facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نحن وشرائح الكمبيوتر


صالح سليم الحموري
05-12-2024 07:37 AM

تتزايد المنافسة في عالم شرائح الكمبيوتر شراسةً يومًا بعد يوم، حيث باتت تقنيات التصغير الحديثة تتجاوز حدود الخيال. عند التأمل في حجم الشرائح ودقتها المتناهية اليوم، يصبح من الصعب تصديق مدى التطور الذي وصلنا إليه. ما كان يُعد خيالًا علميًا في الماضي، أصبح اليوم حقيقة ملموسة، بدءًا من المعالجات البسيطة وصولًا إلى الشرائح المعقدة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة.

نعود بالزمن إلى العام 1971، عندما أطلقت شركة إنتل أول معالج كمبيوتر تحت اسم "إنتل 4004". كان هذا المعالج، الذي احتوى على 2300 ترانزستور وصُنع باستخدام تقنية تصنيع بحجم 10 ميكرومتر (أي 10,000 نانومتر)، يُعد إنجازًا تقنيًا مذهلًا في ذلك الوقت. رغم بساطته مقارنة بالمعايير الحديثة، مهدت هذه الشريحة الطريق لعصر جديد من الحوسبة، ووضعت حجر الأساس لأجيال من المعالجات المتطورة.

اليوم، نشهد تطورات مذهلة في مجال المعالجات، مثل معالج Apple M1 Ultra، المصمم بدقة 5 نانومتر ويحتوي على 114 مليار ترانزستور بحجم يبلغ حوالي 432 مليمتر مربع. يعكس هذا المعالج قدرة فائقة في تحسين الأداء والكفاءة، مما يعكس حجم الثورة التقنية التي شهدها هذا المجال خلال العقود الماضية.
مع تصاعد السباق نحو تصغير المعالجات وزيادة كفاءتها، أدت تقنيات التصنيع إلى تقليص حجم الترانزستورات من الميكرومتر إلى النانومتر. هذا التطور سمح بوضع مليارات الترانزستورات على رقاقات صغيرة، مما عزز قدرات الأداء والكفاءة وسرعة المعالجة. تبرز شركة إنفيديا كإحدى الشركات الرائدة في تصميم وحدات معالجة الرسوميات (GPUs)، وقد أعلنت مؤخرًا عن معالجات جديدة مثل "روبين" في مؤتمر "كومبيوتكس" في تايبيه، مما يعكس سرعتها في الابتكار والتطور، على الرغم من عدم الإفصاح عن تفاصيل دقيقة تتعلق بحجم هذه الرقاقة حتى الآن.

من اللافت أن شركات مثل إنفيديا، بقيادة رئيسها جنسن هوانغ الذي يدعو الدول إلى تحقيق سيادة على بياناتها وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بها، تعتمد على مصانع تصنيع مستقلة مثل TSMC لإنتاج رقاقاتها. هذا النموذج يتيح للشركات التركيز على التصميم والابتكار، مع الاستفادة من أحدث تقنيات التصنيع المتقدمة، مما يعزز جودة وكفاءة الشرائح بشكل كبير.

لكن يبقى السؤال الأهم: إلى أين سيأخذنا هذا السباق المحموم؟ مع استمرار الولايات المتحدة والصين في تعزيز تنافسهما في هذا المجال، ومع السعي المتواصل نحو تطوير معالجات أصغر وأكثر قوة، يظل التساؤل قائمًا: هل سنصل إلى مرحلة تتجاوز فيها قدرات الشرائح حدود الخيال؟ قد يكون الحل في بناء مسارات تجمع بين التعاون والتنافس، حيث يمكن للابتكار والتكنولوجيا أن يشكلا معًا مفتاح النجاح، من خلال تحقيق توازن بين هذه القوى المتنافسة. ربما ما نحتاجه هو "التنافس التعاوني"، الذي يتيح تبادل الخبرات والمصالح لتحقيق تقدم مشترك في هذا المجال الحيوي، بما يخدم مصلحة البشرية جمعاء ويساهم في معالجة التحديات العالمية المشتركة، مثل تغير المناخ، وارتفاع درجات الحرارة، والأمراض المستعصية، وغيرها من القضايا التي تتطلب تضافر الجهود من الجميع.

أذن، شرائح الكمبيوتر لم تعد مجرد مكونات تقنية؛ بل أصبحت رمزًا للابتكار البشري والطموح نحو تحقيق التفوق. ومع التوجه المتزايد نحو تصميم معماريات أصغر وأكثر تطورًا، يبرز المستقبل كميدان لا حدود له للابتكار، حيث نشهد تطورات مذهلة في عالم الحوسبة والتكنولوجيا.

قبل أن أختم، يتبادر إلى ذهني سؤال دائم: أين نحن من هذا السباق المحموم؟ ومتى سنلحق بركب التطور المتسارع الذي يشهده العالم؟ وهل نمتلك القدرة على تقليص الفجوة الكبيرة بيننا وبين هذه القوى العالمية؟ أؤمن أننا قادرون على ذلك، لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب منا قفزات جريئة وابتكارات تتجاوز النطاق التقليدي، بل يتطلب منا بناء صناديق جديدة من الأفكار، تفتح آفاقًا غير مسبوقة وتتيح لنا مواكبة هذا العصر بتميز وإبداع.

* صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للادارة الحكومية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :