اخشى ان افسد على الذين فرحوا باعتلاء اصحاب اللحى المختلطة نواياهم ودوافعهم درجات (الاموي) فرحتهم!! حين أعلن مباشرة ان قلبي منقبض للذي جرى لدمشق وليس فيه اية مساحة لفرحة او حتى لا ابالية او حياد
وبسرعة خاطفة اشهر ان ذلك ليس لادنى ريب سببه التضامن او الحزن على طوي صفحة الحكم السابق في دمشق وفي سجل المواقف المثبتة في صحيفة الراي ومن بعد في عمون ما يثبت اشمئزازي لاختطاف دمشق من نظام البعث الذي ركب على كرسيها وزورت مبادؤه على مدار العقود الخمس الماضية!!
لكن لانقباض القلب والحزن اسباب اخرى… لها علاقة (بوطنيتي الاردنية) اولا ثم بعروبتي التي انحني لها على صورة اقل من العبادة قليلا…
قال لي (السلطي الدافيء / ابو خلدون خريسات) في اجتماع عمون امس الذي لملمنا ختيار الجلسة وحكيمها الصامت سمير الحياري، ما زبط تحليلك ابو رفعت لقد سقطت دمشق… (مشيرا) الى تحليل ابديته قبل جلسة في ذات المكان وكان العناد لدي في عدم مشاهدة سقوط دمشق مرده كثرة ما كتب على جيلنا مشاهدة زوال العواصم!!
ابدأ حزن القلق في هذا المقال الذي هو الاول منذ زمن توقفت فيه عن الكتابة (العمونية) ليس لاي (ضغط عماني) قبلت به او فرض علي
بل لانني ببساطة لا احب ان اكتب وانا غاضب فالكتابة موسيقى تحتاج الى حب دافق او حزن اصيل.. وانا كنت غاضبا ولم ازل (وهذا امر فحواه محض شخصي لم يئن اوان الحديث فيه، ومن العار ان تتقاذف دمشق (الايرنة) و(العثمنة) ونستخدم رصيف الكتابة لاشياء خاصة
ساقول اسباب عزوفي عن الكتابة لاحقا
كان ال مهند مبيضين الشاب الكركي الوضاء يعبث بسبحته دوما قبل نيف وعشرين سنة ويسأل سؤالا عميق المعاني ليستكشف معاني الشخصية لديك فيقول (ما هو العصر العربي الذي كنت تفضل ان تعيش فيه) وكان جوابي دوما لذلك العالم القادم العصر الاموي وفي زمن الوليد بن عبد الملك… او عصر نهضة الاشراف الهاشميين واحرار بلاد الشام مطلع القرن الماضي!!
كنت اتمنى الا اعيش في هذا العصر العربي في جيل هو جيلنا سقطت فيه العواصم في صحن العروبة الباذخ (الهلال الخصيب) بتتابع مريب ولم يبق لنا سوى عمان حرسها الله من عيون العابثين والجهلة والحاسدين
سقط الاقدس (طهر الملتقى بين الله سبحانه ونبيه الذي لم يقبل ادعيتنا الا من خلاله الحبيب محمد صلوات الله عليه وسلامه في اسرائه) لقد راحت القدس من بين ايدينا ونحن لم نزل فتية نداعب رسم الاحلام في غيوم حزيران. وخرت ساجدة لله ووقعت فريسة بايدي اقبح عصابة حاقدة ومحتقرة للعروبة والاسلام مثلها مثل الترك ومثل ايران اليهودية الدولة وليس يهود الدين
كان سقوطها مغامرة دنيئة اركانها جهل (القاهرة وسذاجتها السياسية) و(عبث) دمشق حد الريبة وضعف جبهتنا الداخلية التي حالت بين الحسين الزعيم العربي التاريخي الذي ما مر واقول ذلك بكل عبء المسؤولية امام الله ما مر زعيم للعرب بعد الشريف الحسين بن علي قلبه على العروبة مثل ذلك الحفيد المجيد، لقد كبل الضعف والتراشق والانقسام الروحي في الضفتين وقتذاك يدي الحسين رحمه الله عن تجنب تلك المأساة، ولاول مرة في التاريخ يتحمل (الناس / ونخبهم) وزر اتخاذ القرار واملائه على الحاكم النبيل..
