يتعرض الواقع التعليمي، محلياً وعالمياً، إلى حالاتٍ من المدّ والجزر من حيث الإهتمام، مجتمعياً أم تربوياً؛ ولكنه يظل الأمر الذي يعيش مع المجتمع: أباء وأمهات، مسؤولين ومنظرين، فهو موضع إهتمام المجتمعات التي تعنى بالإنسان والمستقبل، ويذهب المهتمون بالتعليم يضربون في كل وادٍ، ولكن الوادي الأهم هو المعلم، ذلك أن تأثير المعلم على التحصيل الدراسي، على سبيل المثال، يفوق تأثير العوامل المدرسية الأخرى، فالمعلم: المتميزّ والمؤهل تدريبياً.. بالدرجة الأولى يتمتع بقدرات عالية ومتنوعة في تطوير مخرجات العملية التربوية من جهة، وفي إكساب خريجيه أعلى المهارات التعليمية – التعلّمية من جهة أخرى.
فالمعم التميزّ هو القادر على أكتشاف قدرات طلبته، العادية أو الظاهرة وتلك الكامنة، فُيعزّز تلك القدرات وثقة المتعلّم نفسه بقدراته، فأول أمر يمكن للمعلم اكتشافه هو معرفة احتياجات المتعلم وإهتماماته، فهما المدخل الأمن للتعامل مع المتعلم من خلال أساليب متنوعة ومتجددة ومتغيرّة في الموقف التعليمي- التعلّيمي، فإذا مالامَسَتْ تلك الأساليب تلك الاحتياجات والإهتمامات، فأنها تحفّز الدافعية للتعلّم لدى المتعلّم، وتثير فيه الإهتمام نحو الإكتشاف ومعرفة ما وراء المعلومات التي يتلقاها، فتتحوّل إلى مؤثّرات في الموقف التعليمي- التعلّمي، ولا يمكن للمعلم أن يكون القائد لتلك المواقف التعليمية-التعلّمية إن لم يكن قادراً ومؤهلاَ ويتمتّع بقدرٍ عالٍ من المهارات والكفايات التعليمية –التعلّمية قد أسهب المربون في تشجيص الأزمة التعليمية في بلدانهم، سواءً بالضرب على المحور المناهج أو الكتب المدرسية وغيرهما والمدخلات المتعددة في العملية التعليمية-التعلّمية، ولكن مدخلاً وعنصراً أساسياً لم يَنَلْ حقه من الإهتمام، محلياً وعالمياً، وهو المعلم، بإستثناء تلك الدول التي حققت التفوق في التعليم عالمياً، وهي محدودة.
ولعل من أبرز ما يمكن للنظم التربوية أن تُعنى به في مجال الإهتمام بالمعلم هو تمكينه بالدرجة الأولى من اكتساب مهارات تعليم التفكير العلمي، والتفكير الناقد، وتكوين الرؤية المستقبلية لديه ليتمكن من نقلها أو التعامل معها في المواقف التعليمية-التعلّمية فالمعلم هو الوحيد القادر على إحداث النقلة التطويرية في التعليم، إذا ماوُفّرت له البيئة لذلك مهنياً وأقتصادياً وإجتماعياً ومعنوياً