تقرير بحثي يرصد فرص استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية
04-12-2024 12:27 PM
عمون- مع اقتراب الذكرى السنوية لتأسيس حركة حماس وسط الأهوال التي تعيشها غزة نتيجة للحرب التي يشنها الاحتلال ، تجددت النقاشات داخل الأوساط الفلسطينية حول تأثير ما يجري من تطورات على المسار الوطني الفلسطيني والقضية بشكل عام. فبينما يعتبر البعض هذا اليوم لحظة تاريخية مهمة، ينظر آخرون وبأسى لحالة الانقسام الداخلي الفلسطيني التي أضعفت من قوة القضية على الساحة الدولية.
التقرير الذي أعده مركز رصد للدراسات البحثية في العاصمة البريطانية لندن بهذه المناسبة يسلط الضوء على هذه الجوانب، مشيرًا إلى أهمية إزاله الخلافات واستغلال تطورات ما يجري من أحداث صعبة يعيشها الشارع تمثل فرصة لإعادة التفكير في الأولويات الوطنية وتجاوز عقود من الخلافات التي أثقلت كاهل الشعب الفلسطيني.
ويتطرق التقرير لمناقشة قضية : إرث الانقسام وتأثيره على القضية الفلسطينية...ويأخذ التقرير حركة حماس تحديدا للحديث عن هذه النقطة ، وذلك لاعتبارات سياسية واستراتيجية منها:
1- أن حماس تمثل حاليا الفصيل الأكبر والذي تتجه إليه أنظار العالم منذ السابع من أكتوبر وعمليه طوفان الأقصى
2- لا يخلو أي خطاب يوجهه زعماء العالم للحديث عن الأزمة الفلسطينية من ذكر حركة حماس ، خاصة وأن الحرب التي يشنها الاحتلال في غزة موجهة ضد عناصر الحركة ونشطائها (كما يعلن جيش الاحتلال ومؤسسات الدولة العبرية في بياناتهم)
عموما يوضح التقرير إنه ومنذ تأسيسها في عام 1987، تبنت حركة حماس مشروع المقاومة المسلحة كركيزة أساسية لخطابها السياسي، وهو ما أكسبها دعمًا شعبيًا واسعًا في البداية. إلا أن سيطرتها على قطاع غزة عام 2007 وانفصال القطاع عن الضفة الغربية شكلا نقطة تحول جوهرية، حيث تحول الانقسام السياسي بين حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية إلى حالة دائمة تعمقت على مدى السنوات.
يرى كثير من الفلسطينيين ، من واقع الكثير من منصات التواصل الاجتماعي، أن هذا الانقسام أدى إلى إضعاف الجبهة الداخلية للقضية الفلسطينية وأتاح المجال لإسرائيل لاستغلال هذا التشرذم لفرض سياساتها الاستيطانية وتوسيع السيطرة على الأرض الفلسطينية. ووصل الآمر إلى أن بعض من المنصات الفلسطينية انتقدت حماس بشدة ، زاعمة أن سياسات بعض من قادة الحركة أدت إلى تراجع القضية الفلسطينية على الساحة الدولية وفقدت قوتها التفاوضية التي كانت تعتمد على وحدة الصف الوطني.
وساهمت في هذه النظرة المتشددة بعض من العوامل منها :
1- انتقاد السلطة الوطنية الفلسطينية الصريح للحركة متمثلا في الرئيس محمود عباس أبو مازن وكبار القيادات في السلطة للحركة وما قامت به
2- انتقاد الكثير من الفلسطينيين في غزة للحركة ، ووصل الأمر إلى حد وصف عملية طوفان الأقصى بالمغامرة الغير محسوبة
3- رصد التقرير تحول الدعم المتناهي للحركة من الكثير من الفلسطينيين في أولى أيام عملية طوفان الأقصى إلى التراجع في هذا الموقف مع الضربات الجوية والغزو البري لجيش الاحتلال للقطاع
ويناقش التقرير في فصله الثاني قضية الدعوة إلى التأمل ومراجعة المسار الفلسطيني ...ويقول : في ظل هذه الظروف، دعت العديد من المنصات الفلسطينية إلى استغلال ما قامت به الحركة فضلا عن الحرب الجنونية التي يشنها الاحتلال على غزة فضلا عن اقتراب ذكرى تأسيس الحركة في الخامس عشر من ديسمبر المقبل، كفرصة للتأمل في حصاد العقود الماضية.