راحت القدس!! ثم تلا ذلك سقوط بيروت ١٩٨٢م تحت خذلان نظام الاسد الاب ومناورات ابو عمار العقيمة وانقسام لبنان بين طوائفها كالعادة وركب القاتل شارون ظهرها بعد ان اسرج ليلها في مذبحة صبرا وشاتيلا المذلة
وكنا على موعد السقوط المدوي لبغداد في نيسان ٢٠٠٣م ولا اريد ان ابكي بغداد فقد بكيتها بدمع القلب ومداد كل وجع الحروف حينها واقبلت على دفع الثمن وانا قانع راض..
مجمل سقوط بغداد كان عنوانه (مذلة) ووقوع (صدام رحمه الله) في الاسر بصورته التآمرية الامريكية البشعة كان (سقوطا مدويا لعرب المشرق كلهم)!!
ومضى الحزن الى منتهاه حين وقعت دمشق في الاسر.. لن اذرف حرف جر حزنا على بشار او ابيه فقد عشنا معهم مرارات مزريات عشنا الخذلان لسلاحنا الجوي وفقدان بطل العرب فراس العجلوني في حرب حزيران وعشنا مرارة مشاهدة دباباتهم تحتل مرابعنا قبل ان نردهم حين ادركوا مثلث (النعيمة) وعشنا قبح الكذب الدنيء ضد نظام حكمنا سنة ١٩٨٠م حين باغتنا القائد اليعربي ادعاء الاب الاسد شريك حسني مبارك في اجازة امركة حرب الخليج عربيا بـ ٢٥ الف مقاتل ارسلها من نشامى العرب لحفر الباطن تحت امرة (شوارزكوف) لاسقاط بغداد.. فاجأنا بحشد قواته اربعة فرق على حدودنا لانه مستاء من (حمايتنا للاخوان المسلمين) وقرر احتلال عمان وهذا مجرد تفكير لاحباب الله عندنا (في جماعة الاخوان عن الاثمان الباهظة المدفوعة لحمايتهم حتى الان من القيادة الهاشمية وغيرها اكثر)
كل ذاكرتنا الوطنية لا تحمل الا اعباء وهموم في علاقتنا مع النظام السوري الذي طوى بنفسه صفحته اول امس..
لكن رواح دمشق للمجهول هو الذي احزنني ويبكيني ويقلقني، فانا العربي السبعيني المنتمي ببهاء لمدرسة الحكم الهاشمي.. يقلقني
تقاذف الاقدام المعادية لاول عاصمة حررها ابطال العرب من (التتريكيين) بقيادة فيصل بن الحسين بن علي الهاشمي وهي اول مرة لم تغطس فيها ركب خيلنا في دم اهلنا بل ان نسوة دمشق نثرن الياسمين في شوارعها وغطست خيول فيصل وجنده في الياسمين وغنت عن طيب حب (زينو المرجة والمرجة لينا، شامنا فرجة وهي مزينة)
اليوم.. لم تتزين المرجة بالياسمين بل بلحى المحررين الغامضة في دوافعها!!
انضمت دمشق إلى قائمة الاحتلالات وهذا ليس وقت الحساب او العتاب بل ان ما يعنيني في كل هذا المعمان المختلط ان نقرر ان عرب المشرق لم يتبق لهم سوى عاصمة واحدة ومدينة عربية واحدة!!
هي عمان عاصمة الحب الاخوي نجاها الله من كل سوء
هل اخاف عليها!! دوما وابدا لانني عشت كل تلك المآسي حماها الله
بعد ان نمسح دموعنا على الشام شام فيصل حيث كان الوزراء في حكومته لكل العرب.. وشام فيصل الذي حل فيها الياسمين محل الدم
وشام فيصل شام الحرية والتنوع من كامل القصاب حتى عيسى العيسى
علينا مهمة التحديق في الغرب فالغرب اليهودي الديني البشع ذبح لحى حماس في غزة حد الاستئصال ووقف داعما للحى الاتراك والنصرة واحرار الشام.. والخ
والسؤال اوليست هي ذات اللحى التي تخبيء العداء لليهود فكيف يمكن تفسير ذلك؟! ذبح في غزة ودعم في دمشق
وثانيا: ان تحريك جيش نتنياهو وبن غفير وسموتريتش الى جبل الشيخ واعلانهم اجتياز المنطقة الحدودية والغاء اتفاق الموادعة بينهم وبين نظام الاسد بقصد التوسع لهو امر مريب علينا واجب اكثر من الحذر واقل من الخطر.. فبيننا وبينهم معاهدة سلام اهم جوهرها (عدم السماح بالتهجير) ومضمونة من الامريكان والروس واوروبا والامم المتحدة، اذن لا تهجير ببقاء المعاهدة وعلى الاخوة في الحركة الاسلامية ان يكفوا عن ترداد الغاء المعاهدة بيننا وبين دولة يهود فالامر يحتاج الى وعي وطني شامل
وعلى ذكر الحركة الاسلامية (فينا) فانني اختم بهذا الرجاء حد الالتماس من (الدولة) ومن (الاخوان المحترمين الاكارم) نحتاج نحن الاردنيين منكما الى (صفنة هادئة ورزينة) وتخلو من الخفة في التحليل كي لا نندم لا سمح الله، ولا اعني ذكر الاخوان المسلمين معطوفة على ذكر الدولة بمعنى شبهة التساوي او التضاد لا سمح الله بل اعني ابوية الدولة الهاشمية والاسلاميون احد مسؤوليتها هكذا من دون اي تحريف اولبس
(الدين النصيحة) اليس كذلك؟!
