ،و العملة الواحدة ، و الجيش الواحد ، و جواز السفر الواحد ، و الاقتصاد الواحد مع المحافظة على استقلال كل دولة عربية ( الحركة العربية – سيرة المرحلة الأولى للنهضة العربية الحديثة 1908 -1924 . سليمان الموسى . ص 695 ) ، و أضيف هنا بعاصمة واحدة . و أردنيا بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله نتطلع إلى ضبط الحدود السورية الجنوبية ، ولعودة الحق الأردني من سد الوحدة المائي الرافد للزراعة الأردنية و للعاصمة عمان ، و لعودة اللاجئين السوريين طوعا إلى ديارهم السورية ،و لعلاقات جوار سورية – أردنية عروبية طيبة ،و لتعاون اقتصادي مجدي ، و لعلاقات دبلوماسية بمستوى سفير . و أمن سوريا أمن أردني أكيد .