facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دولة الرئيس .. الثقة تُبنى بالأفعال لا بالخطابات


محمود الدباس - ابو الليث
03-12-2024 09:49 AM

إن خطاب رئيس الوزراء أمام مجلس النواب.. كان مليئاً بالعبارات الطموحة.. التي تبدو مألوفة في مثل هذه المناسبات.. حيث تحدّث عن تعزيز سيادة القانون.. ومحاربة الفساد.. وخلق فرص عمل.. وتحقيق التنمية الاقتصادية.. لكن عند التعمق في هذه العبارات.. نجد أنها تخلو من التفاصيل الإجرائية.. أو الآليات الزمنية.. التي تضمن تحقيقها. فحين يقول الخطاب "تعزيز الشفافية".. يبقى التساؤل قائماً.. كيف سيتم ذلك؟!.. وهل هناك التزام حقيقي.. بإتاحة البيانات وتفعيل الرقابة؟!.. أم أن هذه العبارة ستظل مجرد شعار يُرفع دون تطبيق؟!.

وعند الحديث عن "توسيع قاعدة الاستثمار".. نجد غياب الإشارة إلى القطاعات المستهدفة.. أو الآليات التي ستجذب الاستثمارات بشكل فعلي.. وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية.. هل يمكن تحقيق هذا الوعد.. دون رؤية واضحة.. تتضمن خفض الضرائب.. أو توفير بيئة قانونية جاذبة؟!.. أم أن هذه التصريحات ستُترك لمواجهة الأعذار عند الاصطدام بالعقبات؟!.

الخطاب يعكس حالة من العمومية.. والتي قد تكون مقصودة.. لتجنب المحاسبة مستقبلاً.. فغياب الأرقام.. والمؤشرات المحددة.. يعني أن الحكومة تترك لنفسها مساحة للمناورة.. والتملص من التعهدات.. إذا ما تغيّرت الظروف.. أو اشتدت الضغوط.

في مثل هذه الحالات.. يصبح مبدأ القياس على التعهدات شبه مستحيل.. لأن الكلمات الفضفاضة.. لا تُلزم الحكومة بخطوات واضحة.

وحتى عندما تقول يا دولة الرئيس "حاسبوني".. هل يمكن أن تعلٍمنا كيف.. وعلى اي مقياس سيحاسبك نواب الشعب؟!.

ما يجعلني اتحدث بهكذا خطاب.. أن هذا النهج.. لا يقتصر على خطاب الحكومة الحالي.. بل يمكن رؤيته في خطابات لحكومات سابقة.. حيث وُعد المواطنون بعشرات الخطط والبرامج.. والتي لم تُنفّذ.. أو تلاشت مع مرور الوقت.

فعلى سبيل المثال.. في عهد حكومات سابقة.. تم الإعلان عن مشاريع كبرى في قطاعي التعليم والصحة.. لم تخرج في النهاية عن إطار الوعود.. تلك المشاريع التي كانت تُرفع شعاراتها باستمرار.. باتت أمثلة على ما يُعرف بـ"الخطاب الخالي من المضمون".. مما أدى إلى تآكل الثقة بين المواطنين والحكومة.. او حتى مع مجلس النواب الذي يجب ان يتابع هكذا وعود.

ولمقارنة هذا الوضع.. يمكن الإشارة إلى دول أخرى.. اتبعت نهجاً مختلفاً.. مثل بعض الدول التي وضعت خططاً محكمة.. تتضمن أهدافاً قابلة للقياس.. ومؤشرات محددة لقياس التقدم.. هذه الدول لم تقتصر على استخدام الكلمات في خطابها.. بل أرفقت تلك الكلمات بخطط تنفيذية موثوقة.. حيث كانت تتسم بالشفافية والمحاسبة.. مما ساعد على تحويل التعهدات.. إلى نتائج ملموسة.. وهذا ما يرفع من أهمية أن تكون الحكومة على دراية.. بأن الثقة لا تُكتسب بالكلام وحده.. بل بالتصرفات.. والإجراءات.. التي تثبت أن هناك التزاماً حقيقياً.

ما يدعو للإحباط - ولست من دعاته- هو أن جلسة التصويت على الثقة.. أصبحت في السنوات الأخيرة إجراءً شكلياً.. فنتيجتها شبه محسومة مسبقاً.. مما يُفقدها معناها الحقيقي كوسيلة لمحاسبة الحكومة.. والأهم من ذلك هو ما يحدث بعد الثقة.. فالحكومة التي تُمنح الثقة.. تصبح ملزمة بتنفيذ ما وعدت به.. لكن الواقع يشير إلى أن كثيراً من هذه الوعود.. يضيع بعد نيل الثقة.. في زحمة الأعذار والمبررات.

إن خطاب الثقة.. يجب أن يكون وثيقة التزام.. تُحاسب عليها الحكومة لاحقاً.. لا مجرد نص يُقرأ.. لإرضاء النواب والرأي العام.

وإذا أرادت الحكومة استعادة الثقة الحقيقية.. فعليها أن تقدم خططاً عملية.. قابلة للقياس.. تحدد الأهداف والخطوات بشكل دقيق.. وتضع آليات واضحة للمساءلة والمحاسبة.

فإن استعراض النوايا الطيبة لا يكفي.. والأفعال وحدها.. هي التي تعطي المعنى الحقيقي للتعهدات.. واستمرار الاعتماد على العبارات الفضفاضة.. يؤدي إلا إلى زيادة فجوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات الرسمية.. مما يجعلنا بحاجة ماسة.. لتغيير النهج المتبع.. والانتقال من الخطابات.. إلى الأفعال.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :