الشرطة النسائية .. لماذا كل هذا التهور يا جماعة !؟
فايز الفايز
14-08-2007 03:00 AM
وصفت الشرطية الفارسة ( الخيّال ) عبلة / 23 عاما / مشاعرها لدى ركوبها الخيل لأول مرة بقولها ..تملكني شعور بالرهبة والتوتر وأمضيت الأسبوع الأول بالبكاء الى ان تبددت مخاوفي بفضل دعم قيادتي وزملائي لي ولزميلاتي مشيرة الى اعتراض أهلها على مهنتها في البداية بقولهم / بدها تركب خيل .. هذا النص أوردته وكالة بترا الرسمية للأنباء الليلة ، في محاولة لفهم معنى عدم خضوع الفتاة الأردنية الى المواصفات الجمالية بدون وضع مساحيق التجميل والميك اب ، في تقرير عن إمتطاء ( فارسات ) الأمن العام لصهوات الخيول بين جمهور مهرجان نانسي عجرم في جرش .وقبل أن يبدأ منجلي في حصد الجمل ، ورميها على بيدر النقاش ، سأتستبق الأفكار بمعلومة صغيرة ، فقد كانت أحدى عماتي ، وهي صبية صغيرة تمتطي ظهر الفرس ( الحيفية ) وهي سلالة من خيول قبيلة ( سبيع ) جاء بها قومي في جاهليتهم بداية القرن الماضي إثر غزوة جاهلية ، وكانت تلك العمة ( العجوز ) الآن تقود باقي الخيول لسقيها من بئر الماء في أطراف القرية ، وكانت تسابق الريح كما تذكر هي ، ويتندر الأقارب بها .. ولكنها عندما بلغت سن ( الماما ) لم تعد تمتطي تلك الأفراس ، لعدم الحاجة الملحة لها .
اليوم هناك نشاط رياضي يدعى مجازا بالفروسية ، مع أن معنى الفروسية له شوط طويل مع شروح البطولة والمروءة والكرم والكرّ ، ومع هذا فتلك الرياضة جميلة ، وممتعة ، وأبطالها من الجنسين مرغوب في رؤيتهم على مضامير السباقات .
أما أن يصل الأمر بفتياتنا الى إمتطاء الخيول في مهمات أمنيّة ، محفوفة بالمخاطر ، وبالاسترجال ، والخروج عن الصورة النمطية للمرأة ، من رقة وأنوثة ، وأمومة ، وحنان ، حيث تصب في المعنى الحقيقي لمناصفة المرأة للرجل في كل مناحي الحياة ، والتي تبدأ من البيت وتنتهي في البيت ، إلا إذا كن عوانس ، يستغنين عن رهف الحياة وترف الأنوثة ، وغريزة الأمومة ، والحاجة الى بيت يبدأ بالفراش وينتهي بكومة لحم . فهذا أمر ممجوج ! فهناك عشرات الوظائف المكتبية التي تستطيع الفتاة أن تمارسها وتتقنها وتبدع فيها ، محافظة على كرامة أنوثتها .
وهذا يجر قلمي الى مظاهر نربأ بفتياتنا ان يكن على تلك الصورة لها ، فليس من المعقول ان تتحول ( النشمية ) الى مندوبة مخالفات لدائرة السير وجبايات أمانة عمان .. فمن يدقق النظر في تلك الشرطيات ، سنجد إنهن يحملن دفاتر المخالفات ويبدأن مشوار الصباح من وسط البلد حتى العبدلي وقصر العدل ، وهن يحررن المخالفات للسيارات المخالفة ، ولا مجال لمناقشة أحداهن نظرا لثقافة المجتمع الذي لم يعتد الجدل مع فتاة .
في أحد الأيام وفي تقاطع ش عبدالحميد شرف مع ش إيليا أبي ماضي حيث مكاتبي في الشميساني ، كانت هناك شرطيتان تحاولان عبثا تنظيم حركة السير ، واحدة منهن أعطتي الأذن بالمرور ، وعندما توسطت سيارتي التقاطع ، وقفت الأخرى أمامي معترضة ، فأصبحت معيقا لسيل السيارات في الشارع ، وعبثا حاولت فهم الأمر ، واحدة سمحت والأخرى منعت ، فما كان مني إلا أن تحركت بالسيارة مارا .. هل تعلمون ماذا حدث ؟ وأقسم بالله على ذلك :
جلست المعترضة على مقدمة السيارة في وضح النهار ، وقالت حرفيا .. " هي سمحت لك ، وأنا بمنعك وخلينا نشوف " .. حينها لم أسمع زامورا واحدا يعترض ، الجميع مندهش ، ويضحك ، بل يقهقه ، إلا أنا وهن .. فتحركت دافعا إياها ، ثم توقفت الى جانب الطريق ، وترجلت باتجاهها لأتحدث معها ، ولكن دون جدوى ، فقد كتبت رقم السيارة ، وما كان مني إلا الإتصال مع مديرية الأمن العام ، ورد علي الضابط المسئول في قسم الشكاوى ، مؤيدا لحديثي ، بالقول " أنا شخصيا أخجل أن تخرج فتاة لتتعرض لتلك المواقف " .
أنا لا أكتب هنا ، لاستعرض سيرة حياة ، بل لأشارك آلاف المواطنين الذين لا يرغبون بهذه الصور ، وهذا التشجيع لتمرد الفرد عن واقع حياته ، و جعله يستسهل كثير من الأمور التي قد لا يقبلها أصلا ، الهذا الحد هي حاجة المرأة للعمل .. ثم إن عمل المرأة هو بالضرورة بطالة للرجل ، وخاصة في هذا المجال ، خاصة إن مجتمعنا الذكوري ، هو المسئول الأول عن إعالة العائلة .
بعد فترة وجيزة ، سوف نرى شرطيات السير على ظهور الدراجات بعدما تخرجت دورات لهن ، وتقول المصادر ، إنهن سوف يلتحقن بقوات حفظ السلام المتواجدة في المناطق الملتهبة بالصراعات والحروب ، هذا إن لم يلتحقن فعلا .. فهل هذه صورة المرأة في بلدي ، وهل هذا هو المعيار الوحيد لرفع شأن المرأة ، ودفعها لأخذ دورها في المجتمع ؟ .. ومن هو المسئول عن دراسات النوع الاجتماعي ( الجيندر ) ، ومن يدفع باتجاه تحرر المرأة التام في مجتمع لا يزال يتكلم سواده الأعظم باللغة العربية ، ويدين بالديانات السماوية ، ولا يسمح بزواج المثليين ، ولا يرخص لدور الجنس .. وإذا كان تحرر الرجل أدى الى كوارث ، فكيف بنشمياتنا ، ستر الله عليهن وعلينا ، فهموني ، شاركوني هذه اللوثة التي ضربت دماغي .
Royal430@hotmail.com