جريمة فصل النائب الجراح من حزب العمل
السفير الدكتور موفق العجلوني
04-12-2024 11:32 AM
بداية ان لست حزبياً ولا أنتمي لاي حزب باستثناء حزب الوطن. وما دعانا للكتابة بموضوع النائب محمد الجراح هو هذا الهرج والمرج الصادر من حزب العمل بالإساءة الى هذا الشاب، لا بل على العكس هو إساءة لكل شباب الوطن، ونحن نعيش تجربة حزبية لا زالت في دور الحضانة تحتاج الى الرعاية لكي تكبر وتقوى وتكون في الصفوف الاولي المدرسية السياسية الابتدائية والاعدادية والثانوية والجامعية والدراسات العليا، لا ان تصدر احام ظالمة من منطلقات لا أدرى ما وراءها ومن خلفها. وبالتالي في ظل الجدل القانوني والدستوري المتعلق بفصل النائب الجراح من حزب العمل، نجد أنفسنا أمام قضية تتجاوز كونها مجرد نزاع داخلي بين حزب ونائب، بل تمتد لتشمل القيم الدستورية الأساسية ومبادئ النظام البرلماني في الأردن. وعليه، يعتبر هذا الموضوع جزءًا من النقاش الأوسع حول حدود السلطة الحزبية ومدى توافقها مع النصوص الدستورية السارية كما أشار معالي الأستاذ الدكتور نوفان العجارمة ان فصل النائب سقطة قانونية:
" إن فصل النائب الجراح يعد مخالفة جسيمة للدستور الأردني ويمثل سابقة قانونية غير مسبوقة في النظام البرلماني الأردني. وهو جريمة بحق حقوقه البرلمانية. فصل النائب الجراح من حزب العمل يعد انتهاكًا لحقوقه السياسية التي يضمنها الدستور الأردني. فالنائب المنتخب هو ممثل للشعب الأردني ككل وليس فقط لحزبه، وبالتالي فإن القرار الحزبي بفصله يهدف إلى فرض قيد غير دستوري على استقلاله البرلماني. النائب في النظام البرلماني لا يمثل حزبه فقط، بل هو ممثل الأمة بأسرها، وفقًا لمبدأ سيادة الأمة المنصوص عليه في المادة 24 من الدستور الأردني. ويعد القرار بالفصل من الحزب بمثابة محاولة لتقييد حرية النائب في التعبير عن رأيه والمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية والتشريعية. وبالتالي يشكل فصل النائب الجراح انتهاكاً خطيراً لحقوقه النيابية، ويعد مخالفة صارخة لأحكام الدستور الأردني، حيث يتناقض مع المبادئ الأساسية للنظام البرلماني الذي أرساه الدستور منذ عام 1952."
وبالتالي فإن فصل النائب الجراح من حزب العمل يُعد قراراً غير قانوني وغير دستوري، ويشكل خرقاً لحقوق النائب البرلمانية المكفولة بموجب الدستور الأردني. هذا القرار يتناقض مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام البرلماني، والتي تضمن استقلالية النائب وتمثيله للأمة بأسرها. بالإضافة إلى ذلك، فإن النصوص الدستورية التي تحدد شروط انتهاء عضوية النائب هي نصوص حصريّة، ولا يجوز للمشرع العادي تجاوزها أو تعديلها بما يتعارض مع هذه المبادئ. بناءً على ذلك، فإن فصل النائب الجراح يُعد مخالفة صارخة للدستور، ويجب أن يُعاد النظر فيه لضمان احترام حقوق النواب وضمان استقرار الحياة السياسية في الأردن.
ومن الاهمية بمكان و خاصة اننا لا زلنا في بداية تجربتنا الحزبية في الأردن والتي لا زالت تفتقر الا البرامج الوطنية، و خاصة المتعلقة بالشباب، الإشارة إلى أن النائب الجراح ليس فقط ممثلًا لحزبه، بل يمثل فئة الشباب الأردني. وهو ما أكده صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله وسمو ولي العهد الامير الحسين حفظه الله في أكثر من مناسبة على أهمية تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية والبرلمانية. إن قرار فصل النائب الجراح من حزب العمل ليس مجرد مسألة حزبية بل يعد ضربًا لحقوق فئة كبيرة من الشباب الذين اختاروا هذا النائب ليعبر عن قضاياهم ومطالبهم في المجلس النيابي.
ان فوز هذا النائب في الانتخابات البرلمانية جاء على أساس تمثيله لفئة الشباب، ويعتبر صوتًا جديدًا داخل البرلمان، حيث يعكس آمال وطموحات جيل جديد من الشباب الأردني الذين يتطلعون إلى التغيير والإصلاح. وقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة على أهمية دور الشباب في الحياة السياسية، مشيرًا إلى أنهم يمثلون القوة المحركة للتنمية والتغيير في المجتمع. جلالته شدد على ضرورة منح الشباب الفرصة للمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية وبناء المستقبل السياسي والاجتماعي للأردن.
في هذا السياق، يُعتبر فصل النائب الجراح من حزب العمل بمثابة اعتداء على حقوق الشباب الأردني، حيث يحرمهم من ممثلهم الشرعي في البرلمان. وهذا القرار ليس فقط جريمة بحق النائب الجراح، بل هو جريمة أيضًا بحق فئة كبيرة من الشباب الذين اختاروه ليكون صوتهم في المجلس النيابي.
ووفقًا لرؤية جلالة الملك، فإن تعزيز تمثيل الشباب في الحياة السياسية يجب أن يكون على رأس أولويات النظام السياسي في الأردن. وقد اعتبرت فئة الشباب تمثل المستقبل السياسي، الاقتصادي والاجتماعي للمملكة، وفي هذا الإطار يأتي دور النائب الجراح الذي يعد من الشباب المؤثرين في البرلمان.
فصل النائب الجراح من الحزب لا يُعد مجرد تصرف حزبي، بل هو خطوة تمس حقوق الشباب الأردني في تمثيلهم في السلطة التشريعية. فالنائب الجراح اختير بناءً على قوته الشبابية وأفكاره المبتكرة، وهو يمثل فئة هامة من المجتمع الأردني التي تسعى إلى الإصلاح ومواجهة التحديات التي يواجهها الشباب الأردني اليوم.
وبالتالي من الضروري إعادة النظر في هذا القرار لضمان الحفاظ على حقوق الشباب وتمثيلهم العادل في البرلمان الأردني، وهو ما من شأنه تعزيز الاستقرار السياسي والمشاركة الفعالة في اتخاذ القرار الوطني.
* السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me