مجلس النواب الجديد: بين الآمال الشعبية والرؤى السياسية
العنود عبدالله الطلافيح
07-12-2024 11:20 AM
شهد الأردن مؤخرًا افتتاح الدورة الجديدة لمجلس النواب، في لحظة تُعتبر حاسمة في ظل تطورات سياسية واقتصادية تتطلب قيادة حكيمة ورؤية مستنيرة لمواجهة التحديات.
الحدث، الذي حضره رموز الدولة وكبار المسؤولين، عكَس أجواءً رسمية مهيبة تعكس أهمية المجلس كمنصة تشريعية ورقابية تشكل أحد أعمدة النظام السياسي الأردني.
تميزت الجلسة الأولى بكلمات النواب، التي جاءت متباينة بين الحماس المُفعم بالتغيير والحرص على معالجة القضايا الملحة، وبين تلك التي اكتفت بخطابات إنشائية تفتقر إلى تفاصيل دقيقة وخطط واضحة. تحدث بعض النواب عن أولوياتهم، بدءًا من البطالة والفقر، مرورًا بالتعليم والصحة، ووصولاً إلى الإصلاحات التشريعية التي تعزز الشفافية وتحارب الفساد.
ما لفت الانتباه هو دعوات عدد من النواب إلى تعزيز دور البرلمان كمنصة للتفاعل الحقيقي بين الحكومة والمواطنين، مؤكدين على ضرورة تقديم خطط قابلة للتنفيذ بعيدًا عن الشعارات السياسية. بالمقابل، بدا أن البعض استغل المنصة لإعادة إنتاج خطابات تقليدية دون الإشارة إلى رؤى مبتكرة أو آليات عملية لتحويل التحديات إلى فرص.
في ظل الأزمات الإقليمية والضغوط الاقتصادية المتزايدة، يتطلع الأردنيون إلى مجلس نواب يختلف عن المجالس السابقة، مجلس يتجاوز الأداء التقليدي نحو دور فعّال في التشريع والمساءلة. التحدي الحقيقي يكمن في مدى قدرة النواب على الموازنة بين مطالب دوائرهم الانتخابية الخاصة وبين المصالح الوطنية العليا.
يتطلب العمل السياسي في المرحلة القادمة رؤية شاملة تنطلق من تعزيز الشراكة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، وترتكز على معايير الحوكمة الرشيدة.
ولعل إحدى الأولويات التي لا يمكن تجاهلها هي ضرورة بناء استراتيجيات طويلة المدى لمعالجة البطالة، خلق بيئة استثمارية جاذبة، وإصلاح نظام التعليم ليواكب متطلبات سوق العمل.
ما الذي يريده الشارع؟ بوضوح، يتطلع الشارع الأردني إلى مجلس نيابي يعكس صوته ويحمل همومه بصدق، مجلس يمتلك الشجاعة لاتخاذ مواقف حازمة بشأن الملفات الكبرى مثل مكافحة الفساد، إصلاح الأنظمة الانتخابية، وتطوير البنية التحتية. المواطن العادي لا يبحث عن خطابات طنانة، بل عن نتائج ملموسة تحقق له الأمن الاقتصادي والاجتماعي وتُعيد الثقة بينه وبين المؤسسات.
افتتاح مجلس النواب الأردني الجديد يمثل فرصة ذهبية لتصحيح المسار السياسي وإعادة ترسيخ ثقة المواطن بالدولة. ولكنه، في الوقت ذاته، اختبار حقيقي لمدى جدية النواب في الانتقال من طور الوعود إلى واقع الإنجاز. ستتحدد ملامح هذه الدورة البرلمانية بناءً على الأداء الجماعي والفردي، ومدى تفاعل المجلس مع المتغيرات الوطنية والإقليمية بعقلانية ومرونة.
الأردن اليوم بحاجة إلى نواب بحجم التحديات، وإلى رؤية سياسية تؤسس لنهج جديد يعزز الاستقرار ويضمن الازدهار.
ويبقى السؤال: هل سيكون هذا المجلس استثناءً في تاريخ الحياة البرلمانية، أم أنه مجرد امتداد للأنماط السابقة؟، الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.