facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القرن الاسديّ انكسر !


فيصل سلايطة
08-12-2024 10:54 PM

قرن من الزمان عاشتها سوريا تحت الحكم الاسدي , قرن جاء بعد سلسلة انقلابات شهدتها دمشق استقرت بوصول حزب البعث السوري للسلطة , عندها بدأت سوريا تنهض تحت قبضة الرئيس السابق حافظ الاسد , إلى أن جاء عام 1982 , هذا العام الذي كشّر فيه "القائد الخالد " كما كان يسمّيه موالوه عن انيابه برفقه شقيقة رفعت الاسد , فأبيدت حماة عن بكرة ابيها , و بدأت سوريا تكتب صفحات من العنف الغير طبيعي الذي قد يصلّ حد الدهشة .
كان عنوان القيادة في سوريا هو الخوف , بالرغم من بناء سوريا قوية اقتصاديا و متزنة اجتماعيا إلى حدٍّ كبير , لكنّ الشعب السوري كان لعقود يعيش حالة من الخوف الدائم , الخوف من التعبير , الخوف من الكلام , الخوف حتى من الخوف نفسه , لذلك لم تشفع لهذا النظام أي تطورات تحدث , فلطالما تهكّم السوريّون بأنّ للحيطان في سوريا (آذان) , فأكبر مستوى للحرية في سوريا قد يكون أقل مستوى للحرية في بلد مجاور لها كالاردن مثلا !

متى بدأ الانحراف ؟
بدأ خراب سوريا الحقيقي لحظة توريث الرئيس المخلوع بشار الاسد للسلطة , فمن الطبيعي بعد وفاة الرئيس في الدول ذات النظام الجمهوري أن ينتخب الشعب رئيسا , لا أن تتحوّل الدولة الجمهورية لمملكة فقط لنقل السلطة , خصوصا أن الشعب استبشر خيرا برحيل الاسد الاب أن تُطوى صفحة من القمع و الدم , لكن هذه الصفحة تلاشت بقرار طُبخ في ساعات وبنقل سريع للسلطة ظاهره ديموقراطي باطنة استيلاء على السلطة و توريث واضح .

عندما حرق البوعزيزي نفسه في تونس و اشعل بجسده الشوارع العربية بما يسمّى الربيع العربي , كان الاسد يتحضّر لرسم خارطة دموية لسورية , فبطش بالمظاهرات البسيطة التي كان يستطيع احتوائها , بعض من الصبية و كتابات على الحوائط , كانت كفيلة أن يقوم النظام بسحقهم , هنا بدأت الثورة , و بدأت صفحة جديدة يصبح بها السوري لاجئ في وطنه و خارجه , يقبع تحت سلطة الايراني و رغبات الروسي و محاصصات الامريكي و طيران الاسرائيلي و ميليشيات حزب الله , عندها " راحت البلد و ضل الاسد " .

لم يكن الاسد ذكيا في ادارة سوريا طوال سنوات الثورة أو كما كان يسمّيها بالحرب الكونية على سوريا , فعقد من الزمن كان كافيا للتفكير مليّا في بديل له يضمن له انتقالا سلميا للسلطة , بديلا يجعله يتعامل بحرفية و ولاء مع وطنه دون الحاجة للهروب في الخفية , فبشار الذي من الممكن أن فكّر يوما بنقل السلطة لحافظ ابنه تناسى بأنّ فاتورة الدم يجب أن تدفع مهما تأخرت , حتى ملف المهاجرين بات ورقة للضغط لا للمصالحة , فملايين السورية حُكم عليهم بالاقصاء عن وطنهم و عائلاتهم , و لمن صدّقوا الوعود و عادوا...اختفوا في " بيت خالتهم " .
البعض في سوريا و خارجها يحب النظام المعزول تحت قاعدة " شر معروف خير من شر مجهول " و قد تكون الديموقراطية احيانا ليست بخيارٍ جيد كبديل عن الديكتاتورية خصوصا في غياب النظام البديل المتزن , لكن في المحصلة لا يمكن أبدا مقارنة ما سيحدث بما حدث في سوريا طوال نصف قرن , فكل سجن فيها من تدمر لعدرا لصيدنايا قد تكتب فيه الف رواية و قصة و مسلسل , اجرام غير معقول , اساليب تعذيب هستيرية , تنكيل يضرب النفس البشرية السوية عرض الحائط .
الاردن و ملف سوريا ...