انصح الحركة الاسلامية بكل رجاء المحب والمؤمن الواثق بوطنية الشيخ مراد العضايلة المحترم اكثر من وطنيتي وعقلانية الشيخ حمزة منصور باكثر من عقلانيتي وسكينة وائل السقا الذي جمعنا احدى اللقاءات به على مائدة جلالة الملك ويعرف موقفي الذي قلته في حضرة الملك الا تأخذهم وصحابهم نشوة الشماتة في اعتلاء منبر الاموي من القادمين الى الشام عبر تفاهم دولي وليس عبر فتح مبين
وانني لارجو من الحركة الاسلامية في هذا الظرف الحساس والدقيق الذي فيه ظهرنا لا يسنده الا (حكمة عبدالله بن الحسين وجهده التاريخي في الحفاظ على الاردن)
اخر تلم للعرب في مشرقهم واخر شرعية للياسمين
لقد تم تبادل الشد والخطأ بين أجهزة الدولة وبين الحركة الاسلامية منذ الربيع العربي حتى الان حين اخطأ الحساب اهل الدين وركبوا موج الازدهاء والمباهاة بحكم المتدينين في القاهرة ويخطيء الاسلاميون إن ظنوا ان شرعيتهم امامية دولية والامام الغائب في احدى سراديب استنبول !!
الامام الحاضر شرعيا هو الهاشمي المبايع والذي فعله يحمينا اجمعين بما في ذلك انتم ايها الاسلاميون
واعي ان آلاما وجراحات هنا وهناك واحتكاكات قد جرت ولم تزل تجري اخرها معركة رئاسة مجلس النواب لكن الوعي يلزمكم ويلزمنا ان ننصحكم ان الدنيا قد ضاقت ابوابها علينا وعليكم وعليكم اكثر من علينا فبادروا انتم ولا تاخذكم لحظة اسقاط التماثيل الى بعيد فنظام الحكم الهاشمي هو من ازال التماثيل حين رأت أمانة عمان نصبه تكريما وتقديرا
نحن لسنا دولة اصنام ولا دولة تماثيل ونحن معكم حركة اسلامية تختلف في تاريخها ودورها وتأسيسها عن كل الاخوان المسلمين في العالم
واليوم اليوم هي فرصة لكم مراجعة الحساب وان تكونوا الاردنيين الذين عهدنا فيكم الانتماء والشرف والبيعة للحاكم الصالح العادل عبدالله الحامي حفظه الله..
وكذلك فانني دوما وابدا ادعو في كل مناسبة تتاح لي الفرصة ان يكون ملف العلاقة بين الدولة وبينكم هو ملف سياسي دوما وان يكون بعده الامني رافعة له وليس هو المرجع
الان واكثر من اي وقت مضى على كل المخلصين في الدولة وما حولها السعي لفتح حوار وطني مغلق وشامل كي نتبصر القادم من الايام
الملك الهاشمي ليس لاحد دون سواه ولا يصح احتكار العلاقة بجلالته للنيل من الاخرين الملك هو الحامي للناس وهو الوارث امر الله له
(فبما رحمة من الله لنت لهم) اللين بوابة التصحيح
ان استبدال التماثيل باللحى في دمشق لا هو بالمفرح ولا هو بالمزعج طالما ان الشر برا وبعيد عنا وطالما اننا في الداخل بخير مؤمنين بالله الواحد الاحد ملتفين حول الملك الصالح موحدين لنقف في وجه كل صعوبات الدنيا
وانتهي بالقول نستذكر عمق المعاني في ايات السبع المثاني والدعاء لعبد الله الثاني