التساؤلات التي يطرحها الفلسطينيون اليوم ، والحديث للتقرير، تتركز حول أهمية تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية كأساس لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الشعب الفلسطيني. فالوحدة ليست مجرد مطلب سياسي، بل ضرورة وجودية للقضية الفلسطينية التي تواجه خطر التصفية في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي وسياساته القمعية.
بعض من الدعوات التي ظهرت على منصات التواصل الاجتماعي ركزت على أهمية استعادة زمام الأمور من قبل الشعب الفلسطيني وضرورة أن تتراجع حركة حماس وغيرها من الفصائل خطوة إلى الوراء لصالح المصلحة الوطنية.
ولاحظ التقرير إن هذا لا يعني إقصاء الحركة، بل إعادة تقييم دورها بما يخدم القضية بدلاً من تعميق الخلافات الداخلية.
وينتقل التقرير في فصله الثالث لمناقشة قضية : تعزيز دور السلطة الوطنية الفلسطينية: وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني والمعترف بها دوليًا، تحتاج إلى تعزيز مكانتها كجهة حاكمة مسؤولة عن توحيد الصف الفلسطيني. ورغم التحديات التي تواجهها السلطة، بما في ذلك تآكل الثقة الشعبية بها بسبب الفساد وضعف الأداء، إلا أنها تبقى الكيان الذي يمكن البناء عليه لاستعادة الوحدة الوطنية.
ويقول التقرير إن حركة حماس، التي ترى نفسها كحركة مقاومة بالدرجة الأولى، مدعوة إلى مراجعة سياساتها وخطابها.
وفي هذا الصدد يقول عدد من الفلسطينيين إن المقاومة لا تعني الانفراد بالقرار أو السعي للسيطرة على مؤسسات الدولة الفلسطينية. بل يجب أن تكون جزءًا من مشروع وطني شامل، تقوده السلطة الوطنية بالتعاون مع جميع الفصائل الفلسطينية.
وفي الفصل الرابع يناقش التقرير قضية الوحدة باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنية: ويقول التقرير: لا يمكن للشعب الفلسطيني تحقيق أهدافه الوطنية في الحرية والاستقلال دون وحدة الصف. الانقسام الداخلي الذي طال أمده لم يضر فقط بالصورة العامة للقضية الفلسطينية، بل أضعف كذلك من قدرة الفلسطينيين على مقاومة الاحتلال أو تحقيق إنجازات سياسية حقيقية.
يشير التقرير إلى أن تجربة المقاومة الفلسطينية أثبتت أن الوحدة هي العنصر الأساسي للنجاح. فعلى سبيل المثال، خلال الانتفاضة الأولى والثانية، كان العمل الموحد بين مختلف الفصائل هو الذي أكسب القضية زخمًا داخليًا وخارجيًا. على النقيض، فإن المرحلة الحالية من الانقسام أضعفت جميع الفصائل وأدت إلى انكفاء الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.
وفي الجزء الأخير من هذا التطور يوجه التقرير نداء إلى الشعب الفلسطيني، ويقول : في ظل هذه الظروف، يبدو أن الرسالة الأهم التي يحملها الفلسطينيون اليوم هي أن الوقت قد حان للتغيير. الشعب الفلسطيني يمتلك القدرة على صياغة مستقبله واستعادة مكانته إذا تم توحيد الجهود والابتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة. ومع تجدد الدعوات للوحدة، يظهر الأمل في أن يكون هناك مسار جديد يعزز من قوة القضية الفلسطينية ويعيد توجيهها نحو تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة.
ختامًا يقول التقرير، إن ذكرى تأسيس حماس ليست مجرد مناسبة للاحتفال أو الانتقاد، بل يجب أن تكون نقطة انطلاق لحوار وطني شامل يعيد ترتيب الأولويات ويضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل اعتبار. حينها فقط يمكن تجاوز الماضي وتحقيق المستقبل الذي يستحقه الفلسطينيون.