بالتأكيد أن ما كسبته الاردن من رحيل الاسد يفوق ما قد تخسره بكثير , فحلم "الشاميران " أي الشام الايرانية قد تلاشى , فبوجود النظام السابق كانت خيوط ايران في الجنوب السوري تقترب نحو الاردن , فهل بزغ نجم صباح على حرس الحدود الشمالية الابطال دون مجابهة لتهريب الكابتاجون ؟

بالاضافة أن الاردن سيستفيد من عودة طوعية للمهجّرين السوريين في الاردن لوطنهم , فالاردن الذي كان خير مضياف و حضن دافئ للسوريين لا شك بأنّه قد عانى و يعاني من تحدّيات لتلك الفاتورة , ستبدد شيئا فشيئا مع العودة الآمنة لهم , إذن هذه الثلاثية الايجابية (ايران – مهجّرين _حدود شمالية ) هي ما قد يجنيه الاردن من فوائد , فأين قد يخسر الاردن ؟
خسارة الاردن في الحقيقة هي ذاتها الخسارة للسوريين , فإن كان البديل عن النظام الاسدي في سوريا ليس بالبديل القوي الذي يحفظ النظام فتصبح المعادلة هي ذاتها فقط بتبديل رأس الهرم و البقاء على الخراب, لذلك من مصلحة عمّان أن تدعم دمشق في بناء سوريا قوية تحفظ النظام و المواثيق الدولية و تصون حقوق دول الجوار و أمنهم .

سوريا و التجربة العراقية
بالرغم من أن توأم حزب البعث الحاكم في سوريا كان في العراق , إلّا أن حافظ الاسد كان من اشد خصوم صدام حسين , فسوريا كانت الدولة العربية الوحيدة التي ناصرت ايران في وجه صدام في الحرب بينهما , إلّا أن الكثيرين يرون في سقوط ديكتاتورية الاسد مشابهة لسقوط ديكتاتورية صدام , لكن من الناحية الفعلية , سوريا لن تدفع الديون لعقود كما فعلت العراق بعد خطأ صدام الكارثي بالتعدي و احتلال الكويت , و لم يتشكل تحالف دولي ضد الاسد كما جرى في بغداد , بل سوريا مقسمّة بين نفوذ عدة دول , يجب أن تعمل المعارضة على تحديد هذه العلاقات و تطويرها لاستثمارات في سبيل اعادة البناء , لذلك فالتشابه ليس بالكبير بين هذه الديكتاتوريات .

سوريا و الانفراج اللبناني
لطالما كان نظام الاسد الوصي المرهق المتحكم في لبنان , فلعقود قبعت بيروت تحت سلطة دمشق عبر رسم القوانين و الانظمة و عزل الرؤساء و اغتيالهم و ترتيب الاوراق حسبما يريد آل الاسد , فكانت حياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري هي الثمن لسحب النفوذ السوري عن بيروت , أما بعد الثورة السورية فعُكست الآية كرد جميل من حسن نصرالله قائد حزب الله لنظام الاسد , فبات الحزب يتحكم في المحافظات التي يحتلّها في سوريا , فانهيار النظام الاسدي اليوم قد يعد انفراجة للبنان في طريقه نحو التعافي .
اليوم هو يوم مفصليّ في تاريخ وطن الياسمين سوريا , فعلى السوريين أن يعبروا العقبات المختلفة , تلك التي رسمها النظام المنتهي و التي فرّقت الاقاليم السورية و المحافظات و نشرت الخوف و الكراهية , عليهم أن يبنوا سوريا موحّدة , سوريا قوية , سوريا لا تحلل الانتقام أو التضييق على الاقليات , سوريا اقرب ما تكون للعلمانية , سوريا لا تعرف المتاجرة بالدين , أن تكون سوريا الزاهية لا سوريستان أو طالبان العربية .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :