صرخة وطن: بين الفخر والإنفاق - الأردن يئن تحت وطأة الاختلالات السياحية
في زمن تتلاطم فيه أمواج التحديات الاقتصادية، يصبح الصمت جريمة، وتصبح الحقيقة المرّة أداةً لإيقاظ الضمائر النائمة.
الوضع السياحي الحالي في الأردن هو أكثر من مجرد كلمات، إنه نداء لإنقاذ ما تبقى من ركائز اقتصاد وطن يعاني.
السياحة: من داعم قوي إلى عبء ثقيل
كان الأردن يفخر بعائدات السياحة الوافدة، التي كانت تضخ في شرايين الاقتصاد ما يتراوح بين 4 و 5 مليار دينار سنويًا، هذا الرقم، الذي كان يسد جزءًا كبيرًا من عجز الدولة، أصبح اليوم مجرد ذكرى.
أين ماركو وأين دانيالا ؟ رحلوا لأننا لم نحافظ على أسباب جذبهم.
بينما تفرّغت برامج مثل “الأردن جنة” لاستقطاب خولة وأم السعيد، في نموذج استنزافي يثقل كاهل الدولة.
حين يُنفق على برنامج سياحي داخلي ما بين 25 إلى 60 ألف دينار أسبوعيًا، في حين تعجز الدولة عن بناء مدرسة حديثة في قرى نائية، تصبح الصورة قاتمة للغاية.
الخلل المؤلم: بين الاستعراض والإنفاق العشوائي
ما يحدث اليوم أشبه بمسرحية عبثية: مكاتب السياحة تعاني القهر والاختناق بسبب غياب التنافسية. نفقات غير مبررة تُهدر على استعراضات جوفاء وأغانٍ لا تُغني ولا تُسمن من جوع. التنظيم غائب، والتفتيش يأخذ ربع البرنامج، بينما تضيع الفرصة لتثقيف المواطن بجماليات وطنه وثرواته.
إن ما يُنفق في نهاية كل أسبوع يمكن أن يُستخدم لتعليم أبنائنا في مدارس نموذجية، أو لتطوير موارد سياحية حقيقية تجذب السائح الأجنبي، بدلاً من أن يُهدر على حفلات ورقصات تنتهي بشكوى من جودة الطعام!
الحل: عودة إلى الجذور والوعي الوطني
الوطن لا يحتاج استعراضات سطحية 'الوطن يحتاج إلى إعادة التفكير في أولوياتنا:
تطوير السياحة الداخلية بحكمة: بدلاً من الإنفاق العشوائي، يمكن طباعة منشورات تثقيفية رقمية على هاتفه تُغني السائح الاردني بمعلومات تاريخية وأثرية واقتصادية ودينية عن الأردن.
الاستثمار في البنية التحتية السياحية: كل دينار يُهدر اليوم يمكن أن يخلق فرقًا حقيقيًا في حياة الأجيال القادمة.
رسالة الملك في خطاب العرش السامي كانت واضحة: العمل الجاد والموظف هو الطريق.
إلى كل موظف وصانع قرار.. ما يحدث اليوم ليس فخرًا، بل هو انتهاك لحق المواطن ورقمه الوطني،واهتزاز في خزينة الدولة .
عودوا إلى الصواب قبل أن يصبح الإصلاح مستحيلاً.
"وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"
حان الوقت لنفكر بمستقبل أبعد من مجرد لحظة ترفيه عابرة، مستقبل يحفظ لنا الوطن ومقدّراته.
خذوا بحكمة الختيار ما قيل في كتاب الله: "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا"، صدق الله العظيم